TOP

جريدة المدى > عام > موسيقى الاحد: عاما على وفاة جوزفين بيكر

موسيقى الاحد: عاما على وفاة جوزفين بيكر

نشر في: 11 مايو, 2025: 12:01 ص

ثائر صالح
تعود جذور الفن المسمى كاباريه إلى قرون ماضية. وهو عبارة عن فن ترفيهي انتشر في بعض الأماكن قد تكون كازينو أو ملهى أو حانة أو فندق أو الأماكن التي يقدم فيها الطعام والشراب، ربما كوسيلة لجذب الزبائن، عبر تقديم الأغاني والرقصات وشيء من فنون المسرح. لكن فن الكاباريه بمفهومه الحديث بدأ في 1881 عندما افتتح أشهر محل كاباريه القط الأسود في في مونمارتر، باريس، حيث أصبح المثال الذي سار عليه الفن المشابه في باقي الدول، مثل هولندا (1885) وألمانيا (1901) وغيرها من الدول لاحقا. ومميزات هذا الفن - عدا الرقص الاستعراضي والغناء - هي العروض الفكاهية الساخرة والتي تمتد حتى النقد السياسي والاجتماعي، وهو أمر نلمسه بشكل واضح في ألمانيا خلال جمهورية فايمار حتى 1933، عندما أصبح الكاباريه أحد وسائل الصراع مع النازية سواء عبر الاغنية السياسية أو الفكاهة وتعرية النازيين.
كانت جوزفين بيكر (1906 - 1975) واحدة من أشهر فنانات القرن العشرين ممن ارتبط اسمهن بفن الكاباريه، تركت وطن مولدها الولايات المتحدة إلى فرنسا سنة 1925 (أصبحت مواطنة فرنسية في 1937 وفقدت جنسيتها الأمريكية) حيث صعد نجمها وأصبحت بين أهم فنانات الكاباريه في فرنسا. خلال تلك الفترة قامت بيكر بجولات فنية في أوروبا وخارجها مما جعلها تتعرف على الفئات الحاكمة والمؤثرة والثرية في أوروبا.
لكن شهرتها لم تقتصر على الغناء والرقص والتمثيل وعروضها التي تميزت بالعري والإغراء، بل بسبب دورها كمخبرة في الاستخبارات العسكرية الفرنسية ومشاركة فعلية في المقاومة ضد النازية بعد احتلال فرنسا كذلك، فكانت قادرة على قيادة طائرات وحولت مسكنها الريفي إلى قاعدة للمقاومة واشتركت في تزوير الوثائق وتخزين الأسلحة.
برز كذلك نشاطها في حركة الحقوق المدنية للسود في الولايات المتحدة الأمريكية ومقاومة التمييز العنصري بعد الحرب على الخصوص، حتى اتهمت بالشيوعية في زمن المكارثية واضطرت إلى العودة إلى فرنسا ومنعت لعقد من السنين. ساهمت في النشاط من أجل الحقوق المدنية وكانت المرأة الوحيدة التي تحدثت إلى جانب مارتن لوثر كنغ في مظاهرة آذار 1968 الشهيرة في واشنطن.
وقد كافأتها فرنسا بوسام فارس في جوقة الشرف وصليب الحرب ووسام المقاومة بالنجمة، وأطلقت اسمها على محطة من محطات قطار الأنفاق في باريس، وأصبحت قبل بضعة سنوات أول امرأة سوداء تكرّم في البانثيون (نقل إليه نعش رمزي بينما بقي ضريحها في موناكو). وهي بالمناسبة حققت الصدارة في عدد من المجالات الأخرى كذلك، فكانت أول ممثلة سوداء في تاريخ السينما الأمريكية وأول مغنية سوداء تغني مع البيض في فريق مختلط في الولايات المتحدة، إذ جرت العادة على الفصل بين البيض و"الملونين" في كل المجالات.
إلى جانب الغناء الراقص الاستعراضي الذي قدمته بيكر، كان لها جانب آخر، فقد درست وتدرّبت على يد أساتذة غناء متخصصين من أجل إحياء وتقديم أوبرا جاك أوفنباخ "الخلاسية La créole" سنة 1934، وهي اوبرا هزلية ألفها اوفنباخ في 1875.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

بروتريه: فيصل السامر.. قامة شامخة علماً ووطنيةً

موسيقى الاحد: 250 عاماً على ولادة كروسيل

الحكّاء والسَّارد بين "مرآة العالم" و"حديث عيسى بن هشام"

في مجموعة (بُدْراب) القصصية.. سرد يعيد الاعتبار للإنسان ودهشة التفاصيل الصغيرة

شخصيات اغنت عصرنا.. الملاكم محمد علي كلاي

مقالات ذات صلة

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة
عام

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة

أدارت الحوار: ألكس كلارك* ترجمة: لطفية الدليمي يروى كتابُ مذكرات لي ييبي Lea Ypi ، الحائز على جائزة، والمعنون "حُرّة Free" تجربة نشأتها في ألبانيا قبل وبعد الحكم الشيوعي. أما كتابُها الجديد "الإهانة indignity"...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram