TOP

جريدة المدى > اخبار وتقارير > “عكاز” : الغاز المنسي في صحراء الأنبار.. هل ينقذ العراق من صيفه اللاهب؟

“عكاز” : الغاز المنسي في صحراء الأنبار.. هل ينقذ العراق من صيفه اللاهب؟

نشر في: 20 إبريل, 2025: 02:47 م

 

المدى/خاص
بعد سنوات من الجمود والاضطرابات الأمنية، تعود الأنظار إلى صحراء الأنبار مجددًا، حيث يشكّل انطلاق أعمال تطوير حقل عكاز للغاز نقطة تحوّل حاسمة في مسار العراق الطاقوي، وبارقة أمل لقطاع الكهرباء المتهالك، الذي طالما أثقل كاهل المواطن خاصة في أشهر الصيف اللاهبة.

فمع توقيع عقد مع شركة يوكرزم ريسورس الأوكرانية، قد يكون العراق أخيرًا على وشك استثمار واحد من أكبر حقوله الغازية، بقدرات واعدة كفيلة بتقليص الاعتماد على الغاز المستورد من إيران، وتوفير وقود مستقر لمحطات الكهرباء.

هذا المشروع لا يعني فقط زيادة في إنتاج الغاز، بل يمثل خطوة استراتيجية لفك الارتباط التدريجي مع الاستيراد، وتدشين مرحلة جديدة تعتمد على استغلال الثروات الوطنية، في وقت تتضاعف فيه الحاجة إلى طاقة كهربائية موثوقة ومستقرة.

وقال الخبير في الشأن الاقتصادي طه الحنابي، خلال حديث لـ(المدى)، إن "توقيع عقد تطوير حقل عكاز للغاز في محافظة الأنبار يمثّل خطوة استراتيجية مهمة على أكثر من صعيد اقتصادي وطاقوي وأمني"، مؤكدًا أن "استثمار الحقل يمكن أن يسهم في إحداث تحوّل جوهري في منظومة الطاقة بالعراق".

وأوضح أن "أهمية المشروع تتجاوز كونه استثمارًا غازيًا تقليديًا، إذ إنه يمثل تحررًا تدريجيًا من الاعتماد على الغاز المستورد من إيران، وهو ما يوفّر للدولة ملايين الدولارات سنويًا ويمنحها هامشًا أكبر في إدارة ملف الطاقة بعيدًا عن الضغوط الإقليمية".

وأشار الجنابي إلى أن "ربط الحقل بمحطة كهرباء الأنبار ومحطة عكاز الغازية يتيح لأول مرة توليد طاقة كهربائية من موارد غازية محلية في المنطقة الغربية، ما يعزز استقرار الشبكة الوطنية ويقلل الخسائر الناتجة عن نقل الطاقة من المحافظات الجنوبية".

وأضاف أن "تطوير الحقل سينعكس إيجابًا على الواقع الاقتصادي في محافظة الأنبار من خلال خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة وتحفيز الاستثمارات في القطاعات المساندة مثل النقل والخدمات والمقاولا.

وبيّن الخبير الاقتصادي أن "المنطقة الغربية من العراق تحتوي على عشرات التراكيب الهيدروكاربونية الواعدة غير المستثمرة، وأن النجاح في تطوير حقل عكاز سيشجع شركات عالمية أخرى على دخول هذه المناطق"، مشددًا على "ضرورة تأمين الحقل وحماية المشروع من أي تهديدات محتملة لضمان استمراريته وتحقيق أهدافه ضمن الجدول الزمني المعلن".

ويشكّل تطوير حقل عكاز في محافظة الأنبار أحد أكبر التحولات في استراتيجية الطاقة العراقية. فهذا الحقل، الذي يُعد من أكبر الحقول الغازية في العراق باحتياطيات تصل إلى نحو 5.6 تريليون قدم مكعبة، كان حبيس التحديات الأمنية والتعقيدات الاستثمارية لعقد من الزمن، منذ توقيع أول عقد مع شركة كورية جنوبية عام 2010.

ويقع حقل عكاز في قلب صحراء الأنبار، على بعد 30 كم جنوب مدينة القائم المحاذية للحدود السورية، ورغم اكتشافه عام 1922، لم يُستثمر بالشكل المطلوب حتى اليوم. إلا أن الاتفاق الأخير، الذي أُبرم في 24 أبريل/نيسان 2024، بين وزارة النفط العراقية وشركة يوكرزم ريسورس الأوكرانية، يضع المشروع على مسار جديد نحو استثمار فعّال، يُعوّل عليه في تزويد محطات الكهرباء بالوقود، خاصة في محافظات الأنبار والوسط والجنوب.

وأهداف المشروع في المرحلة الأولى يتضمن إنتاج 100 مليون قدم مكعبة قياسية يوميًا خلال عام إلى عامين.

أما المرحلة الثانية تتضمن الوصول إلى 400 مليون قدم مكعبة يوميًا خلال 4 سنوات.

والاتفاق شمل أيضًا نقل التزامات شركة “كوغاز” الكورية إلى الشريك الأوكراني، بعد انسحاب الأولى بسبب سيطرة تنظيم داعش على المنطقة عام 2014، مما تسبب في توقف المشروع لعقد من الزمان.

وشهد الحقل اهتمامًا كبيرًا من شركات عالمية، من بينها “أرامكو” السعودية، التي أبدت رغبة في الاستثمار بسبب الامتدادات الجيولوجية المشتركة على الحدود. كما تنافست شركات أرمينية وأوكرانية على المشروع، إضافة إلى عروض من شركات روسية. غير أن وزارة النفط حرصت على تحقيق توازن في الشراكات الدولية، وتفادي منح امتيازات مفرطة لشركات تهيمن بالفعل على مشاريع في الجنوب.

وتشير بيانات وزارة النفط إلى وجود 29 تركيبًا هيدروكاربونيًا واعدًا في الأنبار، معظمها غني بالغاز، ويُعتقد أن المنطقة قد تكون ركيزة جديدة لاستقلال العراق الغازي، لا سيما مع تراجع إنتاج بعض الحقول في الجنوب.

هل يُنهي عكاز صيف العراق اللاهب؟
العراق اليوم على أعتاب لحظة حاسمة؛ فبينما يتجه إلى فصل صيف جديد يحمل معه توقعات متكررة لانقطاعات الكهرباء، فإن نجاح مشروع حقل عكاز قد يمثل طوق نجاة حقيقي. ليس فقط لتأمين الوقود لمحطات الكهرباء، بل لتحرير البلاد من الاعتماد على الغاز المستورد، وتثبيت دعائم سياسة طاقوية وطنية مستدامة.

الكرة باتت في ملعب التنفيذ، والمتابعة السياسية والرقابة الشعبية ستكونان مفتاحًا لضمان أن لا يُضاف عكاز إلى سلسلة المشاريع المؤجلة، بل أن يتحول إلى نموذج جديد للاستثمار الجاد والثروة المُفعّلة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق منارات

الأكثر قراءة

الحكم بسجن الرئيس الموريتاني السابق 15 عاماً

السوداني: لا خطط لإقامة سلام مع "إسرائيل".. سنحصر السلاح بيد الدولة

5 انتصارات و3 تعادلات بالدوري الممتاز

ريال مدريد يتعاقد مع هويسن

الصدر يشكك بمشروع "الديانة الإبراهيمية" ويضع 6 شروط لإثبات "حسن النوايا"

مقالات ذات صلة

قرارات مجلس الوزراء: عيدية للأيتام وإصلاحات جمركية وقرارات إسكانية

قرارات مجلس الوزراء: عيدية للأيتام وإصلاحات جمركية وقرارات إسكانية

بغداد/ المدى أعلنت الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني، اليوم الثلاثاء، نجاح جهودها في احتضان مؤتمر القمة العربية ببغداد السبت الماضي، فيما أصدرت جملة قرارات خاصة بالسكن الزراعي والطاقة، وقررت منح عيدية للأيتام بمناسبة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram