TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مجرد كلام: ديمقراطية.. على الهامش

مجرد كلام: ديمقراطية.. على الهامش

نشر في: 29 إبريل, 2025: 12:04 ص

عدوية الهلالي

في فيلم (الجانب البعيد عن العالم)، يدور حوار عنيف على متن سفينة حربية بين الكابتن جاك اوبروي وهو من محبي الانضباط والنظام، وصديقه الدكتور ستيفن ماتورين الذي يميل الى التساهل والحرية حول التوازن الصحيح بين الحرية والنظام فيصرخ الكابتن أوبروي بغضب: "يجب أن تُحكم الشعوب! في كثير من الأحيان ليس بحكمة، ولكن مع ذلك تُحكم. " ويرد الطبيب بازدراء: "إنه عذر كل طغاة التاريخ من نيرون إلى بونابرت".
ولأننا شعب اعتاد ان تحكمه سلطة دكتاتورية فقد راوده حلم مشروع بأن يحظى بديمقراطية وتغيير حقيقي وان تكون له دولة قوية بما يكفي لتكون فعالة،وقادرة على معالجة مختلف التحديات الداخلية ومواجهة التدخلات الخارجية. وقد اقتنعنا وقتها بأن انتخابات ديمقراطية واحدة قد تكون بمثابة بداية لمثل هذا التغيير، لكن البلاد ظلت عالقة في فخ قيود "المحاصصة الطائفية"،لذا فإن التقدم لم يحدث إلا على الهامش...
لقد أدى هذا النظام إلى تسميم الحياة السياسية منذ عام 2003، واتضح من ذلك أن الإصلاح التشريعي،لايكفي لإنتاج أو خلق الظروف اللازمة للتغيير في العراق، فالتقسيم العرقي والطائفي للسلطة يعارض أي إصلاح في الدولة ويهدد توازنها..ولايتعلق الأمر بإنكار أو التشكيك في الانتماءات الدينية أو القبلية أو العائلية التي لا يزال وسيظل العديد من العراقيين مرتبطين بها،بل يتعلق الأمر بتجاوزها من خلال تعلم كيفية العيش والتفكير والعمل معًا عندما يكون ذلك ضروريًا أو مفيدًا للصالح العام. إن التحدي كبير، والفجوة عميقة، فهل ستظل الانتخابات هي الحل مهما كانت نتائجها محبطة ووخيمة ولاتنبيء بتغيير إيجابي أم سنظل نعيشها دورة بعد دورة بتراجع واحباط واضحين وبمقاطعة ورفض أحيانا لمجرد ان نبقى شعبا تحكمه الديمقراطية؟!
في عام 1776، اعلن الرئيس الأمريكي جيفرسون استقلال الولايات المتحدة،، ووردت في اعلان الاستقلال فقرة جميلة يقول فيها: "نحن نؤمن بأن هذه الحقائق بديهية: وهي أن جميع البشر خلقوا متساوين؛ ومنحهم الخالق حقوقًا معينة غير قابلة للتصرف؛ ومن بين هذه الحقوق الحياة والحرية والسعي وراء السعادة". ولكن،من المؤسف أن التاريخ يخبرنا أن زعماء أغلب الدول فضلوا التعاسة واستمرار الحرب وفظائعها. فهل من المحتمل أن السياسيين خائفون على سعادة مواطنيهم لأن هذا من شأنه أن يؤدي إلى تقويض سلطتهم؟! يبدو إذن إن الخوف والخضوع يعززان قوة السلطات، ولهذا يحرص السياسيون على جعل المجتمعات خاضعة، خائفة، فقيرة وحزينة وفي بحث دائم عن الحرية والعدالة حتى لو كان ذلك من خلال ديمقراطية كاذبة!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: صنع في العراق

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram