طالب عبد العزيز
عاود لسان الملح البحري الدخول الى شط العرب، وما هذه بالمرة الأولى ولا الأخيرة، فقد كان ضيفاً ثقيلاً في صيف العام 2018 أدى الى اندلاع تظاهرات عارمة في البصرة، امتدت الى مدن الوسط والجنوب، ولعله كان أحد أسباب الثورة العراقية في تشرين من العام ذاك، وواضح أنَّ الحكومة العراقية عاجزة بالتمام عن معالجته، لأسباب يعرف بعضها المواطن ويجهل الكثير منها.
كان مشروع محطة التحلية على البحر واحداً من الحلول التي تم طرحها في العام 2017 لصالح شركة باي ووتر البريطانية، ضمن القرض البريطاني، الذي ضل طريقه الى البصرة لأسباب ظلت تتقاذها الحكومات العراقية المتعاقبة منذ حكومة السيد العبادي مع وزارة الاعمار والإسكان في عهد وزيرها بنكين ريكاني الى اليوم، وهناك مخاطبات ومراسلات يمتدح فيها من يمتدح وينصح بها الشركة البريطانية ويذمُّ فيها من يذمُّ ويرفض، ثم تلقى باللائمة على مدير ماء البصرة مرة، وعلى مسؤولين آخرين، من دون الوصول الى نقطة الشروع والبدء بالعمل، فيما يكابد البصريون الامرين.
كان محافظ البصرة قد وقع مذكرة تفاهم في 23-12 2018 مع شركة (جاينه انيرجي) الصينية لتنفيذ محطتي تصفية وتحلية، في البصرة، وأن المشروع هذا سينجز خلال 10 أشهر. وفي 2024/03/17 وبحضور رئيس مجلس الوزراء محمد السوداني وقع محافظ البصرة أسعد العيداني عقداً مع شركتي (باور تشاينا والرضا) لإنشاء محطة تحلية ماء البحر،تنتج مليون متر مكعب من الماء يوميًا، باستخدام تقنية RO والتي سيستفيد منها حوالي أربعة ملايين مواطن خلال فترة إنجاز تصل إلى ثلاثين شهرًا. وكان رئيس مجلس الوزراء محمد السوداني قد خوّل محافظ البصرة بتوقيع عقد مع شركة شنغهاي الصينية لتحلية مياه البحر، يتضمن بناء محطة كهرباء بطاقة 3000 ميغا، ومعلوم أنَّ مسؤولين كبار سابقين ، وبأمر من لندن وربما من واشنطن أيضاً كان قد تدخل في وقت سابق لمنع التعاقد مع شركة شنغهاي الصينية لإنشاء محطة كهرباء و تحلية للمياه والإصرار على شركة باي ووتر البريطانية التي تحوم حولها شبهات فــساد .
واهم من يقول بأنَّ العراق يملك السيادة الكاملة على أرضه وسمائه واقتصاده! ولمن لا يعرف أسباب تأخير إنشاء محطة تحلية مياه البحر في البصرة نقول بأن حكومة لندن تفرض شركة باي ووتر على الحكومة العراقية، بوصفها الشركة الوحيدة التي من حقها إنشاء المشروع، والحكومات العراقية المتعاقبة، وعلى مختلف احزابها ومكوناتها غير قادرة على توقيع أي عقد مع أي شركة أخرى. ضمن هذه الدوامة السياسية المقيتة، ضمن هذا الخور والضعف في القرار (السيادي) العراقي مازال الحلم بماء يصلح للاستخدام البشري يلعب بأعصاب البصريين، منذ العام 2018 ومازالت مشاريع الماء تصفيةً وتحليةً تدور ملفاتها في أروقة الحكومة العرقية بين لندن وبيروت وبغداد والبصرة، دونما صيغة نهائية، فيما لسان الملح يتطاول ويصل أعالي المدينة، عابثاً بعشرات المشاريع الزراعية والحيوانية والصناعية، معطلاً حركة الحياة في مدينة يقطنها أكثر من أربعة مليون انسان.