حسين عبد الرازقتوالت في الأيام الماضية الكتابات التي تدعو المواطنين والفئات الاجتماعية المختلفة خاصة العمال والموظفين إلى التوقف عن الإضرابات والتظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي يرفعون خلالها مطالبهم بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية وزيادة الأجور والمرتبات وربطها بالأسعار وتناسبها مع متطلبات المعيشة، وأصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة يوم الجمعة الماضي بيانا اعترض فيه على «قيام بعض الفئات بتفضيل مطالبها الفئوية وتنظيم الوقفات والاحتجاجات التي تسبب تعطيل المصالح وإيقاف عجلة الإنتاج وخلق ظروف اقتصادية حرجة،
مما يؤدي إلى تدهور اقتصاد البلاد»، وهدد بأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة «لن يسمح باستمرار تلك الممارسات غير المشروعة لما فيها من خطورة جسيمة على الوطن وستتم مجابهتها واتخاذ الإجراءات القانونية حيالها لحماية أمن الوطن والمواطنين».وبصرف النظر عن القلق الذي لابد من أن تشعر به القوى الديمقراطية في مصر من لهجة التهديد والوعيد ومصادرة حقوق أساسية من حقوق الإنسان التي لجأ إليها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فهناك حقائق يبدو أنها غائبة عن المجلس ومستشاريه.فالإضراب والتظاهرات والاعتصامات السلمية ضمن الحقوق الأساسية للإنسان المنصوص عليها في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان الذي شاركت مصر «في العهد الملكي» في صياغته وإصداره والالتزام به، ومنصوص عليها أيضا في الاتفاقية الدولية في شأن الحقوق المدنية والسياسية التي أصدرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 ديسمبر 1966 بعد 18 عاما من صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (صدر في 10 ديسمبر 1948) ، وقد صدقت مصر على هذه الاتفاقية، وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من البناء القانوني المصري ولها حجة أعلى من أي قانون آخر.والمطالب التي طرحها الجماعات والفئات التي أضربت أو نظمت وقفات احتجاجية أو تظاهرات سلمية في الأيام الماضية، مطالب مشروعة ومتواضعة للغاية وتم تجاهلها لسنوات وعقود.ومع ذلك فمن المقبول في ظروف معينة مطالبة أصحاب الحقوق بعدم ممارسة حقهم في الإضراب والتظاهر والاحتجاج وتأجيل المطالبة بحقوقهم، ولكن ليس بالتهديد والوعيد ورفع سيف قوانين مقيدة للحريات العامة وحقوق الإنسان، وإنما بإعلان واضح عن عزم المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تنفيذ حزمة من الإجراءات في فترة زمنية محددة تشمل:أولا: إلغاء القانون رقم 28 لسنة 1910 الذي يفرض العقاب على اتفاق شخصين أو أكثر حتى ولو كان اتفاقهم لتحقيق غاية مشروعة «إذا كان ارتكاب الجنايات أو الجنح من الوسائل التي لوحظت في الوصول إليه..»!والقانون رقم 10 لسنة 1914 والخاص بالتجمهر والذي أصدره خديوي مصر في 18 أكتوبر 1914 في ظل الحماية البريطانية ومازال ساريا حتى اليوم «وهو يفرض العقاب على اجتماع أكثر من خمسة أشخاص في الطريق العام إذا أمرهم رجال السلطة بأن يتفرقوا ولم يفعلوا.. ويكونون مسؤولين عن أي جريمة تحدث بمناسبة هذا التجمهر حتي لو لم يعلموا بها أو يتوقعوها..»! والقانون رقم 14 لسنة 1923 الخاص بالتجمعات والتظاهرات.ثانيا: إلغاء حالة الطوارئ المعلنة منذ 6 أكتوبر 1981.ثالثا: التأكيد على أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيصدر خلال الأشهر القليلة القادمة القرارات الآتية:- وضع حد أدنى للأجور (1200 أو 1500 جنيه) شهريا وحد أقصى لا يتجاوز عشرة أضعاف الحد الأدنى أو خمسة عشر ضعفا، ويتم تحريك الحد الأدنى طبقا للأسعار ونسب التضخم.- تقرير إعانة بطالة مناسبة.- فرض نظام للضرائب التصاعدية.- التحرك لاستعادة الثروات المنهوبة.وأظن أن تحقيق هذه البنود الثلاثة ستقنع كل الفئات والتجمعات بالامتناع الاختياري عن ممارسة حقها في الإضراب والتظاهر والاعتصام.
الحق في الإضراب والتظاهر والاعتصام
نشر في: 22 فبراير, 2011: 05:51 م