 ذي قار / حسين العامل

تتواصل في محافظة ذي قار التحركات الرسمية والشعبية لحسم ملف العشوائيات، وسط تقديرات متباينة تشير إلى وجود ما بين 74 ألفاً و148 ألف وحدة سكنية عشوائية. وفي وقت أعلنت فيه الحكومة المحلية قرب تمليك أكثر من 140 ألف وحدة سكنية، دعت منظمات مجتمعية إلى تبني حلول واقعية تتمثل في توفير أراضٍ مخدومة ومتصلة بشبكات المواصلات، تُمنح للمواطنين بأقساط ميسرة.

وتشكل العشوائيات في ذي قار ما يشبه «حزام الفقر» حول معظم الوحدات الإدارية في المحافظة، إذ تفتقر هذه المناطق التي يقطنها نحو 400 ألف نسمة – أي ما يقارب خمس سكان المحافظة – إلى الخدمات الأساسية. وكانت تُصنف سابقاً كمناطق زراعية أو غير مأهولة، لكنها أُدرجت ضمن التصاميم الأساسية بعد توسع الرقعة السكنية عقب عام 2003.

إجراءات حكومية متباينة
شهدت الأيام الأخيرة سلسلة تصريحات وتحركات بشأن الملف. وأعلن محافظ ذي قار، مرتضى الإبراهيمي، المباشرة بإجراءات تمليك 74 ألف وحدة سكنية بعد عطلة عيد الأضحى، وفق قرار 320، على أن تنطلق العملية من مدينة الناصرية، ثم تمتد إلى بقية الوحدات الإدارية.
في المقابل، قال النائب الأول للمحافظ، رزاق كشيش الغزي، إن عدد الوحدات العشوائية المسجلة يتجاوز 148 ألفاً في عموم المحافظة، منها 44 منطقة في مدينة الناصرية، وأن إجراءات تمليكها وصلت مراحل متقدمة، لم يتبق منها سوى تقدير القيمة المالية للوحدات بما يتناسب مع قدرة المواطنين.
وأشار الغزي إلى أن بعض الموظفين يقدمون تقديرات مرتفعة تعجز الأسر عن تسديدها، ما يحد من استفادة المواطنين ولا يحقق جدوى مالية للمؤسسات. وأكد أن الحكومة المحلية قطعت أشواطاً بالتنسيق مع الجهات المعنية، وقد تم إيصال بعض الخدمات الأساسية إلى عدد من هذه المناطق.

مطالبات بإصلاح جذري
وفي سياق متصل، نظم مركز البوصلة للحوار والدراسات ورشة عمل حول العشوائيات، بحضور مسؤولين محليين وممثلين عن التخطيط والبيئة وأكاديميين. وأوضح عضو المركز الدكتور علي عبد الهادي العتابي أن الورشة بحثت المعالجات الممكنة، مبيناً أن السكن العشوائي ينقسم إلى مرحلتين: ما قبل 2003، وهو مسجل بشكل شبه نظامي، وما بعده، حيث وقعت التجاوزات على أراضٍ مملوكة للدولة أو للأفراد.
وأكد العتابي أن هناك توجهاً لتحويل جنس الأراضي الزراعية المتجاوز عليها إلى بلدية، لتمليكها للسكان شرط عدم استفادتهم سابقاً من توزيع الأراضي. ودعا إلى إزالة التجاوزات عن الأراضي الخاصة، ووقف أي بناء عشوائي جديد اعتباراً من 6 كانون الأول 2024.
وأضاف أن التجاوزات السكنية تمثل أكثر من 34% من مجموع الوحدات السكنية في مركز الناصرية، داعياً إلى اعتماد حلول قائمة على تخصيص أراضٍ مخدومة بالبنى التحتية ضمن التصاميم الرسمية، بعيداً عن الاستثمار، مع توفيرها للمواطنين بأقساط ميسرة دون فوائد أو دفعات مقدمة، وتحت إشراف الجهات الحكومية.

جهود متواصلة
وكانت إدارة المحافظة قد أعلنت في آذار 2024 عن وجود 75 ألف دار ضمن مناطق العشوائيات، مشيرة إلى سعي محلي ومركزي لتوفير خدمات أساسية لبعضها. كما أقرت خلية الجهد الخدمي في شباط 2024 خطة لشمول المناطق الأكثر فقراً بالخدمات البلدية في خمس وحدات إدارية، تضمنت أعمال تبليط الطرق، إيصال مياه الشرب، تنظيم تصريف المياه الثقيلة، ومعالجة المشاريع المتلكئة.
وتواجه المحافظة التي تضم 22 وحدة إدارية ويقطنها أكثر من 2.4 مليون نسمة، عجزاً كبيراً في البنى التحتية. إذ يتجاوز العجز السريري في المستشفيات 4000 سرير، وتحتاج إلى أكثر من 800 بناية مدرسية. كما لا تغطي شبكات المجاري سوى أقل من 30% من المناطق السكنية، بينما يعاني قطاع الكهرباء من تقادم الشبكات والمحولات، مما يزيد من مخاطر الأعطال والانفجارات.