ترجمة / حامد أحمد
نقلت صحيفة، كريستيان ساينس مونيتور Christian Science Monitor، الأميركية عن مسؤولين ومحللين عراقيين قولهم ان نجاح المفاوضات الجارية بين اميركا وطهران من جهة والتي تجري بين تركيا ومجموعة حزب العمال الكردستاني من جهة أخرى ستكون بمصلحة العراق وكذلك إقليم كردستان مع الأمل بوضع نهاية لحقبة زمنية استخدمت فيها أرض البلد لحسم صراعات بين أطراف وجماعات إقليمية ودولية.
وتشير الصحيفة الى ان العراق وعلى الصعيد المحلي يتمتع حاليا باستقرار حكومي وخدمي وهو يمر بمرحلة تعافي من جروح ومصاعب خلفتها سنوات طويلة من الحرب مع داعش. ولكن هذا الاستقرار النسبي قد يزداد ترسيخا وديمومة أو قد يتأثر سلبا اعتمادا على نتائج وحصيلة مباحثات إقليمية ودولية لحل خلافات بينهم لها تأثير مباشر على البلد.
رئيس تيار الحكمة الوطني، عمار الحكيم، قال في حديث للصحيفة "العراق سيكون أول المنتفعين من أي تطور إيجابي في العلاقات ما بين الولايات المتحدة وإيران، وكذلك سيكون أول من يعاني من أي توتر بينهما".
ومع كون تهديدات الحرب مرهونة بمباحثات إدارة ترامب مع إيران، فان تبعاتها عميقة جدا في العراق الذي تتواجد فيه كل من القواعد الأميركية ومجاميع الفصائل المسلحة المدعومة من إيران.
وتذكر الصحيفة انه خلال السنتين الماضيتين استخدمت الفصائل المسلحة العراق كقاعدة لشن هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة ضد قواعد أميركية واهداف في إسرائيل، التي استدعت بالمقابل توجيه الولايات المتحدة ضربات عسكرية ردا عليها.
من جانب آخر يقول مراقبون ومسؤولون إن العراق هو أصلا يشعر بتنامي آثار التوترات الأميركية الإيرانية. مشيرين الى ان العراق يعتمد على إيران في سد احتياجاته من الطاقة الكهربائية. سابقا كانت الولايات المتحدة تمنح العراق استثناءات من العقوبات التي تفرضها واشنطن على إيران، أما الان وتحت حملة اقصى ضغوط إدارة ترامب، فان هذه الاستثناءات انتهت وتوقفت في شباط. الان يواجه العراق ازمة محتملة بالطاقة الكهربائية مع حلول فصل الصيف.
ويشير التقرير الى انه في حال التوصل الى اتفاقية بين واشنطن وطهران فإن ذلك سيسمح للعراق باستئناف استيراداته للطاقة من إيران وعبرها، وان تدفق النقود الى إيران سيساعد أيضا بتعزيز التبادل التجاري بين العراق وجارته التي تعد شريكه التجاري الأضخم. وهذا يوضح سبب ترحيب الحكومة العراقية بالمباحثات ودفعها لأذرعها الدبلوماسية على نحو خاص مع حلفائها الرئيسيين في واشنطن وطهران اللذان تتصادم مصالحهما ونفوذهما في العراق.
وكان العراق قد رحب هذا الاسبوع بالتقدم الحاصل في المباحثات الأميركية الإيرانية، مع تعبير وزير خارجية العراق عن أمله من ان المباحثات "ستخفف من حدة التوترات وبناء الثقة بين الجانبين، بما يصب في مصلحة الشعوب ويعزز الامن والسلام".
رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، خاطب الحضور الأربعاء في ملتقى السليمانية الدولي، قائلا "بفضل علاقاتنا المتميزة مع الطرفين فان العراق قد أخذ بزمام المبادرة لتشجيع التفاوض والتفاهم كبدائل عن التوترات التي تضر بالاستقرار الإقليمي".
وتقول الصحيفة الأميركية في تقريرها إن العراق يتمتع الان في الداخل بمستوى من الاستقرار والخدمات لم يشهد لها مثيل منذ عقدين، فحركة الاعمار والبناء مزدهرة في بغداد وإقليم كردستان ومحافظات أخرى عبر البلاد. وان حكومة رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، قد نفذت وعودها على نحو كبير لتعزيز الخدمات الأساسية والبنى التحتية، حتى ان قسما من المعترضين اقروا بأن معدل نمو الجانب الاقتصادي غير النفطي وصل الى نسبة 5% خلال العام 2024.
عمار الحكيم، علق على هذا الموضوع بقوله "السنتان الماضيتان كانتا بمثابة مرحلة تعافي، وهي مرحلة ما بين عدم استقرار وبين مرحلة استقرار دائم. الناس شعرت أخيرا بالارتياح، العراق كان قد عانى كثير من المصاعب خلال العقدين الماضيين، وهو غير مستعد لتحمل مصاعب إضافية. "في حال اندلع صراع ما بين الولايات المتحدة وإيران".
وأضاف الحكيم بقوله "لهذا السبب فان العراق يحاول تحسين العلاقات وتهدئة الأزمات والبحث عن حلول ويشجع الطرفين للحوار مع بعضهما".
أما الجانب الإقليمي الآخر الذي يأمل العراقيون تحقيق تقدم فيه هو بدء مباحثات السلام غير المباشرة بين تركيا ومجموعة مسلحي حزب العمال الكردستاني الباكاكا.
رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، رحب الأربعاء خلال ملتقى السليمانية بهذه الخطوة من المباحثات واصفا إياها بأنها " فرصة تاريخية".
وكان رئيس تركيا، رجب طيب اردوغان، قد التقى في العاشر من نيسان الحالي بالحزب الكردي الرئيسي في البلاد وذلك للمرة الأولى منذ عام 2012 في محاولة منه للتوصل الى وضع نهاية لأربعة عقود من القتال ما بين انقرة وحزب العمال الكردستاني الباكاكا. وفي شباط دعا زعيم حزب العمال الكردستاني اتباعه لوضع السلاح.
وأضاف رئيس إقليم كردستان، نيجرفان بارزاني، خلال حديثه في ملتقى السليمانية "نحن نشهد تطورات تحدث تسهل إحلال السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني. نرحب بهذه العملية. وهي فرصة لتعزيز الاستقرار في المنطقة".
وكما هو الحال مع المواجهات بين الولايات المتحدة وإيران، فان الجيش التركي والمجاميع التابعة لمسلحي حزب العمال الكردستاني قد حولوا مساحة واسعة من أراضي إقليم كردستان الى ساحة قتال بينهما تسببت بهجرة ونزوح مئات من المدنيين من قراهم في الإقليم. وكانت آخر غارات جوية تركية ضد مواقع لحزب العمال الكردستاني في كردستان قد وقعت في تشرين الأول 2024.
محمد حسين، محلل اقتصادي وسياسي من إقليم كردستان، قال حول هذا الموضوع " كثير من الموارد هدرت وانفقت بسبب هذا الصراع، هناك اناس مدنيين قد فقدوا مصادر معيشتهم وهناك آبار نفطية معرضة لتهديدات مباشرة".
وأضاف قائلا "اذا استمرت المباحثات التركية – الكردية بنوايا حسنة ونستطيع بالنهاية من حماية انفسنا من هذه المواجهات العسكرية، فان مردوداتها الإيجابية ستكون كبيرة للعراق وإقليم كردستان".
• عن كريستيان ساينس مونيتور