TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: محنة السودان

العمود الثامن: محنة السودان

نشر في: 28 إبريل, 2025: 12:06 ص

 علي حسين

أفضل وأغنى رواية عن السودان، تركها لنا مواطن اسمه الطيب صالح ولد في قرية تسمى دبة الفقراء، وأتعس رواية عن خراب الأمم يتركها لنا كل يوم مواطن يحمل جواز سفر بريطاني اسمه ابراهيم الجعفري.. وأعتذر مقدمًا عن المقارنة بين عبقرية الإخلاص للوطن، وبين سراق أحلام الناس ومستقبلهم .
رسم لنا الطيب صالح صورة للسودان لا نزال نتمعن بها وكأنها لوحة من لوحات فناني عصر النهضة، لم يتوسل الشهرة في بلاد تقلبت ذات اليمين وذات اليسار حتى استولى عليها "العبد المؤمن" عمر البشير، ثم سيطرت عليها فيالق العسكر الذين ما ان جلسوا على كرسي الحكم حتى "لحسوا" كل وعودهم بإقامة دولة مدنية غايتها العدل والرفاهية لجميع المواطنين
كان الخيار الاول للشعب السوداني بعد الاطاخة بالبشير عام 2019 ، اقامة الدولة المدنية، فقد جرب السودانيون حكم الرئيس المؤمن الذي كان يقف بنفسه ليردّ على المنظمات الدولية التي اعترضت على جلد فتاة سودانية لأنها ارتدت البنطلون.
وضع الطيب صالح السودان على خريطة الأدب العالمي، بروايات ساحرة تحاول أن تجمع بين الثقافات، بينما يصر قادة السودان الآن على وضعها على خارطة الدم والدمار، وبدلا من ان يحققوا احلام المواطن السوداني في حياة طبيعية، قرروا الاطاحة بالحكومة المدنية ومطاردة اعضائها، واتهامهم بالخيانة.. تخيل جنابك ان العسكر الذين خطفوا ثورة السودانيين يصرون على ان ما يجري هو مؤامرة ضدهم، وان هناك قوى دولية تريد الاطاحة بالديمقراطية والرفاهية التي انتشرت في ربوع السودان خلال حكم عبد الفتاح البرهان الذي لايزال يوهم العالم انه رئيس انتقالي، رغم أن هذه المرحلة الانتقالية راح ضحيتها عشرات الآلاف من القتلى، وملايين النازحين، وبدلاً من ان يتحمل قادة السودان المسؤولية، خرجوا على الناس يصرخون ان السبب دولة الامارات العربية.. هل هناك مأساة اكبر من ان تحاول خداع الناس؟، في العراق عشنا مع ساسة المؤامرات الذين سرقوا اموال الدولة، لكنهم في الفضائيات يتهمون العالم بالتآمر على تجربتهم الديمقراطية.
صحيح ان الامارات تدخلت وبقوة في السودان، ولكن من الجانب الانساني، فالمساعدات التي قدمتها الامارات الى السودان تعد الأكبر، منذ سنوات والمساعدات الاماراتية تتدفق على بلاد الطيب صالح ، مئات الملايين من الدولارات، جسر جوي تجاوز المئة وسبعين طائرة حملت الغذاؤ والدواء، مدارس ومستشفيات للاجئين من ابناء السودان. في الوقت الذي لم يقدم فيه العسكر لمواطنيهم سوى القتل والتهجير وخطابات لا تختلف عن خطابات عمر البشير.
نتذكرالطيب صاح وتلك الجواهر من الأعمال التي زيّن بها الأدب العربي والتي تذكرنا دومًا بأن السودان يستحق منا وقفة تضامن أوسع وأعمق وهو يتعرض إلى محنة بسبب حرب الكراسي، واصرار قادة الجيش على ان العالم يتأمر على منجزاتهم الكبيرة !!.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram