TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: خزعبلات عالية نصيف!

العمود الثامن: خزعبلات عالية نصيف!

نشر في: 21 مايو, 2025: 12:06 ص

 علي حسين

بالأمس وأنا اتجول مع الصديق الشاعر زعيم نصار، توقفنا عند بائع كتب يعرض بضاعته الثمينة على الرصيف، فلمحت من بين الاغلفة البراقة غلاف رواية "الجحيم" للفرنسي هنري باربوس وكنت قد قرأتها منذ زمن طويل واعدت قراءتها اكثرة من مرة لأتمتع بالدروس والعبر التي تقدمها لنا هذه الرواية الصغيرة الحجم، لكاتب كان يمنّي النفس في أن يصبح ثائراً على غرار لينين، فقرر أن يذهب إلى الاتحاد السوفيتي، وبدلاً من أن يعود بلشفياً ، رجع الى فرنسا وهو يحمل مرض السل الذي قضى على حياته عام 1935.
في كل مرة أقرأ رواية باربوس أسأل نفسي من هو هذا الكاتب؟: هل هو الشيوعي المغامر، أم العدمي الذي أوحت روايته "الجحيم" لكولن ويلسون بأن يكتب كتابه الشهير "اللامنتمي"، أم المناضل السياسي الذي دافع بشراسة عن الحريات؟ .
في جحيم بارابوس نحن أمام بطل بلا اسم ولا هوية يدخل إلى قاعة استقبال في فندق، يطلب غرفة للإيجار. يصعد. يضع أشياءه على السرير. ولا شيء آخر لديه ليفعله. لكن هناك أصوات تأتي من خلف الجدار. هناك يوجد ثقب صغير في جدار غرفته يستطيع من خلاله مراقبة الآخرين. يدفعه الفضول. يحيا في الظلام. يريد المعرفة. يصبح تدريجيا مهووساً بما يجري خارج غرفته. من أولئك البشر؟ ما الذي أتى بهم إلى هنا؟ ما ظروفهم؟ .
تذكرت الجحيم، وأنا أقرأ كتابًا ترجم قبل مدة لهنري باربوس بعنوان "العض على السكين.. إلى المثقفين" يوجه فيه رسالة شديدة الأهمية يقول فيها: المثقفون – أتحدث عن أولئك الذين يفكرون، وليس عن مهرجين ودجالين وطفيليين ومنتفعين – عن المثقفين الذين هم المعبرين عن الفكرة في فوضى الحياة، تكمن مهمتهم الأزلية في ترسيخ الحقيقة وتنظيمها، هم الذين يسمون الأشياء بأسمائها. وفي نظرهم الحقيقة تفصح عن نفسها، وتنظم نفسها وتنمو".
أرجو من جنابك ألاّ تسخر من سذاجتي وتقول "يا رجل"، تتحدث عن الروايات في الوقت الذي تخرج علينا النائبة عالية نصيف تتهم احتجاجات تشرين بالارهاب وبانها حسب تعبيرها "صهيو امريكية".. تخيل يا عزيزي في هذه البلاد، قتل فيها أكثر من 800 متظاهر خرجوا يطالبون بالاصلاح والعدالة الاجتماعية ، وبدلاً من ان نكرم عوائل هؤلاء الشهداء، نجد من يشكك بوطنيتهم دون أن يحاسبه احد، أو يطالب بمحاسبة القتلة، مثلما يطالب بعض النواب "الظرفاء" بالقاء القبض على ترامب.. تخيل جنابك نائب عراقي يسخر من الدولة بحجة الديمقراطية، في نفس الوقت يشتم الديمقراطية التي سمحت باحتجاجات تشرين.
حاول سارتر، أن يعطي تعريفًا للمثقف قائلا: المثقف هو الشخص الذي يتدخل في ما لا يعنيه، ويمتلك القدرة على الجهر بالحقيقة"، وهو ما يدفعنا للسؤال: ما هو دور المثقف في مجتمعنا الذي ينزعج من المثقفين الحقيقيين؟ لانهم لا يحفظون مقولات العلامة ابراهيم الجعفري؟ !!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram