المدى/بغداد
في خطوة أثارت غضبًا شعبيًا واسعًا، أقرّ البرلمان العراقي قانون العفو العام الذي فتح الباب أمام الإفراج عن مدانين بقضايا إرهاب، بالتزامن مع تمرير قانون يتيح تزويج القاصرات، ما دفع ناشطين لوصف ما جرى بـ"صفقة مقايضة فاضحة"، تُعيد البلاد لأزمنة الجاهلية وتشوه دور المؤسسة التشريعية
وقال الناشط شجاع الخفاجي إن "ما حدث لا يمكن فهمه إلا كنظام مقايضة بشع"، مشيرًا إلى أن "البرلمان ذو الأغلبية الشيعية سمح بخروج إرهابيين من السجن مقابل تمرير قانون يبيح زواج القاصرات".
وأضاف: "رجعنا لأيام الجاهلية وقريش، لما كانت البنية الصغيرة تُباع وتُشترى، والمرأة تُعامل كعبد، واليوم شفنا نفس الفكر يتكرر تحت قبة البرلمان، بنظام ‘شتشتريلي؟ أشتريلك؟".
وأكد الخفاجي أن "هذه المرحلة لن تُكتب في التاريخ بالحبر، بل بمياه المجاري، لأنها تعكس مستوى الانحدار السياسي والأخلاقي اللي وصلت له العملية التشريعية في العراق".
قانون العفو العام في العراق يُعد من أكثر القوانين إثارة للجدل، وسبق أن طُرح بعد عام 2003 كأداة لتصفية ملفات معينة أو ضمن تسويات سياسية.
في دورته الحالية، أقرّ البرلمان تعديلات على القانون تسمح بالإفراج عن بعض المدانين بقضايا “الإرهاب” بدعوى وجود "شكوك بالأدلة"، أو بسبب "ضغوط سياسية واجتماعية"، ما أثار ردود فعل غاضبة من ذوي الضحايا ومنظمات حقوق الإنسان، خصوصًا مع ما يُقال عن تسييس القضاء وغياب الضمانات الحقيقية للعدالة.
رغم توقيع العراق على اتفاقيات دولية تحظر تزويج من هنّ دون سن الـ18، يعيد البرلمان بين فترة وأخرى طرح مشاريع قوانين تفتح الباب أمام تزويج القاصرات تحت مسميات "الزواج الشرعي"، أو "برضا الولي الشرعي".
هذه المحاولات تلقى دعمًا من كتل دينية محافظة، وتُواجه برفض واسع من منظمات المجتمع المدني وناشطي حقوق المرأة، الذين يعتبرونها تكريسًا لثقافة التمييز ضد المرأة، وانتهاكًا صارخًا لحقوق الطفولة.
القانون الأصلي
قانون العفو العام رقم (27) لسنة 2016، أُقرّ في مجلس النواب بتاريخ 25 آب/أغسطس 2016، ودخل حيز التنفيذ في اليوم نفسه.
التعديل الثاني
في 2 كانون الأول/ديسمبر 2024، صوّت مجلس النواب العراقي على التعديل الثاني للقانون، الذي تضمن توسيعًا في فئات المشمولين بالعفو، بما في ذلك بعض المدانين بقضايا الإرهاب، شريطة توفر شروط معينة مثل التنازل عن الشكوى أو تسديد الأموال المختلسة.
التنفيذ
دخل التعديل الثاني حيز التنفيذ في 30 كانون الثاني/يناير 2025، بعد توجيه رئيس مجلس القضاء الأعلى بالعمل به.
أما القانون الأصلي لقانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959، الذي حدد سن الزواج القانوني بـ18 عامًا. 
التعديل المقترح
في 4 آب/أغسطس 2024، أنهى البرلمان العراقي القراءة الأولى لمشروع تعديل يسمح للمرجعيات الدينية بتنظيم شؤون الزواج، بما في ذلك تحديد سن الزواج، مما قد يفتح الباب أمام تزويج القاصرات دون سن 18 عامًا.
الجدل
أثار التعديل المقترح جدلاً واسعًا، حيث اعتبره ناشطون ومنظمات حقوقية انتهاكًا لحقوق الطفولة والمرأة، وتراجعًا عن الالتزامات الدولية للعراق في مجال حقوق الإنسان.