TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الطبيب أنور وصاحب "ألوان"

العمود الثامن: الطبيب أنور وصاحب "ألوان"

نشر في: 13 مايو, 2025: 12:05 ص

 علي حسين

يوم أمس نشرت مواقع إخبارية وبعض مواقع التواصل الاجتماعي خبرا يثير البهجة والفخر بالإنسان العراقي.. الخبر يقول ان الطبيب العراقي انور نوري حافظ أجرى خلال عشرة أشهر ما يقارب 500 عملية جراحية معقدة في الدماغ دون مقابل. وكنت قبل أيام شاهدت على موقع اليوتيوب حوارا قصيرا مع هذا الإنسان فوجدته عملة نادرة في زمن "صبيان السياسة" ومهرجي الفضائيات.. الطبيب الذي أحيل على التقاعد يرفض أن يتقاضى أجرا على عمليات معقدة، وهو يبرر ذلك، ويقول مبتسما ان العراق أعطاني الكثير، وعليَّ أن أرد جزءاً من الدين إليه.
فيما مقابل هذه الصورة المشرقة شاهدنا، وسمعنا المحلل السياسي وصاحب مركز للبحوث باسم "ألوان"، يرفض أن يطلق اسم الخليج العربي، ويتهم الذين يتحدثون عن العرب بأنهم يرفعون شعارات بعثية.. تخيل جنابك، يقبض راتب أستاذ جامعي، ويعمل مستشارا في مجلس النواب، والدولة العراقية منحته سيارة حديثة وحمايات تسهر على راحته، لكنه يرفض الانتماء إلى هذا البلد.
سيقول البعض هل يستوي هنا من يقدم صورة مؤثرة وزاهية عن العراق، بآخر يستخدم مهارات زائفة في خداع الناس وتضليلهم؟، هنا نحن أمام نموذج يشحذ همم الناس، وآخر يسخر منهم. الأول مثل انور حافظ وأستاذه العبقري سعد الوتري اللذان كان بإمكانهما أن يعيشا، ويتمتعا بأرقى دول العالم، وهما الجراحان الماهران، لكنهما فضلا صالة العمليات في مستشفى بغدادي، بينما الثاني مثل محللنا صاحب مركز ألوان، نجده كل يوم يلبس ثوبا بلون جديد، الهدف منه الحصول على الامتيازات والعطايا.
ونحن نقرأ سيرة الطبيب انور حافظ، نتحسر على زمن يحكمه أمراء الطوائف ومراهقو السياسة، زمن أصبح فيه كل شيء سهلا، المال العام أصبح خاصاً، والمنصب لا يسعى إليه من خلال الاجتهاد والعمل والخبرة، بل الوسيلة إليه هي التزوير والانتهازية والمحسوبية.
ربما سيسخر البعض مني ويقول: يا رجل لماذا لا تتوقف عن متابعة يوميّات "كثيري الفتن" ألا تشعر بالملل؟ سؤال أراه وجيهاً مئة بالمئة، ومطلوب من "جنابي" أن يكون جوابه أكثر وجاهة، فأنا ياسادتي الأعزّاء، مجرّد مواطن عراقي مغلوب على أمره، لا أجيد غير مهنة الكتابة، أبحث عن دولة قابلة للتطور في وطن قابل للحياة. عدالة اجتماعية وتوازن في الخير والمحبة، لا في الشعارات الطائفية، وتقلبات نواب الصدفة. فالحقيقة المؤكدة أن العراق أكبر من كل الذين يريدون تقزيمه وإهانة تاريخه، حين يربطون مستقبله بمصالح بلدان الجوار.
أعتقد أننا اليوم بأمس الحاجة اليوم إلى نموذج الدكتور انور حافظ ، ربما يستطيع إخراج العديد من ساستنا ومسؤولينا من أزمة قصر النظر، ويشير لهم الى ان المواطنة لا تعني الحصول على " المالات " فقط مثلما آخبرنا العلامة محمود المشهداني .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram