ذي قار / حسين العامل
منذ نحو 10 أعوام اشتد النزاع على ملكية الأرض التي أنشئت عليها مدينة العاب الناصرية، ومنذ ذلك التاريخ توقفت إدارة المدينة عن تقديم خدماتها الترفيهية للمواطنين، وعبثت يد البشر والأيام بتلك الألعاب حتى بات الأطفال يتحسرون على ما يتمتع به اقرانهم من العاب في المدن الترفيهية.
ويعود النزاع على ملكية مدينة العاب الناصرية (المدينة الترفيهية الوحيدة في مركز مدينة الناصرية) والتي انشأت في سبعينيات القرن الماضي الى ادعاء جهات متنفذة بملكية مساحة كبيرة من الارض التي اقيمت عليها المدينة المذكورة، اذ اقدمت مجموعة مسلحة في منتصف عام 2024 على تجريف سياجها الخارجي، وهو ما صعد في حينها من مطالبة الاهالي للحكومة المحلية بالتصدي لتلك الجهات وعدم التفريط بالممتلكات العامة ناهيك عن اعادة تشغيل المدينة المذكورة والتي مازالت متوقفة حتى اليوم.
ويرى الأهالي في مدينة الناصرية ان الخاسر الأكبر من النزاع على ملكية ارض مدينة الألعاب هم أطفالهم واسرهم ولاسيما في أيام الأعياد والمناسبات، اذ لا أماكن ترفيهية متاحة امامهم وهو ما جعلهم يلجؤون الى العاب بدائية قد تهدد حياة أطفالهم او التوجه في سفره مرهقة الى بساتين النخيل البعيدة عن مركز مدينة الناصرية او قضاء أيام العيد في منازلهم واقتصار طقوسه على تبادل الزيارات بين الاهل والاصدقاء.
ويقول المواطن حيدر الناصري ان "الأهالي يترقبون ومنذ عدة اعوام انفراج وحسم النزاع على مدينة الألعاب وعودتها للعمل الا انهم ما زالوا حتى اليوم في حالة ترقب وانتظار قد يطول لعدة أعوام قادمة"، داعيا الحكومة المحلية الى التحرك لإنشاء مدينة العاب أخرى سواء عبر التمويل الحكومي او من خلال الاستثمار وذلك لإنقاذ الأطفال من حالة الحرمان التي يوجهونها في كل عيد.
فيما تجد المواطنة محاسن حسين ان محنة العيد والأماكن الترفيهية في المحافظة باتت ازلية في ظل التردي الحاصل في شتى المجالات، مشيرة الى "غياب أيّ معلم من معالم الترفيه الخاصة بألعاب الأطفال"، مرجحة ان "تكون أيام عيد الأضحى القادم كسابقاتها وان طقوس العيد ستقتصر على الزيارات العائلية وعمل الكليجة والحلويات وغير ذلك".
وشددت حسين على "ضرورة ايلاء الجانب الترفيهي الاهتمام اللازم وتخصيص الأموال الكافية لإنشاء مدن ألعاب حديثة واستحداث المزيد من الحدائق العامة والمتنزهات كي تكون متنفساً للأهالي".
وبدورها نقلت (المدى) طروحات المواطنين الى رئيس اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس محافظة ذي قار سالم عجمي الإسماعيلي الذي قال ان " تكون مدينة الناصرية دون مدينة العاب خلال أيام الأعياد وغيرها هو امر مؤسف "، وأضاف ان " الحكومات السابقة أنشأت مراسي للزوارق في مناطق تعاني من الجفاف وتفتقر للمياه ولم تلتفت الى الجوانب الترفيهية في المناطق المأهولة بالسكان".
ويجد الاسماعيلي ان "المتنزهات والحدائق ومدن الألعاب لم تحظى بالاهتمام الحكومي لا سابقا ولا حاليا".
ويرى رئيس اللجنة المالية والاقتصادية ان التخصيصات المالية المتاحة للحكومة المحلية الحالية غير كافية لتمويل مشروع لإنشاء مدينة العاب جديدة، وأوضح قائلا ان " الحكومة المحلية الحالية محكومة بموازنة ثلاثية للسنوات 2023 – 2025 وان الدفعة المالية الأولى كانت انفجارية فيما كانت موازنة عام 2024 لمحافظة ذي قار والتي صوت عليها مجلس المحافظة تقدر بـ 240 مليار دينار وبمجملها مخصصة لتمويل المشاريع المستمرة".
وتابع الإسماعيلي "اما في عام 2025 فللأن لم يصل الى المحافظة أي تمويل"، وتساءل "ماذا نفعل؟ فنحن كمن (ألقاهُ في اليمِّ مكتوفاً وقال له: إيَّاك إيَّاك أنْ تبتلَّ بالماءِ)"، واستطرد "فعندما لا تكون لديك أموال او موازنة فكيف تعمل".
مبينا ان "موازنة عام 2023 كانت كشوفاتها معدة في وقت سابق وان الحكومة المحلية لم تتولى سوى إعلانها واحالتها وان مجلس المحافظة لم تكن له يد في اعداد تلك الكشوفات كونها سبقت انتخابه وتشكيله".
واقترح عضو اللجنة الاقتصادية والمالية ان يجري تمويل مشروع لإنشاء مدينة العاب في مدينة الناصرية ضمن مشاريع صندوق اعمار ذي قار او موازنات خطة تنمية المشاريع المستقبلية "، مؤكدا عدم توفر الامكانية المالية في الوقت الحاضر لإنشاء مدينة العاب.
وعن النزاع حول ملكية موقع مدينة العاب الناصرية قال الإسماعيلي ان "الإجراءات حول تحديد ملكية موقع مدينة الألعاب سبق وان تدخل فيه رئيس مجلس الوزراء وتمت احالته الى لجنة للتحقيق وبهذا لا يحق لاحد التصرف بالأرض غير السلطة المحلية ودائرة البلدية".
يذكر ان مجموعة مسلحة ترافقها مجموعة من الجرافات اقدمت في (اواسط تموز 2024) على تجريف سياج مدينة العاب الناصرية تحت جنح الظلام، وهو ما اثار اهالي الناصرية الذين احتشدوا ليلا امام مدينة الالعاب بدعوة من الناشط احسان الهلالي للتنديد بذلك، الامر الذي دعا محافظ ذي قار مرتضى الإبراهيمي، الى اصدار توجيه، بتشكيل لجنة تحقيقية عاجلة لمعرفة الجهة التي قامت بهدم السياج واتخاذ الإجراءات القانونية والقضائية بحقها.
وكان ناشطون في ذي قار قد أطلقوا في منتصف (تموز 2024) حملة شعبية واعلامية واسعة بوجه جهات متنفذة تحاول الاستحواذ على اماكن ذات نفع عام ومواقع حيوية وترفيهية في مركز مدينة الناصرية عبر عقود استثمارية، وهو ما دعا هيئة الاستثمار الى توضيح موقفها والرد على الاتهامات الموجهة لها في هذا المجال.
ولم يكن قلق الاهالي من تحويل المواقع الحيوية وذات النفع العام الى الاستثمار ناجم عن فراغ اذ سبق لإدارة محافظة ذي قار السابقة ان قامت بتحويل عدد من الابنية الحكومية الى مشاريع استثمارية وتجارية من بينها موقع العيادة الخارجية وسط الناصرية الذي تحول الى مول تجاري بعد ان كان يقدم خدمات طبية لأبناء المحافظة، ومبنى محافظة ذي قار القديم الذي تحول الى مرآب استثماري لوقوف السيارات ومبنى قيادة فرع ذي قار الذي كان من المفترض ان يتحول الى حديقة عامة وتحول الى مول تجاري فيما تحولت مساحات من الاراضي التي كانت مخصصة لإنشاء حدائق ومساحات خضراء الى مجمعات سكنية لمسؤولين متنفذين، هذا ناهيك عن تحويل عدد كبير من الابنية الحكومية الى مقرات حزبية ومنح رخص استثمارية في مواقع حيوية لجامعات اهلية ومراكز تجارية (مولات)، فيما مازالت مدينة العاب الناصرية التي تعد المتنفس الوحيد لـ 700 الف نسمة من سكان مركز مدينة الناصرية معطلة بعد نزاع على ملكية الارض.