TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > حقّ العراقيين في التظاهر

حقّ العراقيين في التظاهر

نشر في: 23 فبراير, 2011: 04:43 م

زهير كاظم عبود كفل الدستور العراقي حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل ، كما حددت الفقرة ثالثا من المادة 38 منه حق الاجتماع والتظاهر السلمي ، وهذه الحقوق مع انها مضمونة ومكفولة دستوريا إلا أن تنظيمها وممارستها لاتتم إلا بقانون . وتعم المدن العراقية حالة من الأستياء والرفض الشعبي لمطالب مشروعة متعددة ، وهذه المطالب لم تف  بها لا الحكومات المحلية ولا الوزارات بالرغم من مرور مدد زمنية طويلة كفيلة بإنجاز ولو الحدود الدنيا من تلك المطالب التي سبقتها وعود وآمال وأحلام قدمتها النخب السياسية في سبيل فوزها بانتخابات محلية او نيابية ، لم يقبض منها المواطن العراقي سوى المزيد من الوعود او التباعد مع المسؤول .
الخدمات التي تتكفل بها الدولة غابت عن ضرورياتها ولجأت العديد من الوزارات الى الترقيع والترميم وهدر المال العام دون محاسبة ، والمواطن العراقي يسمع ويطالع ويشاهد تلك السرقات والهدر وضياع ملايين الدولارات من ثرواته النفطية دون ان يجد شارعا مبلطا او حديقة مزروعة بالورود او زاوية من زوايا الشوارع خالية من النفايات او رصيفا يمكن السير فوقه بأطمئنان دون حفر او مطبات ، او بيتا يغطيه سقفه بأمان ، او حيّاً من أحياء بغداد وبقية المحافظات والمدن العراقية خالية من الطين والتراب وطفح المجاري وانسدادها بوجه المستنقعات التي خلفتها مياه الأمطار . شوارع بائسة ومتربة يعلوها التراب منذ رحيل الطاغية وحتى اليوم حتى غلب لون الغبار على ألوان الأبنية والشوارع فاستحالت الحياة في مدن العراق الى لون التراب ، لايجد معها المواطن العراقي ان ابسط تلك الخدمات تؤديها تلك الدوائر المختصة بهذا الأمر ، فماهي مهمة المسؤول عنها ؟ وكيف يمكن ان تحاسبه الجماهير ؟ ولم نتعرف على مسؤول واحد كان قد فشل في اداء مهمته او حنث في القسم الذي اداه عند تسلمه الوظيفة العامة !! وعزل الموظف المذكور او احالته إلى التقاعد لا يجدي نفعا ولا يصحح الأخطاء وتراكم السلبيات بل سيمهد الطريق لمسؤول جديد يأخذ فرصته في فشل جديد وتقاعد جديد. من يحاسب الوزير الفاشل والمدير العام الذي لم يؤد مهمته بأمانة والمسؤول الذي يعتقد ان الشعب كله بخدمته وبخدمة حمايته ، متى نسمع عن مختلس وسارق ولص سرق المال العام وساهم في هدره وشارك جهات وشبكات محتالة في سرقة مال الشعب العراقي قد أحيل إلى القضاء وتمت محاكمته وإدانته وإنزال العقوبة المقررة بحقه ؟ ولماذا تعمد الوزارات إلى إصدار قرارات عدم الموافقة على محاكمة هؤلاء ؟ ولماذا لاتتم مساءلة الوزراء امام مجلس النواب عن عدد وأسباب من تم تخليصهم من العقوبة القانونية بمقتضى نص الفقرة ب من المادة 136 من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 المعدل .   هدر المال العام ليس فقط في ضياع الملايين من الدولارات بين شخوص وشركات وشبكات، هدر المال العام ايضا في ضياع زمن العراقيين ، وابقائهم على الخراب والضياع والبؤس وهم اهل إمكانات مادية وبشرية . وحين شعر أهل العراق بأن الرجل المناسب ليس في المكان المناسب عمدوا الى التظاهر وبحرقة يطالبون برحيله وان يحل من يستثمر الزمن ليشعروا بإنسانيتهم وكرامتهم المجروحة وحقوقهم المستباحة. الخدمات وحدها ليست ما يشعر العراقي بأنها تنقصه، بل ان هناك موجبات وضروريات تدور في فلك ودوامة الوعود غير الصادقة لايجد المواطن من يتحملها بصدق وبضمير عراقي صادق ، ولايجد من يصارحه بحقيقة ما يجري في حياة العراقيين .عمدت مجاميع الشباب للتظاهر حين بلغ اليأس منهم من عدم حصولهم على وظيفة او عمل تسد رمق من ينتظرهم من العوائل التي انتظرتهم بفارغ الصبر . عمدت العوائل الفقيرة والمعدمة إلى التظاهر حين توقفت حصصهم التموينية وسرقت موادهم الغذائية ، وتعاقدت جهات مسؤولة لجلب مواد غذائية تالفة ، لم تتم مساءلة احد ولا معاقبة احد ولاتحمل احد المسؤولية عما يجري ولا أحد عرف عن اختفاء الحصة التموينية عن الناس وتناقصها كل تلك الفترة ، ولا اين ذهبت الأموال المخصصة لها !وإذا كان العراقي يتساوى مع العراقي دون تمييز بسبب الجنس اوالعرق او القومية او الأصل او الدين او المذهب او المعتقد ، فأين يجد هذه المساواة وشوارع العراق ومدنه تمتلئ بالعاملين العاطلين عن العمل ، والجياع الذين نشروا أطفالهم في تقاطعات الشوارع للتسول بأشكال مختلفة ، وبالنساء اللواتي لايجدن ما يسد أفواه أطفالهن ، وكيف يمكن ان يكون المسؤول خادما لكل العراقيين ، ونكرر (كل العراقيين) دون استثناء ، وبعكسه علينا ان نقول له ارحل فأنت لا تصلح للمسؤولية وتسيء للعراق وشعبه . يتظاهر العراقي ضد المسؤول تعبيرا عن رفضه لفشله وعدم تمكنه من أداء مهمته بشكل قانوني ، ويتظاهر العراقي بسبب احساسه بالغبن والحيف الذي لحقه طوال الزمن الديمقراطي ، ويتظاهر العراقي رافعا شعارات تعبر عن مشاعره وحريته الشخصية ، ويتظاهر العراقي معبرا تعبيرا سلميا عن ممارسته حقا من حقوقه الدستورية ، وبعد كل هذه التظاهرات يلزم المسؤول والحكومة ان تستوعب الشعارات وتعيد قراءة ارادة الناس ، وتعيد حساباتها مادام الأمر لم يخرج عن التعبير السلمي ، وقبل ان تستفحل الأمور وتخرج الجماهير عن انضباطها ويحصل ما لا تحمد عقباه . الغضب العراقي ليس مثله غضب ، فالمسؤول والحكومة قد تتناسى فورة العراقيين وحرارة مشاعرهم ، وحين تتناسى ذلك عليها ان تتحمل امام الله والتاريخ وامام الناس كل ما يحصل امام ترد في الأداء وفشل في البناء وعدم تلبية مطالب الناس المشروعة ، وامام تخلف عن تلبية الضرورات وهدر كبير في المال العام ، وامام رواتب ومخصصات خيالية لا تتناسب مع ذلك الف

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram