TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هذا بعضُ ما حدث، ويحدثُ، مع فخري كريم، منذ 55 عاما!

هذا بعضُ ما حدث، ويحدثُ، مع فخري كريم، منذ 55 عاما!

نشر في: 26 مايو, 2025: 12:04 ص

رواء الجصاني

كان اول التعرف والتعارف مع العـزيز فخري كريم (ابي نبيـل) منذ نحو خمسة وخمسين عاما بالتمام والكمال، حين كان مسؤولا، ومشرفا في منظمة بغداد للحزب الشيوعي اواخر السبعينات الماضية، وكنـتُ حينها قد عـدت للهــم السياسي العام "تائبا!" عن النشاط في تشكيلات طلابية لـ "القيادة المركزية" التي انشقت عن الحزب الام، مندفعين - نحن شباب الامس- ومنجذبين لافكار ومُثـلٍ وعناوين، وتضحيات على طريق وطن آمـن حـر، يعيش شعبه بما يستحقه من سعادة ورخاء..
وهكذا بدأت العلاقة تتوطد شيئا فشيئا، وتتعدد في مدرسة - صحيفة "طريق الشعب" التي راحت علنية عام 1973 وكان ابو نبيل مدير تحريرها رسميا، ولكنه كان محورها في مسؤوليات الادارة والتنظيم والعلاقات والطباعة، وغير ذلك كثير.. وكنت ومنذ يومها الاول مكلفاً طلابياً وسياسيا بشؤون صفحة "الطلبة والشباب" الاسبوعية فيها، لسنوات، وبعدها بـ "الصفحة المهنية" الاسبوعية، وحتى اواخـر عام 1978.. كما كلفتُ بمسؤولية بعض شؤون نقابية وسياسية في صفحة "العمال والفلاحين" اليومية، اذ شغلت في حينها عضوية مكتب العمال المركزي للحـزب نحو عامين.. وقد سردتُ ما سبق من سطور لاشير الى انه، وبلا شك، ان تكون العلاقة وطيدة بمثل هذا المسار مع فخري كريـم، المسؤول البارز في صحيفة طريق الشعب كما أسلفت (2)..
ثـم، وبعد عشرة اعوام من العلاقة مع ابي نبيـل ببغداد، يحلّ عام 1979 ليبدأ "موسم" الهجرة الى الخارج الذي تحول الى"عقـود" منذ اواخر السبعينات، وعلى امتداد ربع قرن، اي حتى حيان سقوط نظام غلاة البعثيين، الدكتاتوري الارهابي عام 2003.. وخلال تلكم السنوات الخمس والعشرين استمرت العلاقة مع الرجل الذى تولى مسؤوليات مهمة ومتنوعة، معروفة، رفيعة وشاقة في آن واحد، في مقريّه الرئيسيين، واعني بهما بيروت ودمشق.. بينما أغتربتُ الى براغ، لاشغال مهام ومسؤوليات تنظيمية وسياسية، طلابية وثقافية وغيرها. وكان فخري كريم يتردد بين فترة واخرى اليها – بـراغ - حيث مقر منظمة الصحفيين العالمية، التي شغل فيها مهمة نائب رئيسها لنحو عقدين. كما تولّى ايضا مسؤولية اصدار النسخة العربية لمجلة "قضايا السلم والاشتراكية" منبـرا ومركزا اعلاميا وفكريا يمثل الاحزاب الشيوعية والعمالية العالمية، ومقرها في براغ ايضا..
وهكذا أذن تتسع من جديد وتتوطد العلاقات مع ابي نبيـل في براغ، الذي كان يحرص في جميع زياراته اليها للقاء مع المثقفين والاعلاميين العراقيين المقيمين والعاملين في تلك العاصمة الغناء.. ومن غير الطبيعي ان يقيـم فيها الجواهري الكبير، والفنان الرائد محمود صبري، ولا يكونا اول من يهتم بأدامة وتوطيد العلاقة بهما فخري كريم، وهو ذو المسؤولية السياسية والثقافية والاعلامية المهمة في قيادة الحزب الشيوعي العراقي، وانا هنا شاهد، وحاضر عيان - ربما مخضرم – لا سيّما وكنتُ معنيا، لسنوات، بمتابعة عمل ونشاط فرع رابطة الكتاب والصحفيين العراقيين في براغ، تلك الرابطة التي لا يجوز الا وان يُشار لدور فخري كريم، الاهم، في اطلاقها عام 1980 من بيروت، والمشاركة الاساسية في دعم نشاطاتها، ومهامها، لسنوات وسنوات في مركزها القيادي بدمشق. وفي كل من تيّنك العاصمتين كان الرجل يشغل مهامه ومواقعه الوطنية والسياسية المعروفة.. (3)
وعلى ذكر دمشق، حيث كان الجواهري يتناصفها، مع براغ، مع مطلع عقد الثمانينات، مستقرا رحيبا، كان ابو نبيل لا ينقطع عن ايلاء منتهى العناية بالعلاقة مع الشاعر العظيم، والاهتمام به... واذا ما سأفرد في قريب مرأي، كتابة لاحقة، شيّقة كما أحسب، عنهما، من بينها "اخوانيتان" شعريتان للجواهري، عن تلك العلاقة، اشير هنا لواقع موجز، ذي اكثر من دلالة، وهو انه – فخري- كان من قلائل معدودين يدخـل، ويخرج من مستقر الجواهري بدمشق، دون موعد او وقت محدد، مُستثنى من اية رسميات، وانا هنا شاهد ايضا اذ كنت اقيم في ذلكم المستقر (البيت) فترات طويلة، في عقدي الثمانينات والتسعينات..
وفي دمشق ايضا، ومنها، استذكر كيف رحل بنا ابو نبيـل، في حافلة برية الى "القامشلي" السورية، ومنها الى اقليم كردستان العراق، استغرقت حوالي 18 ساعة مع نحو ثلاثين مثقفا واديبا واعلاميا، عراقيا وعربيا، لنشارك في مئوية الجواهري، المهيبة، التي اقيمت في كل من اربيل والسليمانية، وقد كانت بمبادرته – فخري كريم- وهمته، بشهادات موثقة..
اما عن الانطباعات الشخصية والخاصة عن الرجل الذي تأتي هذه السطور الموجزات عنه فاقول بان العزيز ابا نبيل برغم "كارزميّته" المشهودة، والشهير بها، لكنه اشتهر في الوقت نفسه، بعلاقاته الاجتماعية والانسانية، موثقة ايضا في وقائع واحداث عديدة. ولن اتوسع هنا بهذه الشؤون، اذ اعرف بان الرجل قد يعاتبُ، ويعتبُ، في، وعن ذلك، وأحسب انه كفاه منها "سمينها" واكثر: سياسيا وثقافيا واعلاميا، واجتماعيا، برغم بعض "غثها" الذي ترفعَ وما برح في الردود على "شقشقات" منه هنا وهناك، الا في حالات طفـح بها الكيّل كما يقال.. وتلك خصال لا يقدر عليها كثيرون ممن تصدوا للشأن العام، الوطني والسياسي، وما بينهما، على ما ازعم.. مع ميّـلي - وقد تحدثت معه قبل اسابيع قليلة عن ذلك- واعني اهمية بوحه ببعض كـمٍ غزير من الوقائع والشواهد، التاريخية والوطنية، ما احوج الناس، ولا سيما المتابعين والمعنيين منهم، ان يطلعوا عليها، بقدر ما يرتأيه، ويحسب حسابه، اذ "للمجالس امانات" كما هو سائد، ويسود، وهو بالغ الحرص كما ادري على سيادة الحفاظ على تلك الامانات، خلاف غيره..
مؤكد ان هناك الكثير الكثير الاخر الذي يمكن التوقف عنده، والاشارة اليه، عن العلاقات والذكريات، الرحيبة في نواح عديدة مع العزيز فخري كريم- ابي نبيل.. غيّر ان هذه الكتابة، مثلها مثل سابقاتها، مواجيز ومحطات وحسب، وآمل ان تكون قد أوفت بما اردت لها، وبها من مؤشرات تفصح وتوثق للتاريخ...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram