البصرة / المدى
حذر مرصد «العراق الأخضر» البيئي من تصاعد خطير في مستويات الملوحة في شط العرب بمحافظة البصرة، مشيرًا إلى أن المؤشرات الحالية تنذر بكارثة بيئية وصحية تهدد سكان المحافظة خلال أشهر الصيف المقبلة.
وأكد المرصد، نقلاً عن خبراء مختصين، أن قياسات الأملاح الذائبة في المياه سجّلت ارتفاعًا غير مسبوق، وبلغت في قضاء أبي الخصيب بشكل عام، ومنطقة سيحان بشكل خاص، 14 ألف TDS، وسط توقعات ببلوغ النسبة 30 ألف TDS في مركز مدينة البصرة، وهي نسبة تمثل نصف ملوحة مياه البحر تقريبًا.
هذا الارتفاع الحاد في ملوحة المياه يعكس خللًا بيئيًا متفاقمًا سببه انخفاض تدفق المياه العذبة من نهري دجلة والفرات، وتراجع الإطلاقات المائية، إلى جانب استمرار التجاوزات على منابع الأنهار والمصبات، لا سيما من قبل شركات التراخيص النفطية التي تستخدم كميات كبيرة من المياه في عمليات الحقن، واستحواذ جهات نافذة على موارد مائية بصورة غير منظمة. وأكد المرصد أن استمرار هذه الظروف، من دون تنفيذ الإجراءات الحكومية المتفق عليها مسبقًا، مثل بناء السدود ومحطات التحلية، سيؤدي إلى تكرار حالات التسمم الجماعي، كما حدث في فصول صيف سابقة عندما تحوّل شط العرب إلى بيئة غير صالحة للاستهلاك البشري أو الحيواني.
المرصد دعا إلى فتح باب مفاوضات جادة مع دول الجوار لضمان حصة العراق المائية، مؤكداً أن تأجيل هذا الملف سيفاقم الأزمة ويزيد من الأضرار البيئية والاقتصادية، خصوصًا وأن السلطات لم تفِ بوعودها المتعلقة بمشاريع التحلية والسدود.
وأضاف أن غياب الإرادة الحاسمة لمواجهة التجاوزات المائية والانتهاكات البيئية يعكس ضعفًا في إدارة الملف المائي برمّته، رغم ما يحمله من تبعات تمس الأمن البيئي والمعيشي لملايين العراقيين في الجنوب.
يأتي هذا التحذير في ظل أزمة مستمرة منذ أشهر، كانت مفوضية حقوق الإنسان في محافظة البصرة قد نبهت إليها في تقرير سابق صدر في نيسان الماضي، حين أشارت إلى خطورة تراجع مناسيب المياه في شط العرب، وارتفاع نسب التلوث، وتراجع قدرة السكان على الوصول إلى مياه صالحة للشرب. وأكدت المفوضية أن غياب مشاريع التحلية، واعتماد السكان على مياه غير معالجة، قد يؤدي إلى كوارث صحية ويهدد الزراعة والأمن الغذائي في المحافظة.
وفي سياق متصل، حذّر النائب في البرلمان العراقي حيدر السلامي من تفريط محتمل في اتفاقية خور عبد الله، مشيرًا إلى أن الممر البحري يمثل الرئة البحرية الوحيدة للعراق على الخليج العربي، والتفريط به يعني خنق البلاد اقتصاديًا وبحريًا. وأكد السلامي أن هناك ضغوطًا تمارس على بعض النواب من أجل التنازل عن الملف، رغم خطورته على سيادة البلاد ومكانتها الاقتصادية. ولفت إلى أن خسارة هذا الممر قد تترتب عليها نتائج مباشرة من قبيل فرض تكاليف إضافية على الصادرات العراقية، وتقليص فاعلية الموانئ الوطنية، إضافة إلى احتمالات إنزال العلم العراقي عن البواخر التجارية.
السلامي دعا الحكومة العراقية إلى التحرك العاجل ورفع ملف خور عبد الله إلى الأمم المتحدة، وإعادة التفاوض على أسس تضمن مصالح العراق وسيادته البحرية، مؤكدًا أن هذا الممر لا يمثل مجرد خط ملاحي، بل هو النافذة البحرية الوحيدة للعراق، والتنازل عنه يعني خسارة استراتيجية لا يمكن تعويضها في المستقبل القريب.