تركز معاناة الأسر العراقية التي لديها أطفال رضع على بتوفير حليب الأطفال بعد ان غابت فقرتها في مفردات الحصة التموينية قبل أكثر من عام، الأمر الذي ساهم بشكل مباشر في ارتفاع سعرها في الأسواق المحلية وعدم تمكن اغلب الأسر من اقتنائها، ما يعرض الأطفال إلى أخطار كثيرة تؤثر بشكل سلبي على تكوين عظامهم وتوفير المناعة الذاتية مع سوء التغذية.
تجتهد والدة الطفل الرضيع حسين لتوفير حليبه الطبي، في ظل الحالة المعيشية المتوسطة التي لا تسمح بشراء حليب الأطفال له، فوالده يعمل حارسا لإحدى البنايات وراتبه الشهري لا يتعدى 150 ألف دينار"125 دولاراً". من جهتها منعت أميرة صبيح "ربة بيت" أطفالها الصغار من شرب الحليب بسبب غلاء ثمنه، مشيرة الى ان كيس الحليب "500 جرام" يكفيهم لثلاثة أيام فقط ولعدم تمكنها من شرائه قررت الاستغناء عنه، مناشدة الجهات المعنية توفيره بأسعار مناسبة تستطيع الأسرة العراقية ان تشتريه دون ان يثقل كاهلها. وترى سعاد داود"موظفة" أن" الأسرة التي لديها أطفال وإمكانياتها المالية محدودة، لن تستطع تحمل ارتفاع الأسعار، اذ أن كيس الحليب يبلغ ثمنه 3500 دينار"3 دولارات" وتحتاج الأسرة منه على الأقل ثمانية أكياس شهريا، ناهيك عن باقي الاحتياجات الأخرى. من جهة أخرى، أكدت ناهدة راضي التي تعمل في روضة للأطفال، أن" الأمهات يحضرن مع أطفالهن قنان لشرب الحليب مخلوطة بقطع البسكويت لتكون وجبة غذائية كافية بإضافة كمية من الماء إلى الحليب". ويقول وليد نوري وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية أن" ثمن علبة حليب الأطفال بمختلف أنواعه يتراوح بين 3 ­ 6 دولارات ، علماً بأن الطفل الرضيع يحتاج شهريا الىً ما لا يقل عن ثماني علب من الحليب.. لافتاً إلى ان هذه الأنواع من الحليب كانت توزع مع مواد الحصة التموينية سابقا المدعومة من قبل الدولة إلا أننا لم نتسلمها مع باقي المواد منذ عام ونصف". وتساءل نوري :"لماذا تم حجب توزيع حليب الأطفال عن الحصة التموينية والتي تعتمد عليها غالبية العوائل محدودة الدخل؟". ويرى حسنين مرتضى،اخصائي كيميائي، أن الحليب لا يتناوله الأطفال الصغار فقط، بل حتى الشباب والنساء والمسنين، والمرضى، فهو مادة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها. وأضاف: "يعتبر الحليب أفضل مصدر للكالسيوم في النظام الغذائي من حيث الجودة والقيمة البيولوجية للجسم، ويحتوي على الكربوهيدرات والدهون التي تعد كمصدر جيد لبعض الأحماض الأساسية للجسم، كما أنه يحتوي على جميع الفيتامينات تقريبا وعلى الأملاح المعدنية كالفوسفات والبوتاسيوم والصوديوم". وأشار الى أن "عدم تناوله، وتحديدا من قبل الأطفال وصغار السن، يؤدي إلى حدوث الكثير من الاضطرابات الصحية، إضافة إلى الإصابة بالضعف العام وسوء التغذية". وارتفعت معدلات الوفيات بين الأطفال دون سن الخامسة بسبب سوء التغذية وتؤكد منتهى سعيد"طبيبة أطفال" أن "سوء التغذية لدى الأطفال في العراق ارتفع بشكل كبير، ويرجع ذلك إلى سوء استخدام الموارد المتاحة، ناهيك عن الغلاء المعيشي وقلة فرص العمل والبطالة وفقدان المعيل التي خفضت بشكل كبير المعدلات الشرائية لدى الأسرة العراقية، وبالتالي قل استهلاكها لمادة البروتين وكذلك للحليب ونقص الحديد، الأمر الذي يؤثر بدوره على نقص وزن الطفل عند ولادته فيولد وهو بحاجة إلى حليب طبي يستخدم لعلاج الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد والإسهال المزمن نتيجة شرب مياه غير صحية". وأشارت الى أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية لا يموتون عادة من الجوع، بل من الإسهال الذي يصابون به.
أسعار حليب الأطفال ترهق كاهل العراقيين
نشر في: 21 فبراير, 2011: 06:20 م