عباس الحسيني
حين اقصيَ المفسر الطبري، والذي قيل عنه: انه أمام المفسرين، والذي عدت مؤلفاته في أيدي الناس، على أنها الأدق والأصح مثل: تفسير محمد بن جرير الطبري، وقيل عنه ايضا: إنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة، وليس فيه بدعة، ولا ينقل عن المتهمين، كمقاتل بن بكير والكلبي. وعدت جريمة الانتماء لمذهب ما نقيصة عبر التاريخ، ودرس للازدلاف والتقرب إلى حواشي السلاطين، وإما المتأخرين، فحسبنا بكتاب علي الوردي مدخلا في ملابسات وعاظ السلاطين وأسطورة الأدب الرفيع، وكيف يتحول الفقيه والشاعر والكاتب والمدون إلى عضو في جوقة بيد الحاكم والظلامي، وهم لا يدركون ان آثار نشاطاتهم كانت وما زالت تخلف الدماء النفسية قبل الجراح العقلية، والخراب التاريخيّ خارج قصور السلاطين. والنماذج التي تظهر اليوم في طبخات الإعلام العراقي والعربي توصل شـِفرات مخيفة عن الغد القادم، الذي يطرح الأخطر: فماذا لو وصل إلى مقاليد الحكم والسلطة والحكومة ذات المهوسين بالخطاب الطائفي؟
وكيف سيبدو الأمر بعد عقود من تحول المجتمعات المتحضرة من آثار الألزاس واللورين إلى محطات كشمير وخور عبد الله.
النفس الطائفي وتحوله إلى خطاب وسرديات تعشعش في بنية التفكير المحتمي سيحول دوما دون تحول الشرائح الاجتماعية إلى الأمثل من التجليات والتمظهرات، فالخطاب الطائفي وقرينه الخطاب القومي والأمية الثقافية وبقية مكملات المد البيروقراطي، إنما هي نماذج لقتل روح المجتمع وروح الإيمان بالغد الوطني، عبر تهديم بنية المجتمع وتحويله إلى كانتونات وأسواق مزايدات لا تنتهي ولا ترحم في ان واحد.
الدولة التي تبني مفاهيم متكاملة عليها ان تتصدى لهكذا تشنجات وتفتيتها فكريا وثقافيا عبر إلغاء التمثيل المناطقي، ورفع شعار كل عراقي لكل العراقيين، والعراق لكل العراقيين..










