TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: بيل غيتس ودراويش بلاد الرافدين

العمود الثامن: بيل غيتس ودراويش بلاد الرافدين

نشر في: 11 مايو, 2025: 12:07 ص

 علي حسين

وأنا أبحث عن الأخبار في مواقع التواصل الاجتماعي قبل أيام قليلة قرأت خبراً مثيراً يقول ان الملياردير بيل غيتس تعهد بالتبرع بكل ثروته الشخصية خلال العقدين القادمين. وقال إن الناس الأشد فقرا بالعالم سيحصلون على نحو 200 مليار دولار عبر مؤسسته الخيرية. واضاف بيل غيتس: " لا يزال هناك القليل من المال المُخصّص للأطفال، وجزء منه، كما تعلمون، لن أضطر إلى إنفاقه على استهلاكي الشخصي" .
ولمن لا يعرف السيد بيل غيتس عملاق البرمجيات فان ثروته تبلغ 168 مليار دولار، بدأ في تكوينها منذ كان شاباً عندما اسس شركة "مايكروسوفت"، ، ثم تقدّم في مشاريعه الناجحة . ورغم بلوغه السبعين عاماً إلا أن بيل غيتس ماض في التبرع بكامل ثروته إلى المؤسسات الخيرية التي تعنى بتطوير التعليم والصحة ، حيث اطلق دعوة تحت عنوان "التعهد بالعطاء" التي طالبت المليارديرات الأمريكيين بأن يتبرعوا بنصف ثرواتهم للأعمال الإنسانية والخيرية.. وهي بالتأكيد نسخة طبق الأصل من حملة مليارديريينا الجدد "التعهد بالنهب" حيث استطاع مسؤولونا "الأكارم" وبنجاح منقطع النظير تحويل ثروات البلاد إلى جيوبهم الخاصة .
طبعاً، هناك فرق بين ثروة الأمريكي غيتس التي يتبرع بها وبين ثروات أغنيائنا الجدد الذين ينمون بها اقتصاد الدول التي يحملون جنسياتها من خلال حسابات سرية لا يعرفها إلا الراسخون في العلم، فالمليارات التي تبرع بها غيتس جاءته من استثمارات ومشاريع أقامها في بلدانه درت عليه الثروة، أما ثروات " دراويشنا " فقد جاءت من خطب رنانة ومناورة وانتهازية وفساد مالي، وشعارات طائفية.. ولهذا نحن نظلم أنفسنا إذا حاولنا أن نلبس ثوباً ليس ثوبنا، أو أن نحاول تقليد الامريكان " الكفرة " أو غيرهم، فنحن أمة علمت الناس القراءة والكتابة والفروسية وأيضا كيف يُنتهب مال المدارس والكهرباء والصحة والحصة التموينية في وضح النهار.
لا أتصور أن عاقلاً واحداً يمكن أن يطلب من أثريائنا الجدد أن يتبرعوا بجزء من غنائمهم للفقراء، أو أن يقرروا إنشاء صندوق لدعم الايتام .. فكيف تطلب من صاحب الثروة "الملفلفة" أن يفعل خيراً؟.. وكيف تطلب من مسؤول استغل وظيفته لمنفعته الشخصية أن يوقف مالاً من أجل أبناء جلدته؟!
ولهذا، نحن العراقيون نعرف جيداً غرض السيد بيل غيتس من تبرعه بهذه المليارات، إنها يا أعزائي مجرد رشوة انتخابية فهو يحلم في أن يصبح مثل سياسيينا، الذين لا يعرفون الطريق إلى الناس إلا أيام الانتخابات.
اللهم أنزل علينا رحمتك وعطفك واعفنا من أشباه بيل غيتس ، واجعلنا من المتيمين بحب محمود المشهداني صاحب نظرية المالات والحاج ابراهيم الجعفري ،الذي زودنا بالحكمة بدبلاً للتنمية والاستثمار وبغرائب القول بديلاً للصناعة والتعليم .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. احمد حسين

    منذ 1 شهر

    الاشخاص الذين مصدر ثرواتهم موضع شك، يفعلون المستحيل لكي لا يظهرون للعامة حجم ثروتهم. هل يستطيع السارق الحديث عن سرقاته؟

  2. sjar

    منذ 1 شهر

    آمين !

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

قناطر: الحرب التي تعنينا ولا تعنينا

العمود الثامن: البرلمان حين ينام !!

العمود الثامن: انتخبوا ائتلاف "لولانا" !!

العلاقات التجارية العراقية–التركية: بين توسّع التبادل وغياب التوازن

نموذج TADEO... مفتاح إصلاح التعليم الجامعي في العراق

العمود الثامن: الإلياذة العراقية

 علي حسين كان الرئيس الفرنسي الرحل فرنسوا ميتران يعشق قراءة الملحمة الإغريقية "الإلياذة" وقد أخبر ذات يوم رئيس الوزراء دبيير مورواو أن العالم لا يزال يعيش مفاجأة حصان طروادة. تروي لنا إلياذة هوميروس...
علي حسين

كلاكيت: تحولات السينما العراقية

 علاء المفرجي تاريخ السينما العراقية طويلٌ قياساً إلى مثيلاتها في باقي دول المنطقة، إذ إنّها لم تبدأ بالإنتاج إلاّ في منتصف أربعينيات القرن العشرين، والإنتاج الأول مُشتركٌ مع مصر. كما لم تستطع، منذ...
علاء المفرجي

تكريم ضروري، تكريم متأخر

علي بدر يقف فخري كريم، في تلك اللحظة، وهو يلقي نظرة على نصف قرن من المجازفة بالكلمة، فهو الآن شاب في الثمانين من عمره، يقف في القاعة التي احتضنت قمة الإعلام العربي في دورتها...
علي بدر

المحكمة الاتحادية العليا وموازنة 2025 -استقراء قانوني-

د. اسامة شهاب حمد الجعفري الموازنة العامة الاتحادية مسألة اجتماعية, مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمعيشة الجماهير, والتأخير في تشريعها يعني ازمة اجتماعية, ولطالما عانى المواطن العراقي من تلك الازمة دون وضع حد لتلك العادة السياسية....
د. اسامة شهاب حمد الجعفري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram