لجأت الدول الغربية وغيرها في كسادها وحروبها إلى التدخل المباشر في العملية الاقتصادية رغم اقتصاد السوق المهمين لديهم ، وبذلك ازدهرت نظرية كينز في رسم سياسات الدولة الاقتصادية . بحيث وصلت إلى أن الدولة تصرف أموالاً على مشاريع لمجرد أنها وسيلة لدفع رواتب للعاطلين ليتسنى تحريك السوق المحلي والإنتاج وهذا ما حصل في أوروبا وأمريكا. لأنه وببساطة الرأسمالية (اقتصاد السوق) يؤدي عند انفلاته إلى تفاوت طبقي شديد ويستثمر فيه. إلى أن وصل إلى العولمة التي تعرف من قبل د. عبد الحي زلوم في كتابه (أزمة نظام ص38) (هي العملية التي تسعى لتحويل دول العالم إلى جمهوريات موز في خدمة الإمبراطورية الأمريكية وذلك عن طريق المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة الحرة والأمم المتحدة وعن طريق القوة العسكرية عند اللزوم). حيث تسعى كل رأسمالية إلى تصدير نموذجها وهذا ليس جديد.
لذلك فتدخّل البنك الدولي للحد من الفقر، عملياً لم نسمع صدى حقيقيا ولا نعتقد أنه يتقاطع مع شريكيه صندوق النقد الدولي و منظمة التجارة الحرة. ولذلك ما زالت مشكلة مكافحة الفقر في العراق تراوح إن لم نقل تتراجع رغم خطورتها الأمنية والسياسية والاجتماعية. لدرجة أنه وصل بنا الأمر بعد أن عجزنا عن تشغيل معاملنا منذ سبعينيات القرن الماضي لحد الآن سواء الحكومية أو الأهلية. فماذا كانت البدائل هي أن نتقاسم واردات النفط التي تشكل 95% من وارداتنا ولأن القنوات الأخرى أيضاً تراجعت سواء الزراعة أو البطاقة التموينية أو شبكة الحماية. لأن الزراعة هي المعني رقم واحد بالفقر حيث ينتشر في الريف بشكل مدقع. كما أن البطاقة تقلصت وغير منظمة ولم يبق لنا غير التقاسم المباشر. لإعادة هيكلة الصرف على الفقر مباشرة وهناك مقترح التيار الصدري لأنهم على مساس مباشر مع هذه الشريحة التاريخية بتوزيع الفائض من النفط المصروف على الميزانيتين التشغيلية والاستثمارية التي لا يرجى منها حسم موضوع الفقر حتى (2017) نهاية الخطة الخمسية القادمة. وما زال المشروع الصدري بين شد وجذب رغم خطورته. وهناك مقترح يقول بما أن النفط ملك لجميع العراقيين فإنه يطالب براتب (200 ألف دينار) لكل عراقي بلغ (18 عاما فما فوق ) وهذا المبلغ يغطي ثلث ميزانية ( 2012 ). كلا المقترحين أفرزته المفارقة الغريبة (دولة ثرية وشعب فقير) إن لم يكن فقير راتب فهو فقير خدمات تعليم صحة خدمات بلدية .... الخ) وبإمكان الحكومة تفعيل ضرائب الدخل على الشريحة الأعلى وسحب فائضها بسبب ملكيتهم هذه الحصة ولتكن أولاً بالدرجات الخاصة أو كالنظام في رفع التموينية في الذين لم تشملهم ضرائب الدخل بعد مراجعة آلياتها وأهدافها وتغير أوعيتها بما يتناسب مع خطورة المشروع كونه تضخميا، وتكليف مراكز البحث والجامعات بالمساعدة في المشروع هذا الوارد لمقترح في مجلة (قضايا إستراتجية) (ص 53 لسنة 2012 عدد / 1). ولا أتوقع النجاح لأي مشروع بدون أداة سياسية وإرادة فاعلة متفاعلة مثل أصحاب المشروع الأول. وألا نبقى جمهورية موز حلوب. لا تنفعنا الوصفات الدولية. وسوف لا تكون لدينا مشاريع زراعية أو صناعية بدون قوة شرائية حقيقية وتعرفة كمركية تحمي إنتاجنا، ولا يسهل تعبئة الناس من أيديهم التي توجههم حيث الفقر بنوعيه المطلق والمدقع، ونشتري إنتاجنا بنقودنا وتدور عجلة الإنتاج بشعب أبناه أصحاء. ولا يستطيع أحد أن يدعي أنه المنقذ ما لم يكن رائداً وقائداً لمثل هذه المحاولة الجريئة الجديدة. بعد فشل لا يحسدنا عليه عدو أو صديق.