TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: قمة بغداد العربية. . معادلة البقاء والزوال

قناطر: قمة بغداد العربية. . معادلة البقاء والزوال

نشر في: 19 مايو, 2025: 12:04 ص

طالب عبد العزيز

هل ستحلُّ قمة بغداد العربية مشاكل الامة؟ وما فائدة العراق منها؟ عشرات الأسئلة ستطرح أثناء وبعد مغادرة الملوك والرؤساء العرب، لكنَّ السؤال الأهم والأولى يكمن في قولنا: هل بات العراق -مع كل تمنياتنا للمؤتمر بالنجاح- قادراً على لعب دورٍ عربي هامٍّ وفاعلٍ، في تسوية أزمات الشرق الأوسط المزمنة، بعد أن عجز في تسوية أزمته الداخلية؟
كل المؤشرات تشير الى أنَّ الداخل العراقي (سياسياً وأمنياً واقتصادياً) هشٌّ، وتردُ في مجمل تقلباته كلُّ الاحتمالات! وأنَّ الكتل السياسية العراقية الحاكمة غير قادرة على انتزاع سيادة البلاد من أحد، فهي مصرة على تبعيتها الى الشرق(إيران) على الرغم من كل ما حدث ويحدث في المنطقة، يتضحُ ذلك بمعاينة الذي كان لإيران في لبنان وسوريا واليمن. الحكومة العراقية اليوم، ومع كل ما يرشح من زعاماتها تجامل في انتزاع سيادتها، مع يقين عام باستحالة انتزاع ذلك، والذي سيلقي بظلاله السود على وقائع جلسات مؤتمر القمة العربية، فقد نسمع من بين الحاضرين تقريعاً، تصريحاً أو تلميحاً، لذا فالحكومة مطالبة ببيان رأيها بفك الارتباط والتبعية من عدمه، إن أرادت للعراق أن يكون عربياً، محورياً، وفاعلاً.
يفاخر نائب في البرلمان برفرفة علم الحشد الشعبي في أروقة القصر الحكومي، في تحدٍ واضح لما ذهبت اليه الحكومة قبل أيام، ويفاخر وفي تحدٍّ واضح أيضاً بنصب سيارة أحد زعماء الحشد، الذي استشهد في تفجير المطار بمسيرة أمريكية، ونجد الحقَّ، كل الحقِّ في ذلك، لكنَّ إطاراً مذهبياً مازال يلقي بظلاله على الحادثة، حتى أنَّ الداخلين فيه أنفسهم أخرجوه من طابعة الوطني الى خارجه الطائفي، ثم أنَّ ملابسات المرحلة والحرب الطائفية التي أكلت روح العرايين تفسدُ على العراق صوته الوطني العربي اليوم، فهو صاحب الدعوة، بوصفه قاعدة عربيةً، يفترض خلوها من أيِّ صبغة طائفية.
وفيما تجعلُ (نائبة) في البرلمان ثورة الشعب العراقي في تشرين(التشرينيين) ضمن معادلة القاعدة وداعش، وتغمط حق العراقيين في مطالبتهم بوجود وطن، خال من الطائفية والإرهاب والقتلة، مستقل في سيادته على ارضه وقراره السياسي يذهب آخر، ومن موقع مسؤوليته في الحكومة الى القول بأنَّ الحكومة العراقية، ممثلة بقواتها الأمنية هي التي قتلت التشرينيين، واصفهم بالخونة والأعداء! هناك، يقين شعبي يقول بأنَّ الحكومات العراقية المتعاقبة منذ العام 2044 الى اليوم غير قادرة على الخروج من سطوة القرار الإيراني، ولو أننا تتبعنا ما سُمع وكتب ونُطق به من قبل كبار المسؤولين العراقيين لوقفنا على قول واحد مفاده: إنَّ السيادة العراقية في موقع الاتهام.
نحن أمام مجموعة سياسية حاكمة، لا تريد للعراق أن يكون فاعلاً في محيطه العربي- الإقليمي، وتصرُّ على إدامه وقوعه ضمن (محور المقاومة) الذي أفرغ من محتواه، وتمتلك السلطة والمال والسلاح، وتصرُّ بل وتقاتل كل من يقف في وجهها، تقابله مجموعة قليلة داخل الحكومة، لا تملك قراراً، ولا سلاحاً، ولا مالاً، لكنها تستند الى قاعدة شعبية عريضة، القاعدة هذه تريد وطناً مستقلاً في قراره، واقتصاده، متفاعلاً مع محيطه العربيّ والدولي، محترَماً من قبل الدول، ويتعامل معها على وفق مصلحته الوطنية قبل كلِّ شيء، لا صبغة طائفيه في نظامه، خالياً من الفساد واسبابه، متطلعاً الى مستقبله، مستقطباً الشركات والمؤتمرات العالمية. .
الهلالُ السنيُّ يطبق على البلاد، من تركيا الى الكويت. هذه هي الحقيقة! لكنَّ الاطاريين لا يريدون أن يعلموا ذلك، وما انتهى اليه العراق، بعد تقويض حزب الله في لبنان، ونهاية نظام الأسد في سوريا، وانتهاء الدور العلوي فيها، وما يحدثَ وما هو مُنتَظرٌ في غزة، وما سيصير اليه جماعة الحوثيين في اليمن، فضلاً عن التضحية الواضحة للنظام الإيراني بكلِّ ذلك، وقبوله بمصير برنامجه النووي، بمعنى ما فأنَّ العراق الآن وبنظامه الحالي عارٍ أمام التحديات، تنخره دودة الفساد، وباقتصاد ريعي، وتصبغه الطائفية بدهانها القبيح، داخل محيطٍ عربيٍّ، سنيٍّ بمجمله، يتعامل معه بحذر.
لا يملك العراق الحاليُّ عمقاً عربياً، هو يعوّلُ على إيران، الظهير القوميّ، وإيران(إيران دولة قومية) بامتياز، لكنها بصبغةٍ طائفيةٍ، معلومة، لن تتأخر لحظةً في التخلي عنه، غير مفرطةٍ بجملة التوازنات الدولية، التي تجدُ نفسها قويةً فيها. ترى، هل ستدرك حكومة السوداني أهمية بغداد اليوم والخطر الذي يتهددها، بوقوعها في معادلة البقاء والزوال.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

قناطر: الحرب التي تعنينا ولا تعنينا

العمود الثامن: انتخبوا ائتلاف "لولانا" !!

العلاقات التجارية العراقية–التركية: بين توسّع التبادل وغياب التوازن

العمود الثامن: تحالفات .. وتحالفات

نموذج TADEO... مفتاح إصلاح التعليم الجامعي في العراق

العمود الثامن: الإلياذة العراقية

 علي حسين كان الرئيس الفرنسي الرحل فرنسوا ميتران يعشق قراءة الملحمة الإغريقية "الإلياذة" وقد أخبر ذات يوم رئيس الوزراء دبيير مورواو أن العالم لا يزال يعيش مفاجأة حصان طروادة. تروي لنا إلياذة هوميروس...
علي حسين

كلاكيت: تحولات السينما العراقية

 علاء المفرجي تاريخ السينما العراقية طويلٌ قياساً إلى مثيلاتها في باقي دول المنطقة، إذ إنّها لم تبدأ بالإنتاج إلاّ في منتصف أربعينيات القرن العشرين، والإنتاج الأول مُشتركٌ مع مصر. كما لم تستطع، منذ...
علاء المفرجي

تكريم ضروري، تكريم متأخر

علي بدر يقف فخري كريم، في تلك اللحظة، وهو يلقي نظرة على نصف قرن من المجازفة بالكلمة، فهو الآن شاب في الثمانين من عمره، يقف في القاعة التي احتضنت قمة الإعلام العربي في دورتها...
علي بدر

المحكمة الاتحادية العليا وموازنة 2025 -استقراء قانوني-

د. اسامة شهاب حمد الجعفري الموازنة العامة الاتحادية مسألة اجتماعية, مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمعيشة الجماهير, والتأخير في تشريعها يعني ازمة اجتماعية, ولطالما عانى المواطن العراقي من تلك الازمة دون وضع حد لتلك العادة السياسية....
د. اسامة شهاب حمد الجعفري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram