بسام عبد الرزاق
اقام بيت المدى في شارع المتنبي، أمس الأول الجمعة، اصبوحة ثقافية لاستذكار للفنان والرائد المسرحي الكبير حقي الشبلي، ضيفت مجموعة من الاكاديميين والمهتمين بريادة الشبلي وتنوع مساهماته الفنية.
الجلسة التي ادارها الباحث رفعة عبد الرزاق، ذكر في مقدمتها التأسيسية ان "الشبلي الفنان المؤسس والرائد في المسرح والتمثيل العراقي ولعله هو الأول الذي اعطى الشرعية للتمثيل في العراق بعد ان كان التمثيل من المهن التي لا يعتد بها في المجتمع ولكن الشبلي بتأسيسه الرائع استطاع ان يجعل التمثيل ركنا من اركان النهضة الفنية في العراق". وأضاف، انه "إذا كانت هناك كلمة سريعة عن حياة هذا الرجل فاقول ان حقي رشيد الشبلاوي هكذا كان يلقب ابوه وكان ضابطا في الجيش العثماني ويرد اسمه في الكثير مما كتب عن تاريخ الجيش العراقي في العهد العثماني وعرفنا من مناصب ابيه انه كان مدير السجن العسكري في بغداد". وتابع، ان "الشبلي ولد في بغداد في 21 اذار عام 1913 وقد ذكر في لقاء تلفزيوني انه من منطقة جديد حسن باشا وهي منطقة كانت تظم كبار موظفي الدولة العراقية"، لافتا الى انه "كان يميل للتمثيل منذ فترة تعليمه الاولي وفي العشرينيات بدأ اسمه ينتشر هنا وهناك حتى عام 1927 عندما أسس فرقة مسرحية ربما هي الفرقة المسرحية الأولى بمواصفات الفر قة المسرحية واسماها الفرقة الوطنية التمثيلية، ولما بدأت الفرق الفنية العربية تصل بغداد ومنها فرقة فاطمة رشدي عام 1929 التصق بهذه الفرقة وحتى مثل معها بعض الأدوار المسرحية، واعجبت فاطمة رشدي به كثيرا واستدعته للقاهرة للدراسة ودخل معهدا مسرحيا كان يديره الفنان عزيز عيد وهو زوج فاطمة رشدي الأول". وأشار الى ان "الشبلي عاد الى العراق واسس عدة فرق مسرحية ثم في عام 1935 اختارته وزارة المعارف لان يكون طالب بعثة لدراسة المسرح في باريس وعاد الى بغداد قبيل اندلاع الحرب العالمية الثانية وعين مدرسا في معهد الفنون الجميلة وهو الذي أنشأ قسم التمثيل في هذا المعهد العتيد. وبعد سنوات أصبح عميدا للمعهد".
نقيب الفنانين السابق، صباح المندلاوي، قال ان "حقي الشبلي علم من اعلام المسرح العراقي، وهو من الرموز الساطعة التي تمر ذكراهم مرور الكرام، ومع الأسف لا وزارة الثقافة ولا نقابة الفنانين تقوم باستذكاره، ومرة واحد قام معهد الفنون الجميلة باستذكار الراحل حقي الشبلي وكان استذكارا بسيطا بسبب قلة الأموال".
وطالب المندلاوي من الرئاسات الثلاث ان يتم الاحتفاء برموز العراق وإصدار أفلام سينمائية ومسلسلات تهتم بتاريخهم وتحتفي بهم".
من جانبه، قال عميد كلية الفنون الجميلة السابق، د.عقيل مهدي، انه "يسعدني واتشرف بانه لأول مرة يصبح لدينا مسرحا جامعيا في العراق وأول مسرحية قدمناها في مسرح الفن الحديث من كتابتي واخراجي واسمه (حقي يفتح الستار لكم) كونه كان في المستشفى ويعاني من المرض وقلت سأقدمها قبل وفاته وفعلا جرى تقديمها وفرح حين سمع بالمسرحية".
وأضاف، ان "النبل الذي يملكه الشبلي ساهم بصناعة أساتذة لمعهد الفنون خاصة انه استفاد من اساتذته في فرنسا وكان أيضا يمتدح بعض المؤسسين المصريين للفرق المسرحية"، مبينا ان "حقي الشبلي وكنت أقدم مسرحية الضفادع واختيارها كان نوع من الإدانة للذين يتحدثون عن الحروب ويزعمون بمغزاها، فقال الراحل افتخر ان يقدم دكتور عقيل عمل الضفادع والاخرين ينحرفون الى الهاوية".
وذكر ان "الشبلي كان يميل الى النتاجات العالمية المعروف وملتزم بالقيم العالية ومات وهو لم يتزوج انما كان برفقة المسرح والنبل الإنساني الكبير".
بدوره ققال مؤرخ المسرح العراقي د.علي الربيعي، انه "اتحدث عن صفحات مجهولة من حياة الراحل حقي الشبلي، المولد في عام 1913 واسس اول فرقة مسرحية رسمية ذات نظام داخلي في 24/5/1927".
وتابع، ان "الشبلي انتظم ممثلا في فرقة مدرسة التفيض الاهلية ومن ثم عندما جاء جورج ابيض الى العراق في 2/10/1926اعتلى خشبة المسرح معه ممثلا بسيطا في مسرحية اوديب ومن ثم نشأ حبه للمسرح وتغلغل فيه وهو في عمر 14 سنة وتقدم بطلب الى وزارة الداخلية لتاسيس فرقة مسرحية وهذه الفرقة معها نظام داخلي والجدوى المالية ومن المؤسسين معه، عبد الله العزاوي وسليم بطي ومحمد بابان وفاضل عباس البهراوي واحمد حقي الحلي"، لافتا الى ان "هذه الفرقة تأسست ومن ثم قدمت اول عرض في 19/8/1927 واسمها جزاء الشهامة ومن ثم بدأت هذه الفرقة بتقديم مسرحياته".
وأكمل انه "بعد ان عاد الى بغداد من مصر أسس فرقة مسرحية مع الممثل المصري بشارة واكين ومن ثم بقي هذان الاثنان يقدمان المسرحيات في بغداد الى ان رحل حقي الى باريس للدراسة ومن ثم عاد الى بغداد عام 1933 وكتب مقالة في احدى الصحف يعلم فيها الحكومة بأهمية المسرح والدور التربوي للمسرح وعلى أساسه أسس فرع التمثيل والإخراج في معهد الموسيقى ليغير اسمه الى معهد الفنون الجميلة".
وبين انه "في الاربعينيات أقيم اول مهرجان مسرحي رسمي لمعهد الفنون الجميلة وافتتحت فيه قاعة الشعب وقدمت فيه مسرحية كليوباترا وثلاث مسرحيات أخرى، وكان الشبلي صاحب الفكرة الأولى لتأسيس اول فرقة مسرحية حكومية بمعنى الفرقة القومية للتمثيل عام 1945 وهي موثقة رسميا ونشر في احدى الصحف البغدادية، وأيضا كان صاحب فكرة تأسيس نقابة الفنانين"، مشيرا الى ان "مجلة البيان الكويتية خصصت عام 1985 عددا كاملا عن حقي الشبلي احتفاء به وهو ما لم تقم به أية مجلة عربية، في ان تخصص عددا كاملا من الغلاف الى الغلاف للاحتفاء بحقي الشبلي".
الفنان والأكاديمي د.حسين علي هارف، قال ان "حقي الشبلي اعده ليس رائدا بل مجموعة رواد كونه يمتلك ريادات متعددة لا في المسرح وحتى في السينما من خلال فيلم قاهرة بغداد الذي اسهم في كتابته ومثل فيه، وهو اول من درس المسرح واسس الفرقة وأول من ابتعث لدراسة المسرح وأول من أسس مصلحة السينما والمسرح".
وأضاف ان "المدهش أن نتحدث عن ريادات بعمر 14 سنة تأسيس فرقة بنظام داخلي مع مجموعة من نظرائه. هذا نبوغ وشغف كبير في ظل ظروف اجتماعية أراد ان يدفع حياته ثمنا"، مبينا ان "من المصادفات الجميلة انني مثلت دور حقي الشبلي ثلاث مرات مرتان في المسرح ومرة في التلفزيون، واهمها مسرحية في عام 1985 وعرضت المسرحية ومعنا محمد القيسي في أحد الأدوار والمسرحية صورت والذي اخرجها للتلفزيون المخرجة فردوس مدحت". واقترح علي هارف ان تعقد احتفاليات كبرى بمئويات الأساتذة الرواد "ورأيت معظم اساتذتنا إبراهيم جلال سامي عبد الحميد وبدري حسون فريد وجعفر السعدي جميعهم مواليدهم بين أعوام 1925 و1928، وأتمنى على مؤسسة المدى تبني هذه الاحتفاليات المئوية".
د. زهير البياتي قال ان "السنوات التي سبقت تأسي معهد الفنون الجميلة بمرحلتي الموسيقى وفيما بعد سمي معهد الفنون الجميلة، وهي كانت سنوات مليئة بالأعمال الفنية المتطورة وفيما بعد اخذت منحى مغاير وعراب هذه المرحلة فيما يخص المسرح هو حقي الشبلي".
وأضاف ان "الشبلي اخذ اسمه ليتوسع لانه كسب الحس الشعبي بالإضافة الى الرموز التي كانت تمثل السلطة آنذاك، واعتقد لقرب عمل والده مع السلطة كونه كان مسؤول مزارع الملك او نور السعيد، لذلك عندما أرسل الى مصر كان بتأثير هذا الجانب وكذلك عندما ذهب الى فرنسا والدلالة انه لم يأت بشهادة اكاديمية لكنه تقديرا له ولاطلاعه على اهم المدارس في فرنسا اتى وعين معاون لعميد معهد الفنون الجميلة".
وأشار الى ان "الشبلي أسس لمسرح جاد واستقطب الكثير من الطلاب بحيث أصبح هذا التقرب اليه شبه صراع بين مجموعات معينة، مجموعة إبراهيم جلال وسامي عبد الحميد ومجموعة جاسم العبودي، وأكثر الطلاب كانوا يتوجهون الى ما يدعو اليه إبراهيم جلال".
الأكاديمي حكمت داود ذكر انه "كان اللقاء الأول لي مع الراحل حقي الشبلي عام 1965 في مدينة الناصرية وكنا وقتذاك شباب يافعين وكانت فرقة التربية في الناصرية يديرها الراحل عزيز عبد الصاحب، واقل انت وعبد المطلب السنيد يجب ان تأتون لان حقي الشبلي جاء بزيارة الى الناصرين، والتقينا في مسرح ثانوية الناصرية وكنا نقف في الباب ونحمل وردا صناعيا قدمناه له وفرح بنا وقال أنتم الجيل الجديد". ونوه الى ان "الراحل حقي الشبلي لم يكن مهتما فقط بالمسرح الكبير والعام وكان مهتما بمسرح المحافظات والولايات، وكان هذا اللقاء مهم جدا كونه بدأ يسألنا عن نوع المسرح الذي شاهدناه وما الذي قرأناه من كتب، وأخبرنا بضرورة قراءة تاريخ المسرح العالمي، وكانت المحاضرة مهمة جدا"، مبينا انه "تمر الأيام وفي مهرجان قرطاج وانا ادرس في جامعة تونس والتقي حقي الشبلي خلال تكريمه في تونس، ويومها تقدمت اليه وأردت استعادة تذكيره بيّ وكان سعيدا".
في ختام الجلسة تحدث الطالب في كلية الفنون الجميلة مصطفى عادل محسن نجل الشاعر العراقي المعروف عادل محسن مخرج الفيلم التسجيلي عن الراحل حقي الشبلي، وذكر ان "الراحل حقي الشبلي من الشخصيات العراقية اللامعة والعلامات الفارقة التي أحببت ان ادرسها ويكون مشروع تخرجي عنه".
جميع التعليقات 1
أمير أمين
منذ 1 أسبوع
مرحبة ..في شهر آذار هذه السنة كتبت مقالا في موقع الحوار المتمدن عن الممثل والمخرج والفنان حقي الشبلي وكان بعنوان ..لذكرى عميد المسرح العراقي ..حقي الشبلي والمقال فيه معلومات مفيدة عن الشبلي وفنه حتى وفاته قبل اربعين عاماً في حزيران عام 1985 ..له المجد