بغداد / تميم الحسن
يقول مستشارو الحكومة إن أحمد الشرع، الرئيس السوري الجديد، قد لا يحضر اجتماع القمة المفترض عقده بعد أيام في بغداد.
وقد بدأت هذه التصريحات من الدائرة المقرّبة لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، تتضح مع ازدياد ضغط الإطار التنسيقي على الحكومة.
ويبدو عدنان السراج، مستشار رئيس الوزراء، جازمًا بشأن عدم حضور "الشرع".
ويقول السراج في تصريحات صحفية إن "الرئيس السوري أحمد الشرع اعتذر عن حضور القمة العربية".
وينتمي السراج إلى ائتلاف نوري المالكي، زعيم دولة القانون، وهو من أشد المعارضين لحضور "الشرع".
ويذهب السراج في تصريحاته عن قضية الرئيس السوري إلى أبعد من حضور الشرع أو عدم حضوره.
ويقول مستشار السوداني إن "سوريا ستكون مُدانة في اجتماع القمة بسبب أحداث استهداف العلويين والدروز في سوريا".
وشوهد منذ يوم السبت الماضي، علم سوريا الجديد في شوارع بغداد إلى جانب أعلام باقي الدول العربية.
في المقابل، تظهر التصريحات أقل حدة من فادي الشمري، المستشار الحكومي الآخر والقيادي في تيار الحكمة، بزعامة عمار الحكيم.
الشمري قال في مقابلة تلفزيونية، تعليقًا على حضور "الشرع"، إنه "لم يؤكد حتى الآن"، مرجّحًا "حضوره في أي لحظة".
وفي نهاية نيسان الماضي، أعلنت بغداد عن تقديم دعوة رسمية للرئيس السوري الجديد لحضور اجتماع القمة.
وأكد المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، لوسائل إعلام محلية، أن جميع الدول العربية أكدت حضورها حتى الآن، ولم تُبلّغ الحكومة بامتناع أي دولة عن الحضور.
وتبدو مواقف مستشاري السوداني بخصوص "ضيوف القمة" مرتبطة بخلفياتهم السياسية وقربهم من رئيس الوزراء، أكثر مما تمثّل رأي الحكومة.
وتقترب "الحكمة"، التي ينتمي إليها المستشار الشمري، سياسيًا من التحالف مع رئيس الوزراء في الانتخابات المقبلة، على عكس فريق المالكي الذي ينتمي إليه المستشار الآخر.
"مطلوب للقضاء"
ورفض نوري المالكي أي زيارة محتملة للرئيس السوري أحمد الشرع إلى بغداد لحضور القمة العربية، واصفًا هذه الخطوة بـ"المجازفة الخطيرة".
وقال المالكي في تصريح صحفي: "أرفض زيارة الشرع جملة وتفصيلًا، وقلت ذلك في أكثر من مناسبة. مجيئه إلى بغداد في هذا التوقيت الحساس لا يصب في مصلحة العراق".
وكان المالكي، إلى جانب قيس الخزعلي (زعيم العصائب)، وإلى حد ما هادي العامري (زعيم منظمة بدر)، قد رفضوا حضور الشرع.
وفيما يتعلق باللقاء الذي جمع رئيس الوزراء محمد السوداني بالشرع في قطر، أكد المالكي: أنه "لم يكن لدينا علم بهذا اللقاء، ولم تتم مشاركتنا بأي تفاصيل بشأنه"، مؤكدًا أن الشرع "لا يزال مطلوبًا للقضاء العراقي".
وقالت أوساط سياسية إن أطرافًا في "الإطار التنسيقي" تضغط على السوداني لمنع حضور الرئيس السوري، والتي تزامنت مع إعلان الأخير ترشّحه شخصيًا للانتخابات.
وكان السوداني قد أكد في وقت سابق أن مشاركة الرئيس السوري أحمد الشرع في القمة العربية المرتقبة في بغداد تُعدّ مهمة، ليعرض أمام القادة العرب رؤيته لسوريا الجديدة.
وتسبّب الموقف من "الشرع" في مقاطعة الخزعلي الاجتماع الأخير للتحالف الشيعي، كما لم يُكمل المالكي الاجتماع.
وخلال اليومين الأخيرين، عرض نواب لأول مرة نُسخًا مما قالوا إنها مذكرات اعتقال من القضاء العراقي صادرة في 2020 ضد "الشرع"، أو "أمجد مظفر النعيمي"، وهو الاسم المزيّف للرئيس السوري الحالي، حسب تلك الجهات.
وقال هادي السلامي، وهو نائب مستقل لكن مواقفه السياسية قريبة من "الإطار التنسيقي"، إن "تم تعميم مذكرة اعتقال الشرع على الأجهزة الأمنية في العراق لاعتقاله حال وصوله إلى بغداد".
كسر المنع
وأعلنت وزارة الداخلية، السبت الماضي، عدم منح أي رخصة لتنظيم أي تظاهرة مهما كانت الأسباب، ابتداءً من يوم أمس الأحد، ولغاية 20 من الشهر الجاري، وذلك بالتزامن مع موعد القمة العربية، فيما توعّدت المتظاهرين باتخاذ إجراءات تصل إلى الاعتقال.
واعترض مصطفى سند، النائب القريب من الفصائل، على توجيه الداخلية، ودعا في تغريدات إلى تحشيد متظاهرين في بغداد والبصرة ضد "حضور الشرع".
وقال سند، في تعليق على منشور وزارة الداخلية الخاص بقرار منع التظاهر خلال القمة: "أنا أتظاهر.. بيكم خير لزموني".
وكان النائب قد كشف عن جزء من تكاليف "ضيافة القمة" والتي بلغت 13 مليون دولار، لشراء "خواشيك (ملاعق) وأسرّة"، على حدّ قوله.
ورفض مستشار السوداني، فادي الشمري، تلك الأنباء، ووصف تكاليف القمة بأنها "تفاليس".
مساومات قبل الانتخابات
وكان السوداني قد تعرّض لهجوم من خصومه مع قرب الانتخابات التشريعية، تتعلق بتمويل رواتب الموظفين، والأزمة مع الكويت.
ونُشرت صور يُفترض أنها تعود إلى اتفاقية ترسيم الحدود مع الكويت، ومنها "خور عبد الله"، في عام 2013، يظهر فيها محمد السوداني بين المفاوضين، بحسب من نشر تلك الصور.
ويقول محمد الصيهود، النائب القريب من السوداني، إن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تلقى عرضًا بعدم الدخول في الانتخابات مقابل الولاية الثانية، وكان العرض من الإطار التنسيقي، والإطار عرض الولاية الثانية على الكاظمي أيضًا. لكن ما حدث معروف".
ومن جانب آخر، علّق الصيهود في مقابلة تلفزيونية حول القمة العربية بأن "منتقدي دعوة الشرع كانوا مؤيدين لبشار الأسد"، متسائلًا: "ألم يكن الأسد مجرمًا؟".
وأكد النائب، وهو رئيس حركة أجيال، أن بغداد فرضت أمورًا على "الشرع" في الدوحة، وكان "مستمعًا لمطالبنا".