TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شريك الأحلام بعراق آدمي.. عن علاء حسن

شريك الأحلام بعراق آدمي.. عن علاء حسن

نشر في: 20 مايو, 2025: 12:02 ص

علي عبدالأمير عجام

في الأسبوع الثالث بعد سقوط نظام صدام حسين، عملت على اصدار أول صحيفة يومية في بغداد لا تمدّ يدها إلى أملاك الدولة العراقية، بل يحسب لها انها أعادت للمطابع العراقية دورها البارز: طبع الصحف بعد سنوات من العمل التجاري المحض. هكذا كانت تجربة «نداء المستقبل» التي كانت بالأصل اسبوعية تصدرها حركة الوفاق الوطني العراقي في السليمانية أثناء سلطة النظام الديكتاتوري.
جمعتني التجربة الأثيرة إلى نفسي، وإن كانت قصيرة فقد أمتدت من الثاني والعشرين نيسان 2003 إلى منتصف حزيرن من العام ذاته، إلى اثنين من العائلة العتّابية الكبيرة، فلاح مصمماً ومنفذا وعلاء كاتباً ومحرر أخبار من طراز فريد.
عتبة اللقاء المهني والانساني بعلاء حسن أوصلتني برحابة إلى مشوار غير الصحافة المكتوبة، فبعد تكليفي بمسؤولية راديو سوا في بغداد، كان علاء الأنيق الحضور الفكري والاجتماعي شريكي في انجاح تلك المسوؤلية، وظل مطولاً يردد بصوت مشوب بضحكة خفيفة ما قلته له: ستكون معي في سوا.
تصاعد صوت علاء في الأثير العراقي عبر تقارير بدت أشبه ببرقيات الأمل عن عراق كنا نريده أن يعبر الأيام السود نحو غيرها من أيام الحياة الحرة الكريمة. ليس السبق الصحافي وحسب ما تضمنته تقارير علاء حسن بل السبك المحكم في الايجاز والصوت وهما صفتان ملازمتان للتقرير الاذاعي.
في أيام العمل عبر راديو سوا التي جمعتني بالصديق والأخ علاء توطدت صلتنا حد أنه صار بمثابة الشريك في أكثر من مشروع صحافي أسسته وعملت عليه بعد 2003 لثقتي المطلقة به التي أكد استحقاقه لها من خلال العمل الجاد والمبتكر ناهيك عن محبة اينعت في حديقة حسن العتابي وأزهرت.
زارني الكاتب والصحافي الأميركي الأشهر توماس فريدمان في حزيران 2003 ضمن عمله على تحقيق خاص بآفاق عراق مابعد صدام. كان علاء في مكتبي حين دخل صاحب أشهر عمود رأي في صحيفة “نيويورك تايمز” فقدمت فريدمان لعلاء الذي بدا منبهرا بلقاء مع اسم على هذا النحو من الأهمية في عالم الصحافة على امتداد العالم، فيما قدمت رفيقي للسيد فريدمان واصفاً إياه على هذا النحو: “إليك ورشة عمل صحافي وليس مراسلا وحسب في اذاعتنا العراقية المضمون والهوى مع أنها أميركية وهي الأبرز هذه الإيام والأكثر حضوراً بين الجمهور المحلي”.
تركت العمل في راديو سوا، بحكم مسؤولياتي الصحافية والثقافية، ليتولى ادارته الزميل والصديق عماد الخفاجي الذي أحاط علاء حسن بمثل ما أوصيته به من اهتمام وثقة، لأصل إلى نقطة قطيعة مع مكان كنت أريده وأبا أحمد، مكاناً جديراً بحياة آدمية كريمة، فقد أغتيل بوحشية شقيقي ومعلمي في الفكر والحياة، قاسم عبدالأمير عجام، ومعه انتهى ربيع عراقي قصير غادرت على اثره لأواصل العمل الصحافي المرئي هذه المرة عبر قناة الحرة من واشنطن. لم انقطع عن صاحبي مثلما هو كان مواصلاً ثناءه على ما أقدم في نشرة الأخبار العراقية التي تبث في الثامنة مساء كل يوموكنت أتولى تحريرها وبرنامجي الأسبوعي “سبعة أيام”. كنت أفرح بصوته حتى وإن كان يأتي ناقداً بسخرية عجيبة من أوضاع البلاد، كأنني بذلك أستعيد الآمال التي جمعتنا في فترة العمل ببغداد.
لم يطل الوقت حتى يأست مرة أخرى وهذه المرة من التجربة الأميركية في العراق لأغادر واشنطن وأنا اتعقب الخطوات والتفاصيل في ذهاب البلاد الى مسارات عدة من الخراب لكنها لم تفت من عضدي فجمعتني تجربة أخرى بعلاء الحبيب حين قمت من العاصمة الأردنية في عام 2011 بتأسيس واحد من أوائل المواقع الصحافية الاخبارية العراقية وحمل عنوان “ساحات التحرير»، فكان في تقاريره أحد أعمدة العمل المتجدد الذي تواصل لنحو ثلاث سنوات.
تقطعت بي السبل لكنها لم تتقطع مع أبي أحمد الذي ظل على قيد الحكمة الساخرة كما اسميها، وهي فرادة أخرى يتميز به رجل فريد في وقتنا الملتبس، رجل على هيئة قلب نابض بالحب والأمل والرجاء، وهو ما يجعله أبدا يدق على أبواب أرواحنا فلا نملك سوى أن نفتحها له ثم نعانقه بكل فرح وسرور.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram