أربيل / سوزان طاهر
عقدت الأحزاب والقوى السياسية الكردستانية اجتماعًا مشتركًا بمقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في أربيل، أدانت فيه قرار وزارة المالية الاتحادية بوقف صرف رواتب موظفي الإقليم، معتبرةً إياه قرارًا سياسيًا يخالف الدستور ويستهدف المواطنين.
وأكد المجتمعون في بيان لهم، تمسكهم بالحوار لحل الخلافات، دون استبعاد أي خيار في سبيل حماية حقوق شعب كردستان.
تأتي هذه التطورات في ظل تصاعد الأزمة المالية بين بغداد وأربيل، بعد إعلان الحكومة الاتحادية وقف تمويل رواتب موظفي الإقليم، مبررة القرار بتجاوز كردستان حصته الدستورية من الموازنة وعدم تسليم الإيرادات النفطية وغير النفطية.
في المقابل، ترى حكومة الإقليم أن بغداد "تستخدم الملف المالي كورقة ضغط سياسية"، متهمة إياها بمخالفة قرارات المحكمة الاتحادية التي نصت على دفع الرواتب مباشرة للموظفين وعدم ربطها بالخلافات السياسية.
تأجيل مؤقت
وكشف عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفا محمد كريم، السبت، عن تفاصيل اجتماع الأحزاب الكردية في أربيل.
وقال محمد كريم في حديث لـ(المدى) إنه "تم اتخاذ قرار تأجيل الانسحاب من العملية السياسية في بغداد بشكل مؤقت، وإعطاء فرصة للوساطات المحلية والدولية، لحل المشكلة الأخيرة، التي افتعلتها وزيرة المالية طيف سامي".
وأضاف أن "الاجتماع أكد على وحدة القرار والموقف الكردي، وأي قرار سيتخذ في المستقبل سيكون بالإجماع، وينفذ من قبل جميع الأحزاب التي شاركت في هذا الاجتماع".
وبين أنه "لم يتخذ قرار الانسحاب من بغداد، لأنه وصلت إلينا اتصالات من قيادات سياسية على مستوى رفيع، تطالبنا بالتأني، لمعالجة المشكلة".
وأوضح أن "رئيس تحالف الفتح هادي العامري سيزور أربيل على رأس وفد سياسي، لمعالجة الخلل الأخير، كما تلقينا وعدا بصرف الرواتب يوم الاثنين المقبل، بعد توقيع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على الصكوك، وسيكون صرف الرواتب على شكل قرض للشهر الحالي".
الضحية هو المواطن
من جهة أخرى أكد عضو الاتحاد الوطني الكردستاني صالح فقي أنه لا بديل عن الحوار لحل المشاكل العالقة بين بغداد وأربيل.
وقال فقي في حديثه لـ(المدى) إنه "لا يجب معاقبة موطني إقليم كردستان، وحرمانهم من فرحة العيد، ومسألة الخلافات القانونية تحل من خلال اللجان المشتركة في الحكومة الاتحادية، وحكومة إقليم كردستان".
وأضاف أن "التصعيد السياسي ليس في مصلحة أحد، ولا يخدم الأمن والاستقرار، وبالتالي يجب البحث عن حلول أخرى، لا يكون المواطن هو الضحية، وهنالك تحركات من جهات سياسية عليا لحل المشكلة الأخيرة، عبر صرف راتب شهر أيار قبل عيد الأضحى، ومن ثم تشكل لجنة مشتركة لحل مشاكل النفط والإيرادات الداخلية".
وكانت وزيرة المالية العراقية طيف سامي قد أبلغت رسمياً، حكومة الإقليم بتعذّر استمرار الوزارة في تمويل الرواتب، مرجعة ذلك إلى "تجاوز كردستان الحصة المقررة لها ضمن قانون الموازنة الاتحادية والبالغة 12.67%".
وفي بيان لاحق للوزارة صدر مساء الخميس، أكدت أن "حكومة الإقليم لم تلتزم بتسليم الإيرادات النفطية وغير النفطية للحكومة الاتحادية، وأن امتناع الإقليم عن تسليم الإيرادات أدى إلى تجاوز حصته المحددة في الموازنة"، مشيرة إلى أن "حكومة الإقليم لم تلتزم بتوطين الرواتب"، ورأت أن "عدم التزام حكومة الإقليم بتسليم نفط حقول الإقليم لشركة سومو تسبب في خسارة الخزينة العامة تريليونات الدنانير".
عقوبة سياسية
وتوالت ردود الفعل الغاضبة من حكومة إقليم كردستان والأحزاب الكردية المختلفة على قرار وزارة المالية، واعتبروه بمثابة عقوبة سياسية.
الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني ندد بالقرار، وأكد في بيان أن "بغداد لا تزال مستمرة في انتهاك الحقوق الدستورية لإقليم كردستان، وآخر تلك الانتهاكات يتمثل في كتاب وزارة المالية الذي يتعارض مع الدستور وأسس الاتفاق السياسي لتشكيل الحكومة".
من جانب آخر أكدت النائبة عن الاتحاد الوطني الكردستاني سروة محمد أن نواب الكتل الكردستانية وجهوا طلباً لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني بضرورة صرف رواتب الموظفين لشهر أيار قبل العيد.
وأوضحت في حديثها لـ(المدى) أن "التصعيد لا يخدم أحدا، وإذا كانت هنالك مخالفات مالية فينبغي حلها عن طريق الدستور والتفاوض، وعدم حرمان المواطن من حق الراتب، الذي هو أبسط حقوقه، لأن قطع الراتب يزيد من الفجوة والأزمة بين بغداد وأربيل".
وكشفت مصادر صحافية عن تحركات أمريكية واتصالات لغرض حل المشكلة الأخيرة بين بغداد وأربيل، خاصة بعد تهديد الحزب الديمقراطي بالانسحاب من العملية السياسية في العراق.
المصادر أكدت لـ(المدى) أنه "على ضوء تلك الاتصالات، فإن السوداني وافق على صرف رواتب شهر أيار على شكل قرض يستقطع من حصة الإقليم، على أن يتم إيجاد طريقة أخرى لصرف مستحقات الشهور الأخرى".
وأضافت أن "قادة في الإطار التنسيقي ومنهم رئيس تحالف الفتح هادي العامري، ورئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم حذروا السوداني من خطورة المشكلة الأخيرة مع الكرد، وانها قد تؤدي لنسف استقرار الحكومة العراقية، وتؤثر على إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة".
وتعد أزمة الرواتب الحالية امتداداً لخلافات عميقة بين بغداد وأربيل تتعلق بإدارة الموارد النفطية وحصص الموازنة.
وتأتي بوادر الأزمة الأخيرة في وقت يستعد فيه العراق لخوض الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في الـ 11 من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، ما قد يؤثر على سير التحالفات والتفاهمات السياسية المقبلة.
انسحاب الكرد من بغداد يتأجل.. نصائح للسوداني من الإطار والعامري في أربيل لحل المشكلة

نشر في: 1 يونيو, 2025: 12:30 ص









