منذ فترة طويلة كانت الكرة العراقية تترقب ملكاً جديداً يتوج بلقب اللاعب السوبر الذي يتميز عن اقرانه في الجوانب المهارية وسلاح التهديف ويقضّ مضاجع المدافعين على طراز عمو بابا وقاسم محمود وهشام عطا عجاج وكاظم وعل وفلاح حسن وحسين سعيد واحمد راضي وعلاء كاظم الى ان تسلم الراية عنهم السفاح يونس محمود وواصل مسيرة التألق منذ عام 1999 حتى الان قبيل ان يواجه نكوصاً في مستواه دفع ثمنه بجلوسه على دكة الاحتياط ثم المدرجات في مشهد يؤكد سنـّة الحياة "ان دوام الحال من المحال"!
وكالمعتاد ، لم تخذل الكرة العراقية أهلها يوماً ، فالملاعب التي انجبت ملوك المنتخبات الوطنية أبت إلا ان تطلق نجماً جديداً بامتياز لم يسبقه احد ممن ذكرت اسماؤهم ، حيث شقّ طريقه بتحدٍ كبير وانتزع قناعة احد اهم رجال الكرة في العالم المدرب البرازيلي زيكو من دون ان يلعب دقيقة واحدة في الدوري المحلي ، واضاف سَبقاً آخر لمسيرته المبكرة عندما اختارته اللجنة الفنية في الاتحاد الدولي لتاريخ واحصائيات كرة القدم ضمن خمسة لاعبين آسيويين للمنافسة على لقب اكثر لاعبي القارة شعبية.
أنه (سوبر الشباب) احمد ياسين صاحب الخلق الجمّ والأداء المتوازن والجهد العالي والغيرة الخالصة التي تذوب حرصاً ضمن وعاء مصلحة المنتخب الوطني في وقت واجه امتحاناً قاسياً مع مجموعة اللاعبين الشباب الذين راهن عليهم زيكو لاحتلال المقاعد الرئيسة في المنتخب بعد قراره المفاجىء باقصاء المحترفين من القائمة الرسمية في مواجهاته المونديالية.
تمعنوا في الاسماء المرشحة لنيل لقب الافضل في استفتاء الاتحاد الدولي لتاريخ واحصائيات كرة القدم تجدون ان جميعهم من الوزن الثقيل واقل لاعب فيهم لعب اكثر من 50 مباراة دولية مع منتخبات بلدانهم وهم : اللاعبان الايرانيان مهدي مهديفيكا وسيد مهدي رحماتي والسعوديان ياسر القحطاني ومحمد نور!
والانجاز الباهر الآخر ان ياسيناً دخل تنافساً عالمياً بنكهة (المكسب المعنوي) الى جوار كبار لاعبي العالم الذين تبلغ اوزانهم في معيار العقود ملايين الدولارات امثال الارجنتيني ميسي والبرتغالي رونالدو والبرازيلي نيمار والايطالي توتي ، ويحتل ياسين المركز 32 بينهم ما يعني ان هناك اهتماماً لافتاً بنجم منتخبنا على مستوى عالمي خطف في ظله الموافقة بالاجماع على ضمه ضمن كوكبة مشاهير الكرة في التاريخ لعام 2012.
ان من رأى احمد ياسين امام الاردن امس الاول الاثنين تبادر الى خياله انه كان يلبس طاقية الاخفاء امام دفاعات النشامى التي ترنحت عاجزة عن ايقاف اعصاره الهجومي حتى انه واجه ركلاً متعمداً من الدميري الذي خرج عن طوره بعد ان وجد نفسه لا يقوى على مراقبة ياسين والحد من خطورته.
اعتقد ان الفرصة مواتية لمدرب الطوارىء حكيم شاكر الذي وفـّق في مهمته حتى الآن لانجاح الجانب التكتيكي الفعّال بين احمد ياسين وحمادي احمد تناغماً مع (النكهة التدريبية الشهيرة) ايام عمو بابا وانور جسام واكرم سلمان بصناعة الثنائيات الجميلة للاعبي المقدمة والتي عززت مقومات الفوز واهدت منتخباتنا القاباً عربية وقارية مهمة طوال السنين الماضية ، فضلاً عن فرض الثنائية انطباعاً تفاؤلياً لدى جميع لاعبي المنتخب بان الحسم مرهون بمدى قربهما من بعض وحسن نهايتهما للهجمات المباغتة.
نتمنى ان يحافظ احمد ياسين على مزاياه النادرة في العصر الجديد ولا يمتطي صهوة الغرور في مشواره المقبل بالرغم من هالات الاعجاب ومقالات الثناء ومبادرات التكريم التي تحيطه ، فالاساس هو المحافظة على استقراره الذهني وعدم الجنوح نحو التعالي عن زملائه الذين يقفون وراء نجوميته وصعوده التدريجي نحو قمم الالقاب الشخصية في لعبة مستطيلها اخضر وحدودها الخارجية حمراء لمن لا يقدّر قيمتها ويتهور في الممنوع!