TOP

جريدة المدى > سياسية > "تريليونات تتبخر؟".. جدل واسع حول ودائع العراقيين في مصرفين حكوميين!

"تريليونات تتبخر؟".. جدل واسع حول ودائع العراقيين في مصرفين حكوميين!

نشر في: 23 إبريل, 2025: 12:05 ص

بغداد / محمد العبيدي
حالة من القلق والتساؤلات تسود الشارع العراقي بعد أحاديث نيابية عن تراجع كبير في أرصدة المصارف الحكومية، وتحديدًا الرشيد والرافدين، بشكل لا ينسجم مع حجم ودائع المواطنين، ما أعاد إلى الواجهة مخاوف قديمة بشأن مصير الأموال العامة وآليات الرقابة على المؤسسات المصرفية.
وكشف النائب في البرلمان، يوسف الكلابي، عن تراجع لافت في أرصدة هذه المصارف، ما اعتُبر مؤشرًا خطيرًا يستدعي الوقوف عنده، حيث أكد أن أرصدة مصرف الرشيد كانت في وقت سابق تصل إلى 6 تريليونات دينار، إلا أن الرصيد الحالي لا يتجاوز 300 مليار دينار فقط"، مضيفًا أن "مصرف الرافدين، الذي كان يحتفظ بودائع تقدر بـ27 تريليون دينار، لم يتبقَّ لديه الآن سوى نحو 3 تريليونات".
ويأتي ذلك في وقت تواجه فيه الحكومة تحديات مزدوجة، تتمثل في التزاماتها المتزايدة ضمن موازنة توسعية ثلاثية السنوات، وضغوط سياسية وشعبية لإنجاز مشاريع خدمية كانت مؤجلة أو متعثرة.
وبينما تعوّل السلطة التنفيذية على تأمين إيرادات بديلة عبر تفعيل الجباية وزيادة الاستثمار، يرى خبراء أن أي تأخير في معالجة فجوة العجز أو تعديل المسارات المالية قد ينعكس سلبًا على استقرار الاقتصاد، ويعيد شبح الاقتراض الداخلي أو تقليص الإنفاق العام إلى الواجهة.
وتعرضت الحسابات المالية لموازنة 2025 لهزة غير متوقعة بعد الهبوط السريع في أسعار النفط العالمية، والتي تراجعت إلى حدود 60 دولاراً للبرميل، رغم أن التقديرات الرسمية بنيت على أساس سعر 70 دولاراً، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات جدية حول قدرة الدولة على تغطية نفقاتها، وسط تحذيرات من اتساع فجوة العجز المالي.
خطأ في إدارة الموارد
بدوره، أكد الخبير في الشأن الاقتصادي، دريد العنزي، أن "سحب الأموال من المصارف الحكومية، وإن لم يكن بالحجم المتداول في بعض التصريحات، إلا أنه حصل فعلاً، وهو ما يمثل خطأً في إدارة الموارد يجب التوقف عنده".
وأضاف العنزي في حديث لـ(المدى)، أن "اللجوء إلى هذا الخيار يحمل في طياته مخاطر كبيرة على الاستقرار المالي، ويجب التعامل معه كإجراء استثنائي لا يُبنى عليه مستقبلاً"، مشددًا على أن "الحل الأمثل يكمن في تفعيل الإيرادات غير النفطية، وتعزيز الاستفادة من مبيعات النفط ضمن الإطار الرسمي، بدلًا من الاعتماد على ودائع المواطنين التي تشكل قاعدة الثقة بالنظام المصرفي".
ورغم الضغوط المالية المتزايدة على الدولة، يرى مختصون أن اللجوء إلى ودائع المواطنين في المصارف الحكومية لا يمثل حلاً مستداماً، بل يفتح الباب أمام أزمة ثقة تهدد النظام المصرفي برمّته، باعتبار أن الودائع تمثل أموالاً شخصية وحقوقاً مؤجلة، ويُفترض أن تبقى بمنأى عن أي استخدامات طارئة أو تمويل للعجز.
ما البدائل؟
ويرى اقتصاديون أن البدائل متوفرة، ويمكن اللجوء إليها بدلًا من استنزاف ودائع المواطنين، مثل إعادة هيكلة الإنفاق العام، وتفعيل الإيرادات غير النفطية، وتحسين كفاءة الجباية، إلى جانب الإفادة من ارتفاع نسبي في مبيعات النفط، ولو بسعر أقل، عبر إدارة مالية أكثر انضباطًا.
من جهته، نفى مصدر مسؤول في وزارة المالية، صحة الأرقام المتداولة بشأن سحب تريليونات الدنانير من ودائع مصرفي الرافدين والرشيد، كما ورد في تصريحات النائب يوسف الكلابي.
وقال المصدر، في حديث لـ(المدى)، إن "ما تم تداوله لا يعكس الواقع بدقة، إذ لم يتم سحب تلك الكميات من الأموال، والمصارف ما زالت تحتفظ بجزء كبير من سيولتها"، مؤكدًا أن "الحكومة ملتزمة بالحفاظ على أموال المودعين، ولا تسمح باستخدامها لتغطية أي عجز مالي خارج الإطار القانوني".
وأشار إلى أن "البيانات المالية تخضع لرقابة مشددة من ديوان الرقابة المالية والبنك المركزي، وأي حركة للأموال تتم وفق سياقات قانونية واضحة وشفافة".
أزمة العجز
ويخشى مراقبون من أن استمرار هذا التأخير في إقرار الموازنة قد يفاقم أزمة العجز، خصوصا مع انكماش الإيرادات وتزايد الضغوط الدولية على العراق في ملف النفط، وبينما يترقب الشارع إجراءات عملية لضبط النفقات وتعزيز الموارد، لا تزال الأطر القانونية والمالية عالقة في انتظار توافقات سياسية.
من جانبه، اعتبر الباحث الاقتصادي، بلال خليفة، أن ما قامت به الحكومة من سحب للأموال هو إجراء متوقّع، مرجّحًا أن الخطوة المقبلة قد تكون السحب من الخزينة الاستراتيجية من العملة الصعبة، نتيجة الانخفاض الحاد في أسعار النفط.
وأوضح خليفة لـ(المدى) أن "الموازنة بُنيت على سعر يتراوح بين 70 إلى 75 دولاراً للبرميل، ومع ذلك كانت تتضمن عجزاً بحدود 60 تريليون دينار، ما يعني أن حجم الصرف لا يتناسب أساساً مع الإيرادات النفطية الحالية".
وأضاف أن "العراق رغم بيعه اليومي للنفط بما يقارب 3 ملايين و200 ألف برميل، فإن الهبوط إلى مستوى 60 دولاراً للبرميل، يخفض الإيرادات اليومية إلى ما دون 200 مليون دولار، وهذا لا يكفي لتغطية الإنفاق القائم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

مقالات ذات صلة

لأول مرة بعد الانتخابات…
سياسية

لأول مرة بعد الانتخابات… "الإطار" يتسلّم "قائمة مرشّقة" لمرشحي رئاسة الحكومة

بغداد/ تميم الحسن للمرة الأولى منذ قرابة شهر، يتلقى "الإطار التنسيقي" قائمة شبه نهائية بأسماء المرشحين لمنصب رئيس الحكومة المقبلة. ورغم هذا التطور، لا تزال الافتراضات بشأن موعد حسم مرشح رئاسة الوزراء غامضة، مع...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram