TOP

جريدة المدى > عام > "البند الأبوي".. عن مشكلات الهوية والتباينات الثقافية والمواطنة

"البند الأبوي".. عن مشكلات الهوية والتباينات الثقافية والمواطنة

نشر في: 28 إبريل, 2025: 12:01 ص

علاء المفرجي
فعل الابن ما أُمر به. طوال حياته، حان وقت تغيير ذلك، فكّر وهو يُمسك بقلم. لم يكتب أن هذه ستكون آخر مرة يقيم فيها والده هنا. لم يكتب أنه يريد كسر شرط الأب. بدلًا من ذلك، كتب: مرحبًا يا أبي. أتمنى أن تكون رحلتك قد سعدت.
جدّ يعيش في الخارج يعود إلى وطنه لزيارة أبنائه البالغين. الابن فاشل. الابنة تُنجب طفلًا من الرجل الخطأ. الجد وحده هو المثالي - على الأقل، حسب رأيه.
لكن على مدار عشرة أيام مُرهقة، تتكشف العلاقات وتعود الذكريات المؤلمة إلى الظهور. يواجه الجد ماضيه. تواجه الابنة خيارًا مستحيلًا. يحاول الابن تحرير نفسه. لا بد من تغيير شيء ما. بموجب اتفاقية عائلية قديمة، حافظ الجد على إقامته السويدية بالمجيء للإقامة مع ابنه كل ستة أشهر. هل يُمكن إعادة التفاوض على هذا الشرط، أم أنه سيُقيّد العائلة بماضيها إلى الأبد؟
من خلال سلسلة من وجهات النظر المتغيرة بسرعة، يستحضر يوناس حسن خميري في رواية "البند الابوي" الصادرة عن دار المدى بترجمة حسام إبراهيم، صورة حميمة لعائلة فوضوية وطبيعية تمامًا، جُرحت بشدة بسبب وفاة طفل واختفاء الأب.
والبند الأبوي عمل أدبي للكاتب السويدي من أصل تونسي يونس حسن خميري، صدرت عام 2019. تتناول الرواية قصة عائلة سويدية من أصول مهاجرة، حيث يعود الجد المقيم في الخارج لزيارة أولاده البالغين. تتوالى الأحداث خلال عشرة أيام مكثفة، تكشف عن العلاقات المعقدة والذكريات المؤلمة التي تعيد تشكيل حياة أفراد العائلة.​
تبدأ الرواية بعودة الجد إلى السويد، حيث يلتقي بأبنائه: الابن الذي يشعر بالفشل، والابنة التي تواجه تحديات في حياتها الشخصية. من خلال منظور متعدد الأصوات، تستعرض الرواية صراعات الهوية، والذاكرة، والأبوة، والتوقعات الثقافية. تتسارع الأحداث لتكشف عن ماضي العائلة المخبأ، وتطرح تساؤلات حول إمكانية كسر القيود المفروضة من "البند الأبوي" الذي يربط أفراد العائلة.​
يتميز خميري بأسلوب سردي مبتكر، حيث يستخدم تقنيات متعددة مثل تعدد الأصوات، والتلاعب بالزمن، واللغة الرمزية. تسهم هذه الأساليب في خلق تجربة قراءة غنية ومعقدة، تعكس التوترات الداخلية والخارجية التي يواجهها الأفراد في مجتمع متعدد الثقافات.​
حصلت الرواية على جائزة "ميديسيس للرواية الأجنبية" لعام 2021، مما يعكس تقدير النقاد والجمهور لأدب خميري الفريد.​
تتناول الرواية مشكلات الهوية والتباينات الثقافية والمواطنة لهؤلاء الذين وفدوا من بلدان أخرى ولم تنته معاناتهم حتى بالحصول على جنسية السويد أو غيرها من البلدان الأوروبية، ومن ثم فإن الكاتب يجهر حتى في مقابلاته الصحفية بأسئلة مثل: ما معنى السويدي الأصيل وكيف يكون هذا السويدي الأصيل وما الصعوبات التي تعيق اندماج المهاجرين وكيف يكون الاندماج في عالم يتسم بالعولمة وهل يمكن خلق هوية بعيدا عن الأنماط المعتادة؟
ومؤلف هذه الرواية الذي ولد عام 1978 في ستوكهولم لأب تونسي الأصل وأم سويدية، مهموم بقضايا المهاجرين وإشكاليات اللاجئين منذ روايته الأولى "عين حمراء" التي صدرت عام 2003، وتحولت إلى فيلم سينمائي، ويعد من أهم الأصوات الأدبية في أوروبا.
ومع كاتب سويدي من أصول مهاجرة وتدخل إشكاليات وقضايا الهوية ونقد البنية الذهنية لمجتمعه الذي يصعب عليه قبول الآخر، فإننا نرى تلك الإشكاليات بمنظور جديد، ونختبر مصداقية مقولات مثل: الهوية ليست مجرد الوعي وانما هي أيضا اللاوعي، ليست المعلن وحده وإنما هي كذلك المكبوت، ليست المتحقق وحده وإنما هي كذلك المشروع الآخذ في التحقق أو الفشل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

سوريا تعلن دمج الوحدات العسكرية كافة ضمن وزارة الدفاع

ريال مدريد يتعاقد مع هويسن

ترامب: سأتصل ببوتين لوقف "حمام الدم"

(المدى) تنشر نص "إعلان بغداد

السوداني يطلق "العهد العربي" للإصلاح الاقتصادي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

صفقة فاوستية بين الانسان والذكاء الاصطناعي، لمن ستكون الغلبة؟
عام

صفقة فاوستية بين الانسان والذكاء الاصطناعي، لمن ستكون الغلبة؟

لطفية الدليمي يتناول راي كيرزويل Ray Kurzweil، الباحث ذو الشهرة العالمية في ميدان الذكاء الإصطناعي، في كتابه المنشور مع نهاية عام 2025 بعنوان رئيسي المتفرّدة أقرب The Singularity is Nearer مع عنوان ثانوي: عندما...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram