متابعة المدى
واصلت اسعار العقارات في العاصمة بغداد انخفاضها بشكل نسبي، فضلا عن توقفها في بعض المناطق، وهذا الأمر أرجعه متخصصون بالاقتصاد إلى علاقته المباشرة بتذبذب أسعار النفط وعدم إقرار الموازنة الاتحادية للعام الحالي، فضلا عن التحديات السياسية، وجميعها أدت لركود هذا السوق لعدم وجود ضمانات بما سيجري قريبا.
المتخصصون يرون أيضا، أن قرار البنك المركزي العراقي، القاضي بحصر معاملات البيع والشراء بالبنوك، أثر سلبا على سوق العقارات، جراء الصعوبات التي ستواجه البائع والمشتري، خاصة مع غياب الثقة بالنظام المصرفي العراقي.
وحول هذا الأمر، يقول الصحفي الاقتصادي أحمد عبد ربه، إن "الانخفاض الأخير في أسعار النفط العالمية والذي يُعد مصدر الدخل الأساسي للعراق، تسبب بخلق حالة من الحذر والقلق في السوق، خاصة وأن العوائد النفطية تؤثر بشكل مباشر على النشاط الاقتصادي العام، وحجم الإنفاق الحكومي في مشاريع الإسكان والبنية التحتية".
ويضيف أن "المشهد يزداد تعقيدًا مع استمرار غياب قانون موازنة 2025، ما يترك السوق العقارية بلا رؤية مالية واضحة، ويؤجل تنفيذ المشاريع الكبرى التي غالبًا ما ترتبط بالحركة العقارية، سواء من قبل الدولة أو القطاع الخاص".
وينوه، إلى أن "عدم إقرار الموازنة يترك أثرًا سلبيًا على تخصيصات المحافظات والاستثمارات المحلية، ويُعمق حالة الركود في مختلف القطاعات المرتبطة بالبناء والتشييد".
ولتجاوز مشكلة الانكماش العقاري، يقترح عبد ربه جملة من الإجراءات العاجلة والمرحلية، وأبرزها "إقرار موازنة 2025 في أقرب وقت ممكن، لضمان عودة النشاط الحكومي وتفعيل المشاريع العمرانية والخدمية، بما يحرك السوق العقاري بشكل غير مباشر، وخفض سعر الفائدة على القروض العقارية عبر التنسيق بين البنك المركزي والمصارف الحكومية والخاصة، لتسهيل تملك المواطنين للوحدات السكنية وتحفيز الاستثمار العقاري".
وشهدت أسعار النفط انخفاضا حادا، حيث لامست الـ60 دولارا، نتيجة لقرارات عديدة اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تخص الرسوم الجمركية، فضلا عن قرار أوبك+.
وإلى جانب هذا، فإن الموازنة الاتحادية لعام 2025، لم ترسل من الحكومة للبرلمان العراقي حتى الآن لغرض إقرارها، وغير معلوم تفاصيلها ونسبة العجز فيها.
كما كان البنك المركزي العراقي، قد أصدر في وقت سابق توجيهات إلى دائرة التسجيل العقاري تقضي بحظر بيع العقارات التي تتجاوز قيمتها 100 مليون دينار.
ووفقا لذلك لا يمكن بيع العقارات إلا عبر المصارف بهدف الحد من عمليات غسيل الأموال، حسب معاون مدير مكتب مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب التابع للبنك المركزي، الذي أكد أن القرار لم يأتِ بشكل مفاجئ أو عشوائي، بل هو نتاج دراسات وتجارب امتدت عامين كاملين، وتم وضع ستراتيجية منذ عام 2022، تضمنت تحديد سقف للبيوع العقارية من خلال المصارف بقيمة 500 مليون دينار، وتم اتخاذ قرار بتخفيض هذا السقف تدريجيا ليشمل فئات أكبر من البيوع العقارية.
من جانبه، يرى عضو مجلس النواب العراقي جمال كوجر، أن "التحديات السياسية الراهنة والتهديدات الخارجية والتلويح بإنخفاض اسعار النفط وراء تراجع بيع وشراء العقارات وإصابة هذا القطاع بالركود".
ويضيف، أن "أي اختلاف أو خلل في العلاقات الخارجية يؤثر بشكل مباشر على سوق العقارات بشكل خاص"، مبينا أن "عدم دفع سيولة مالية بيد المستثمرين كان أيضاً أحد اسباب انخفاض اسعار العقار".
وبلغت أسعار العقارات سابقا في بغداد، مستويات قياسية، قاربت عواصم دول كبرى، حتى بلغ سعر المتر المربع فيها أكثر من 5 آلاف دولار، في بعض المناطق، وكانت عمليات البيع والشراء تجري بشكل طبيعي.
من جانبه، يبين المدير التنفيذي لرابطة المصارف العراقية علي طارق، أنه "يجب ان يتم بيع وشراء العقارات من خلال المصارف".
ويؤكد أن "من شأن ذلك القضاء على أية عملية غسيل اموال، لأن أي شخص يشتري العقار سيطلب منه الكشف عن مصادر أمواله، فان كان هناك شخص يبلغ دخله الشهري مليون دينار ولا يمتلك إرثاً فهو غير قادر على شراء عقار يتجاوز سعره مئة مليون دينار".
وأسفر انخفاض الاسعار في العقارات الى تراجع عمليات البيع والشراء وهو ما انعكس بدوره على قطاع البناء، وبات عمال البناء يعملون بفترات متقطعة. ولم يتوقف التأثير هنا، بل مكاتب العقار تأثرت أيضا بالركود وأصبح اصحابها يقضون معظم اوقاتهم في احتساء الشاي وتبادل الأحاديث والقليل من العمل.
بعد قرار البنك المركزي.. سوق العقارات في بغداد يدخل مرحلة "سبات"

نشر في: 20 إبريل, 2025: 12:10 ص