ذي قار / حسين العامل
شهد مركز مدينة الناصرية انتشارا امنيا واسعا ومداهمات ليلية لدور عدد من الناشطين اسفرت عن اعتقال الناشط في مجال التطوع الإنساني انس ياسين الناصري، وذلك بالتزامن مع دعوة لتظاهرة سلمية لمناصرة المظلومين أطلقها عدد من المدونين على صفحات التواصل الاجتماعي.
وشهدت مناطق مركز مدينة الناصرية وميدان التظاهرات في ساحة الحبوبي وشارع النيل وحي الشهداء ومناطق واحياء أخرى حالة تأهب وانتشار كثيف لمفارز واليات محملة بعناصر الشرطة ومكافحة الشغب على مدى اليومين المنصرمين.
يأتي ذلك بالتزامن مع دعوة لمسيرة سلمية أطلقها عدد من ناشطي التظاهرات في الناصرية، اذ كتب الناشط كاظم الباش على مدونته الشخصية "غدا (الجمعة) مسيره سلميه حسب المادة 38 من الدستور تبدأ المسيرة من دائرة التقاعد الي ساحة الحبوبي، بانتظار حضوركم من أجل المظلومين"، وناشد الباش في دعوته التي تابعتها المدى جميع المحافظات الى مسانده الناصرية.
وعلى اثر تلك الدعوة أصدرت قيادة شرطة ذي قار تنويها يشترط استحصال الموافقات الرسمية على التظاهر وجاء فيه "تود قيادة شرطة محافظة ذي قـــار ان تنوه الى أبناء محافظتنا الكرام إلى ضرورة استحصال الموافقات القانونية والرسمية الخاصة بالتظاهر، بهدف ان تسير التظاهرة وفق السياقات القانونية المتبعة"، وأضافت "ليتسنى لنا توفير الأجواء الآمنة والملائمة والتعامل معها وفق الطرق القانونية، وخلاف ذلك لا نسمح بخرق القانون لأي سبب كان، لذا اقتضى التنويه".
وبالتزامن مع ذلك شنت مفارز من القوات الأمنية حملة مداهمات ليلية فجر يوم الجمعة على دور عدد من الناشطين اسفرت عن اعتقال الناشط انس ياسين الناصري الذي يعمل ضمن فريق انساني تطوعي يحمل اسم ٢٥ أكتوبر، وقال احد ناشطي التظاهرات للمدى ان "قوة امنية مشتركة داهمت دور 8 من ناشطي التظاهرات بعد بضعة ساعات من صدور منشور يدعو للتظاهر تضامنا مع عائلة الناشط احسان الهلالي ابو كوثر"، مبينا ان "من بين الدور التي جرت مداهماتها دار كل من الناشط كاظم الباش ، هشام السومري ، مهند الشمري ، قاسم العمدة ، كرار الوجاني ، انس الناصري واخرين".
وأشار المصدر الذي تتحفظ المدى على ذكر اسمه لأسباب تتعلق بسلامته الامنية ان " حملة المداهمات شملت ناشطين هم بالأساس لجأوا منذ عدة أشهر الى محافظات أخرى خشية من اعتقالهم"، مبينا ان "المداهمة اسفرت عن اعتقال الناشط انس ياسين الناصري في منزله بمدينة الصدر بالناصرية للمرة الثانية وذلك لنشاطه في التظاهرات"، مبينا ان الناصري يعمل ضمن فريق ٢٥ أكتوبر وهو فريق تطوعي في مجال تقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين والاسر الفقيرة".
ومن جانبها ترى أوساط المتظاهرين ان حملة المداهمات الليلية جاءت كإجراء امني للحيلولة دون انطلاق التظاهرات والحد من التحشيد لها، اذ كتب الناشط كاظم الباش ردا على بيان قيادة الشرطة التي تشترط استحصال الموافقات الرسمية قبل انطلاق التظاهرات ان " المادة 38 من الدستور العراقي الفقرة الثالثة لا تحتاج الي أخذ الموقفات على التظاهرات السلمي"، وأضاف ان "هذا الفقر كفلت حرية الاجتماع والتظاهر السلمي ونحن غداً نخرج وفق الدستور"، وختم الباش الذي تعرض منزله للمداهمة منشوره بالقول "التظاهر السلمي كفله الدستور العراقي - جمعة المظلومين سلمية سلمية سلمية". وقبيل حملة المداهمات أعلنت أوساط المتظاهرين تأجيل تظاهرة يوم الجمعة المعلن عنها سابقا، وذلك لأسباب تتعلق بإتاحة الفرصة للمساعي الاجتماعية والسياسية الهادفة لتسوية قضية الناشط احسان الهلالي وعدد من افراد اسرته المعتقلين. وفي حديث سابق للمدى كشف الناشط في تظاهرات الناصرية هشام السومري عن صدور 700 امر القاء قبض على ناشطين في تظاهرات الناصرية خلال الأشهر السبعة المنصرمة فقط".
ويجد السومري الذي تعرض منزله للمداهمة الاخيرة أيضا ان " ما يحصل من ملاحقات قضائية لمتظاهري تشرين بانه ناجم عن دعاوى كيدية الهدف منها تصفية حسابات سياسية للانتقام من الحركة الاحتجاجية"، مشيرا الى ان "أوامر القبض التي تصدر من القضاء بحق المتظاهرين معظمها تصدر بناء على شهادات شهود ليس لديهم شهادة عيانية او لا يمتلكون اية ادلة ملموسة".
ويرى السومري ان "استخدام الملاحقات القضائية والدعاوى الكيدية يهدف لإسكات المتظاهرين عن المطالبة بحقوقهم المشروعة".
وكانت أوساط سياسية وإعلامية في ذي قار كشفت (أواسط كانون الثاني 2025) عن ملاحقات امنية ودعاوى كيدية أرغمت العشرات من ناشطي التظاهرات الى التخفي والبحث عن ملاذات آمنة خشية من تعرضهم لمصير مماثل لما لاقاه البعض من اقرانهم في مراكز الاحتجاز. وكان مدونون وناشطون في مجال الدفاع عن حقوق الانسان أعربوا يوم (13 كانون الأول 2024) عن قلقهم إزاء ما تعرض له الناشط في تظاهرات الناصرية مرتضى البدري من تعذيب عقب اعتقاله من قبل احدى الجهات الأمنية في ذي قار، فيما طالب الضحية رئيس مجلس الوزراء ومدير جهاز الامن الوطني بفتح تحقيق بما تعرض له من تعذيب تسبب بشلل اطرافه السفلى والعليا. واثار الحكم الصادر يوم الاحد (13 نيسان 2025) من محكمة جنايات ذي قار والقاضي بالسجن 15 عاما على الناشط الأبرز في تظاهرات الناصرية احسان أبو كوثر حالة من الاستغراب بين أوساط المتظاهرين ومناصريهم، ففي الوقت الذي عده البعض من الناشطين تصفية حسابات للانتقام من الحركة الاحتجاجية، وصفته عائلة أبو كوثر بالمؤامرة لزرع الفتنة بين الصدريين والتشرينيين.
وفي تطور لاحق أفادت عائلة الناشط التشريني احسان الهلالي (أبو كوثر) وناشطون في مجال التظاهرات يوم (14 نيسان 2025) باعتقال الناشط احمد عودة الهلالي في محافظة السليمانية على يد قوة خاصة، فيما وصفت والدته ملاحقة افراد عائلتها من قبل القوات الأمنية بالمؤامرة، داعية وزير الداخلية لاعتقال المتورطين بمجزرة جسر الزيتون بدلا من ملاحقة أولادها وبقية المتظاهرين.
ويأتي اعتقال احمد الهلالي بالتزامن مع صدور حكم بالسجن لمدة 15 عاما على شقيقة احسان واعتقال شقيقة الأصغر عباس واعتقال وتعذيب والدهم قبل ذلك ببضعة أيام وصدور أوامر قبض بحق شقيقيه حسن وحسين، وهو ما وصفه المدونون على صفحات التواصل الاجتماعي بانها العائلة المظلومة التي تدفع ثمن مشاركتها بالتظاهرات المطلبية.