TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: عـــن الااتـحـــادات والاانتخابات الثقافية

قناطر: عـــن الااتـحـــادات والاانتخابات الثقافية

نشر في: 25 مايو, 2025: 12:04 ص

طالب عبد العزيز

لا نعرفُ إلا القليل عن الدوائر والمؤسسات التي تدير شأن الثقافة في أوربا والعالم؛ لكننا نعرف الكثير عن النتاج الثقافي هناك، فقد وصلنا من قبل، وصرنا نقرأه أكثر بفضل الثورة الرقمية اليوم، من خلال ما ترجم منه الى العربية. شخصياً لم أقرأ إلأ القليل في الاخبار عن إتحادات أو جمعيات ثقافية، تتخللها صراعات حزبية أو مصالح شخصية، وبوضوح، تبدو الصورة هناك على خلاف ما نشاهده في شرقنا العربي، ضمن حملات التنافس الانتخابي في بغداد، الذي تطالعنا فيه إعلاناتُ الزملاء المرشحين، والذين سيتسلمون مهام إتحاد الادباء والكتاب –المركز العام-بغداد، حيث يبدو أنه بات الشغل الشاغل لكثير من الادباء، الذين انقسموا وينقسمون بين المؤيد والمعترض على أداء أيِّ مجلس منتخب، وهو ديدن قديم جديد، ولسان حال الهيئة العامة يردد الآية الكريمة:" كلما دخلت أمةٌ لعنت أختها".
يمكننا القول بأنَّ عملية إنتخاب هيئة أو مجلس ثقافي تدخل ضمن قائمة أمراض الثقافة العربية، فكلنا سمع عن ما حدث لأتحاد الادباء والكتاب العرب بعد توقيع الرئيس أنور السادات اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، وكيف قاد الأدباء العراقيون حملة انتقال الاتحاد من القاهرة الى دمشق، وقرأنا الكثير عن تحييد دور العراق الثقافي أو تجميد العلاقة مع إتحاد الادباء والكتاب العرب عقب غزو الكويت، وكنا شهوداً على انتقال قيادة إتحاد الادباء والكتاب في العراق من الديناصورات الى الشباب في التسعينات، ومثل ذلك ما حدث مع الأتحادات العربية بعد إحتلال بغداد سنة 2003 والنقاشات التي جرت في العاصمة الجزائرية والموقف من قبول الادباء العرب لما حدث في العراق وهكذا، هناك تغليب لما هو سياسيّ على ماهو ثقافي.
والسؤال هنا يقول: ترى هل يتوقف الفعل الثقافي على وجود الاتحادات هذه؟ وهل تمكنت ثقافتنا من عبور المتوسط والبحر الأحمر والأطلنطي والى العالم محمولة على سفينة الاتحادات الأدبية تلك؟ وهل أنَّ ثقافتنا بحاجة فعلية اليها؟ وهل ثمة من دور للاتحادات هذه في نشر ثقافتنا العربية والتعريف بها؟ نحن لا نعرفُ شيئاً عن إتحاد الادباء والكتاب في كولومبيا اللاتينية لكننا نعرف كلَّ شيء عن ماركيز! وكنا قرأنا وعرفنا أعمال ماريا فارغاس يوسا، لكننا لم نسمع باتحاد أدباء البيرو، كذلك سيكون الامرُ مع بيسوا البرتغالي، وبول أوستر الأمريكي، وغيوم ميسو الفرنسي وغيرهم الكثير!! إذن، لأجل أيِّ غاية يتنافسُ هؤلاء، ولماذا تستعر حمّى الانتخابات حتى لكأنها الحرب، إنْ لم تكن الحرب الفعلية داخل القوائم المتنافسة، المعلنة والسريّة منها. مؤسف قولنا بأنَّ آليات التسقيط السياسي العراقية باتت تنسحب وبقوة داخل أروقة الفعل الثقافي.
خلال دورات ثلاث سابقة لم يستطع أدباء وكتاب إحدى المدن العراقية انتخاب مجلس إدارة منسجم، غايته خدمة الثقافة في المدينة، أو تقديم مشروع ثقافي، وظل الصراعُ قائماً، ومازال المجلسُ منقسماً على نفسه الى اليوم، والهيئة العامة تلوم نفسها على ما حدث، فالرئيس في واد، والنائب في وادٍ، والأعضاء في أودية أخرَ غائبون، ذلك لأنَّ المجلس جاء نتاج تنافس ثلاث قوائم، كلُّ رئيس قائمة يريد أن يكون رئيساً، وليس بينهم من يقبل أنْ يكون نائباً، أو أمينا عاماً، ذلكَ لأنَّ الهمَّ من الفوز لا علاقة له بالثقافة، أو خدمة الأعضاء، أبداً، إنّما هو سعيٌّ غايته الوجاهة وخلاصته إقصاء الآخر المختلف، وعلى هذه وتلك كان يتنافس المتنافسون.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram