طلبة الفنان المخرج المسرحي بدري حسون فريد ينقلون عنه انه عندما كان يواصل دراسته في الخارج كان يقول " آخ " مرة واحدة في الشهر، وعندما انهى دراسته واصبح استاذا في معهد الفنون الجميلة بعد سنوات من تاسيسه اضطر لأن يردد ويصرخ "اويلاخ" اكثر من مرة في الساعة الواحدة للتعبير عن احتجاج او رفض لظاهرة اثارت في نفسه الحزن او التذمر .
اسلوب الفنان فريد في الاحتجاج والرفض لا يختلف في مضمونه عن اساليب الاخرين في استخدام مفرادات جعلوها ماركات مسجلة باسمائهم للتعبير عن السخط ، وهذا الامر امتد الى الاطوار الغنائية الريفية : يابوية وياويلي ، عليكم يعبر ونيني، وآخ يا ضيمي على طريقة الراحل عبادي العماري في غناء المحمداوي .
دخول تكنولوجيا الاتصالات وشيوع استخدام شبكة الانترنت حفزا الكثيرين على استعارة التقنيات الحديثة . وباستخدام مفردة "أوف" لاين على غرار "أون لاين" واخواتها سيطال السخط الالكتروني كل الظواهر بدءا من استشراء الفساد المالي والاداري ، واستمرار الازمة السياسية ، وتراجع الخدمات ، وارجاء الاصلاح ، وتعطيل تشريع قوانين تشكيل الاحزاب ، والمحكمة الاتحادية ، وادارة الملف الامني وكل ما يتعلق بضمان حياة سياسية مستقرة في البلاد من شأنها ان تعزز وتوطد التجربة الديمقراطية. ونظرا لكثرة الحديث عن هذه الامور والاشارة الى الشعارات تعطي انطباعا سائدا بانها تندرج ضمن "الملخيات "اي الادعاءات والاكاذيب ، والتصدي لها لا يحتاج الى تنظيم تظاهرات احتجاج قد تتعرض للملاحقة من قوات مدججة باحدث الاسلحة والمعدات ، والكلبجات المخصصة لعمليات الاعتقال الفوري ، فيكفي قول "اوف لاين " ثم تندع ثورة الجياع بحسب تعبير رئيس مجلس النواب الاسبق محمود المشهداني .
"اوف" لاين تصلح ان تكون فكرة لبرنامج اذاعي يعتمد على استقبال شكاوى المستمعين ، شريطة ان يكون البث اكثر من ساعة لان هموم العراقيين ومعاناتهم تحتاج الى سقف زمني عال لتبويبها وترتيبها ضمن ملفات سياسية واقتصادية واجتماعية لغرض تسهيل عرضها امام المسؤولين واصحاب القرار سعيا لمعالجات فورية. والقضية غير خاضعة للبحث والمناقشة والحوار حول طاولة مستديرة لان اعتماد هذا الخيار يعني التسويف وتكرار تجربة اعداد ورقة الاصلاح ، وفكرة عقد المؤتمر الوطني لتجاوز الازمة الراهنة .
القادة السياسيون والمسؤولون ، استنادا الى تصريحاتهم شبه اليومية، اكثر تذمرا من الشعب من سوء الاوضاع في البلاد ، وهم بأمس الحاجة الى استخدام ( أوف لاين ) للتخلص من متاعب واعباء ومشاكل يثيرها الشركاء والحلفاء والخصوم ، كتبوا الدستور ثم اختلفوا على تطبيقه وعطلوا اجراءات تعديل بعض مواده. وفي اجواء هذه الفوضى تكون مفردة "اويلاخ " المعبر الحقيقي عن مخاوف مشروعة من الدخول في العام الجديد بتراكمات العام المنصرم ، لاسيما ان ترحيل الازمات بات ماركة مسجلة للواقع العراقي ، الامر الذي يتطلب البحث عن ماركة اخرى محلية الصنع .