TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: موخيكا وصاحبنا الصيهود

العمود الثامن: موخيكا وصاحبنا الصيهود

نشر في: 25 مايو, 2025: 12:06 ص

 علي حسين

أوّل عهدي بالقراءة كانت لكتب سلامة موسى، لم أكن اقرأ صفحات مؤلفاته، كنت أطاردها من عنوان إلى آخر. ومن حديث شيق عن تشارلز داروين، إلى صورة قلمية عن نيتشة. ومن نظرية التطور الى الاشتراكية. لم يكن سلامة موسى بالنسبة لي كاتبا يقدم افكارا متنوعة، وإنما كان أقرب الى المرحومة "شهرزاد" وهي تواصل سرد حكاياتها العجيبة والغريبة، الآن استبدلنا قراءة سلامة موسى باخبار عالية نصيف، و"فهامة مثنى السامرائي" وتقلبات محمد الصيهود الذي أخبرنا قبل سنوات ان لا بديل عن المالكي إلا المالكي، ليخرج علينا اليوم ليقول ان العراق لم يجن من المرحلة السابقة إلا الويلات. في بلاد الرافدين برلمان معطل وعاجز، وصراع سياسي من اجل الحصول على قدر آكبر من الكعكة العراقية، وفضائيات تنقل ولاءها من سياسي الى آخر.. ربما سيقول البعض يارجل صدعت رؤوسنا بالحديث عن ما يجري في العراق دون ان يتغير شيء، الم يخبرنا المالكي ذات يوم ان الذين يهاجمون النظام السياسي مجرد "فقاعات"؟. وعلى ذكر الفقاعة فقد اكتشف البعض انني مجرد فقاعة ، مثلي مثل علي الوردي ، وفرحت كثيراً، فهذا شرف لا استحقه ، ان يوضع اسمي الى جانب اهم مفكر عراقي ، تحالف الانتهازيون وبائعو الخطب المزيفة ورجال الدين على عداوته .
لنترك الفقاعات جانبا واسمحوا لي ان اتذكر معكم شخصية عظيمة رحلت قبل أيام، واعني به رئيس الأوروغواي السابق خوسيه موخيكا ، صحيح إننا لن نحظى في يوم من الأيام بمثل هؤلاء الرؤساء، لاننا لا نتخيل ان نعيش مع مسؤول كبير "الحجم والوزن" لا يمتلك أسطول سيارات وإنما سيارة عتيقة، ويعيش في منزل صغير في الريف ويتبرع بمعظم راتبه للأعمال الخيرية، يعلق على لقب أفقر رئيس قائلاً: "لست أفقر الرؤساء، الأفقر هو من يحتاج إلى الكثير ليبقى على قيد الحياة"، كان باستطاعة موخيكا أن يعيش في القصر الرئاسي، لكنه آثر الإقامة في بيته القديم. ويقول: "نحن نرى في ذلك طريقة للقتال في سبيل حريتنا الشخصية. فمجرد أنك أصبحت رئيساً لا يلغي كونك إنساناً عادياً".
خلال فترة حكمه التي استمرت أربع سنوات فقط سيطر موخيكا على المشهد السياسي والاجتماعي، ليس في قارة اميركا اللاتينية فحسب، وإنما في معظم بلدان العالم باسلوب حياته الذي وصفه بانه: "نتاج جراحي، أنا ابن تاريخي.. مرّت عليّ سنوات كنت لأسعد خلالها لوكان لدي فرشة أنام عليها".. سيرة هذا العجوز الطيب تعيدنا إلى سنوات كان فيها اليسار الثوري بمثابة الملهم بالنسبة للشباب في كل بقاع الارض.
يعلمنا موخيكا ان المسؤول في الدولة: "لا هو إله ولا هو ساحر القبيلة.. انه موظف حكومي واعتقد أن أفضل طريقة للعيش هي أن يعيش المرء مثل أكثرية أبناء الشعب الذين نحاول أن نخدمهم ونمثلهم".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram