TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لنستفد من الصين بذكاء.. لا بانشاء جامعة متخصصة

لنستفد من الصين بذكاء.. لا بانشاء جامعة متخصصة

نشر في: 19 مايو, 2025: 12:03 ص

محمد الربيعي*

في خضم التطلعات نحو تطوير التعليم العالي في العراق ومواكبة التطورات العلمية العالمية، برزت دعوة من وزير التعليم العالي والبحث العلمي لتاسيس جامعة عراقية صينية متخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية المتقدمة. هذه الدعوة تثير لديّ جملة من التساؤلات والاستغرابات التي تستدعي التفكير والتامل.
اول ما يثير الاستغراب هو التركيز على انشاء جامعة جديدة تماما وكان الساحة الاكاديمية العراقية تعاني من نقص في المؤسسات التعليمية. الواقع يشير الى ان التحدي الاكبر الذي يواجه التعليم العالي يكمن في تطوير جودة المناهج الدراسية، وتحديث البنى التحتية القائمة وتعزيز قدرات الكوادر التدريسية بدلا من اضافة صرح اكاديمي جديد قد يواجه نفس التحديات التي تعاني منها الجامعات الحالية.
الامر الاخر الذي يدعو للتساؤل هو التوجه نحو انشاء جامعة متخصصة في مجال ضيق ومحدد كالذكاء الاصطناعي. في حين ان التخصص الدقيق له اهميته في البحث العلمي المتقدم، الا ان فكرة انشاء جامعة بأكملها تركز على موضوع واحد تبدو غير معهودة وقد لا تكون مستدامة على المدى الطويل. فهل يعقل ان يكون لدينا جامعة للفيزياء واخرى للكيمياء وثالثة للاقتصاد؟ الجامعات عادة ما تزدهر بتنوع تخصصاتها وتكاملها، مما يخلق بيئة اكاديمية ثرية تحفز على التفكير النقدي والابتكار الشامل.
بدلا من ذلك، ارى ان الاولوية يجب ان تنصب على الاستفادة القصوى من التجربة الصينية الرائدة في مجال التعليم وربطها بالنهضة الاقتصادية. الصين، التي حققت قفزات هائلة في مختلف المجالات، اولت اهتماما بالغا بتطوير نظامها التعليمي وجعلته اساسا لتقدمها. الاجدر بنا هو السعي الى:
1.مساعدة الجانب الصيني في تحسين وتحديث المناهج الدراسية في مختلف التخصصات في جامعاتنا القائمة، بما يواكب احدث التطورات العالمية.
2.التعلم من الاسلوب الاستراتيجي الصيني في جعل التعليم ركيزة اساسية للنهضة الاقتصادية، وكيفية استقدام كفاءاتها في الدول الغربية لتساهم في ادارة الجامعات، وكيفية مواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل.
3. استقدام الخبرات والكفاءات الصينية والعالمية للمساهمة في تطوير قدراتنا الاكاديمية والبحثية من خلال برامج تبادل الاساتذة والباحثين وورش العمل المتخصصة.
ان انشاء اقسام ومراكز بحثية متخصصة في الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية المتقدمة داخل الجامعات العراقية القائمة قد يكون خيارا اكثر فعالية واستدامة. هذا النهج يستفيد من البنية التحتية المتوفرة ويساهم في نشر المعرفة وتطوير الكفاءات في هذا المجال على نطاق اوسع.
اخيرا، لا يمكن انكار اهمية الذكاء الاصطناعي ودوره المتزايد في مستقبل العالم. الا ان الطريقة المثلى لتعزيز قدراتنا في هذا المجال تتطلب تفكيرا استراتيجيا ياخذ في الاعتبار الاولويات الحقيقية للتعليم العالي في العراق. بدلا من الانشغال بانشاء هياكل جديدة قد تستنزف الموارد والجهود، يجب ان نركز على تطوير الجودة والاستفادة من التجارب الناجحة للدول الاخرى، ومنها الصين، في بناء نظام تعليمي قوي ومستدام يخدم طموحات العراق في التنمية والتقدم.
* بروفسور متمرس ومستشار دولي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. د. سامي صالح العامري

    منذ 7 شهور

    الحقيقة الأساسية في العراق هي عدم كفاءة الوزراء بمجالات وزارتهم ، وثانيا همهم الحصول على الاموال من العقود دون حتى اكمالها . ولذلك التعليم لاسيما الجامعي لايرتبط باحتياجات المجتمع ، فترى المهندس يعمل كموظف في وزارة ما ، والطبيب لايجد المستشفى الرصين .

  2. د.عبد الجليل البدري

    منذ 7 شهور

    يضمن تعزيز الجامعات العراقية تعليما مستداما في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجي. من خلال الاستفادة من نموذج الصين، يمكن للعراق تحديث المناهج الدراسية، وتعزيز البحوث، ومواءمة التعليم مع النمو الاقتصادي، وتعزيز الابتكار الدائم والتقدم الوطني.

يحدث الآن

(المدى) تنشر نص قرارات مجلس الوزراء

لغياب البدلاء.. الحكم ينهي مباراة القاسم والكهرباء بعد 17 دقيقة من انطلاقها

العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

البيئة: العراق يتحرك دولياً لتمويل مشاريع التصحر ومواجهة التغير المناخي

التخطيط: قبول 14 براءة اختراع خلال تشرين الثاني وفق معايير دولية

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram