بغداد / محمد العبيدي
على وقع الاستعدادات المكثفة لخوض الاستحقاق الانتخابي، يتحرّك نواب وسياسيون في العراق لإغلاق الطريق أمام الجماعات المسلحة التي تستعد لدخول الانتخابات بواجهات حزبية، في محاولة لترسيخ نفوذها في المشهد النيابي كما حصل في دورات سابقة. وأطلق عدد من النواب تحرّكًا سياسيًا يستهدف تفعيل قانون الأحزاب، وفرض معاييره القانونية في وجه الجماعات التي تمتلك أجنحة مسلّحة، تمهيدًا لمنع مشاركتها في الانتخابات البرلمانية المقبلة، المقررة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر، وذلك لضمان بيئة انتخابية أكثر توازنًا.
تحرك نيابي
وقال النائب كاظم الفياض في تصريح صحفي، إنّ "الحراك الذي تتبناه قوى وطنية متعددة يركز على ضرورة تطبيق قانون الأحزاب بصورة صحيحة، من خلال منع أي جهة تمتلك جناحًا مسلحًا من خوض الانتخابات، لأن ذلك يُفقد العملية الانتخابية نزاهتها ويخرق القانون". وأوضح أن "القانون مشرع منذ نحو عشر سنوات، لكن لم يتم تنفيذه بشكل كامل، الأمر الذي سمح لأطراف مسلّحة بالدخول إلى البرلمان ومجالس المحافظات، بل واستخدام رمزية السلاح كجزء من دعايتها الانتخابية"، مضيفًا: "سنعمل خلال الفترة المقبلة على استضافة مسؤولي دائرة شؤون الأحزاب لمساءلتهم بشأن هذا الملف، والضغط باتجاه منع أي تهديد يمسّ إرادة الناخبين".
ورغم القوانين التي تحظر مشاركة الأحزاب المرتبطة بأجنحة مسلّحة، إلا أن مراقبين يرون أن تلك القوى ما تزال تحتفظ بنفوذ مزدوج، سياسي وعسكري، يجعل من استبعادها أمرًا بالغ الصعوبة. وتواجه المفوضية العليا للانتخابات في العراق تحديات متصاعدة في فرض الضوابط القانونية المتعلقة بمنع مشاركة الجماعات المسلحة في العملية الانتخابية. ورغم وجود نصوص قانونية واضحة تحظر على الأحزاب السياسية امتلاك أجنحة عسكرية، إلا أن قدرة المفوضية على تطبيق هذه القواعد ظلت محدودة، في ظل ضعف أدوات الرقابة وتداخل النفوذ السياسي مع المسار الانتخابي.
مجهر المفوضية
بدوره، أكد رئيس الفريق الإعلامي لمفوضية الانتخابات عماد جميل أن "المفوضية تتعامل حاليًا مع الأشخاص الذين لا ينتمون إلى فصائل مسلحة، وكذلك المنتمين إلى وزارتي الداخلية أو الدفاع، "موضحًا أن "المفوضية تعمل وفقًا للقانون الذي يمنع تشكيل أحزاب من قبل القوى الأمنية أو الفصائل المسلحة".
وأضاف لـ(المدى) أن "المفوضية لا تختص بتشخيص ما إذا كان شخص ما ينتمي إلى فصيل مسلح، بل تقوم بتسجيل الأحزاب التي تستوفي الشروط، وفي حال تبين لاحقًا أن حزبًا مسجلًا يرتبط بفصيل مسلح، فإن المفوضية ستتخذ الإجراءات القانونية المنصوص عليها". وتلجأ الفصائل المسلحة إلى ستراتيجيات دقيقة لتجاوز الحظر المفروض عليها، من خلال تأسيس كيانات سياسية بواجهات مدنية تحمل أسماءً جديدة لا توحي بانتمائها للفصائل الأصلية، وهو نهج يهدف إلى إعادة تدوير الوجود العسكري في المجال السياسي، دون أن يُواجه بعوائق قانونية مباشرة، مستفيدًا من الثغرات القائمة في تطبيق قانون الأحزاب، ومن البيئة السياسية التي تفتقر إلى الإرادة الحاسمة لمعالجة هذا الملف.
تنافس غير متكافئ
وفي ذات السياق، دعا رئيس تجمع "كفى" السياسي، النائب السابق رحيم الدراجي، إلى ضرورة منع أي جهة تحمل السلاح من المشاركة في الانتخابات المقبلة، مؤكدًا أهمية تطبيق قانون الأحزاب بصورة صحيحة وواضحة، لمنع الكيانات المسلحة من التأثير على مسار العملية الانتخابية، وضمان نزاهتها وعدالتها. وبيّن في تصريح له، أن "الكثير من الأطراف التي تحمل السلاح ولديها أجنحة مسلّحة تعمل على استغلال سلاحها ونفوذها في أي عمل انتخابي، من خلال عمليات الترهيب والترغيب، وهذا يمسُّ نزاهة وعدالة العملية الانتخابية، ولهذا يجب منع مشاركة تلك الجهات عبر التطبيق الصحيح لقانون الأحزاب، الذي أكد وشدد على منع تلك الجهات". من جهته، رأى المختص في الشأن الانتخابي، أحمد العبيدي، أن الإشكال لا يقتصر فقط على خرق القانون بوجود جماعات مسلحة ضمن السباق الانتخابي، بل يتعداه إلى إرباك المزاج الانتخابي لدى شريحة الناخبين المترددين، الذين يميلون إلى العزوف عند شعورهم بأن نتائج الانتخابات محسومة سلفًا لصالح قوى تمتلك النفوذ والسلاح".
انتخابات تحت ظل البنادق.. تحرك نيابي لمنع "الأحزاب المسلحة" من المشاركة في الانتخابات

نشر في: 24 إبريل, 2025: 12:06 ص









