أربيل / سوزان طاهر
بعد أكثر من ستة أشهر من الجمود السياسي الذي أعقب الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان، بدأت ملامح انفراجة تلوح في الأفق، مع إعلان توصل الحزبين الكرديين الرئيسيين، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، إلى مسودة اتفاق لتشكيل الحكومة الجديدة.
ويأتي هذا التطور بعد سلسلة من الاجتماعات الفنية والسياسية المكثفة عقدها الحزبان الكبيران في الإقليم، في مسعى لتجاوز الانقسام الذي شل مؤسسات الحكم، وعطل عمل البرلمان.
ويشهد إقليم كردستان أزمة سياسية مستمرة منذ الانتخابات الأخيرة، حيث تعثرت مفاوضات تشكيل الحكومة بين الحزبين الرئيسيين.
وحول ملف تشكيل الكابينة الجديدة لحكومة إقليم كردستان اكد رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني خلال تصريحات متلفزة أن "المهم في هذه العملية هي المسودة التي وصلنا الى الاتفاق بشأنها، ونامل أن نخرج من المفاوضات بتشكيل حكومة خدمية تعمل لمصلحة المواطنين وتكون احسن من مثيلاتها في السابق".
نقاط الخلاف
إلى ذلك أكد عضو الاتحاد الوطني الكردستاني صالح فقي أن، الحوارات بين الحزبين وصلت لمرحلة متقدمة، ولم يبق إلا الاتفاق على عدة نقاط.
وبين في حديثه لـ(المدى) أشار إلى أن "اللجان المشتركة هيأت ورقة الاتفاق، وستتم المصادقة عليها من قيادة الحزبين، وهنالك اتفاق على تصفير جميع المشاكل والخلافات، قبل البدء بعقد جلسات البرلمان، وتسمية المناصب".
وأضاف أن "الأهم من حسم المناصب، هو الاتفاق على شكل الحكومة المقبلة، وضرورة أن يكون للاتحاد الوطني دور، لا أن تكون مشاركتنا لمجرد المشاركة فقط".
الاستحقاق الانتخابي
من جانب آخر يشير القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبين سلام إلى حسم جميع المناصب الرئيسية في الإقليم، بعد تأكد مشاركة الحزبين الرئيسين في الحكومة، ومقاطعة أحزاب المعارضة.
ولفت خلال حديثه لـ(المدى) إلى أن "الديمقراطي أبدى تعاوناً كبيراً في سبيل الانتهاء من أزمة تشكيل حكومة الإقليم، لآن المواطن هو المتضرر من التأخير، وليس من المنطقي إبقاء جلسة البرلمان الأولى مفتوحة".
وذكر أن "المناصب لن تكون عثرة في تقدم المفاوضات، بل كان الخلاف على قضايا رئيسية كانت محطة خلافات كبيرة بين الحزبين، طوال السنوات الماضية، ولهذا كانت اللجنة التفاوضية داخل الحزبين، تريد إنجاز الاتفاق، الذي سيعتبر بمثابة خارطة طريق لأربع سنوات قادمة".
وأردف أن "الأهم أن تتم مراعاة الاستحقاق الانتخابي لكل حزب، وهذا الأمر معمول به في كل دول العالم، وأن توزع المناصب بحسب ما حصل عليه كل حزب من مقاعد برلمانية".
وكانت وسائل إعلام أكدت حسم اتفاق الحزبين للمناصب الرئيسية داخل الإقليم، حيث سيحصل الديمقراطي على منصبي رئاسة الإقليم والحكومة، بالإضافة إلى منصب نائب رئيس البرلمان.
فيما سيحصل الاتحاد الوطني الكردستاني على مناصب رئاسة برلمان كردستان، ونائب رئيس الإقليم والحكومة، و8 وزارات، وعدد من المؤسسات الأخرى في كردستان.
وشهد البرلمان بدورته السادسة انعقاد جلسته الأولى في مطلع كانون الأول/ديسمبر 2024، والتي تضمنت تأدية اليمين القانونية لأعضائه، وإبقاء الجلسة مفتوحة بسبب عدم حسم المناصب الرئيسة في الإقليم.
تركيبة الحكومة
من جهة أخرى يرى الباحث في الشأن السياسي نوازد لطيف إلى أن ملف تشكيل حكومة إقليم قد تم حسمه، وبات في مراحله النهائية.
وأوضح في حديثه لـ(المدى) إلى أن "تركيبة حكومة إقليم كردستان ستشهد مشاركة من الحزبين الرئيسين، بالإضافة إلى نواب المكونات من التركمان والمسيحيين، ونواب كتل أخرى، بينهم التغيير، وتحالف كردستان".
وتابع أن "الأحزاب الإسلامية بالإضافة إلى حراك الجيل الجديد وتيار الموقف سيقاطعون حكومة الإقليم المقبلة، وبالتالي فإن توزيع المناصب لن يكون مشكلة، لآن المناصب ستقتصر على الحزبين، مع بعض المناطق التي ستمنح لممثلي المكونات، من بينها منصب سكرتارية برلمان الإقليم".
وينتظر أن تسهم هذه التفاهمات في إعادة ترتيب البيت الكردي، وسط ضغوط داخلية للإصلاح، وخارجية تتعلق بعلاقات الإقليم مع بغداد، والملفات العالقة مثل الموازنة، ورواتب الموظفين، وإدارة الملف النفطي.
وشدد رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد على أهمية الإسراع في تشكيل حكومة إقليم كردستان لتقوم بدورها في تقديم الخدمات للمواطنين، ومواجهة التحديات والتطورات الإقليمية والدولية.
وعبّر رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني عن دعمه للإسراع في تشكيل الحكومة، مشددا على أن الهدف يجب أن يكون خدمة المواطن، لا اقتسام الامتيازات السياسية.
وفي تصريحات له على هامش مشاركته في ملتقى السليمانية، أشار بارزاني إلى أن الخلافات حول تشكيل الحكومة ليست كبيرة، لكنه جدد التأكيد على ضرورة احترام الاستحقاق الانتخابي في توزيع المناصب، وهو ما يعكس تمسك حزبه، الفائز الأكبر في الانتخابات الأخيرة، بموقعه التفاوضي المتقدم.