باسم عبد الحميد حمّودييكتب الروائي عمله لكشف حالة إنسانية خارج التقاليد (مذكرات لص لجان جينيه) أوصمنها (خان الخليلي لمحفوظ) أو للتعبير عن صراع (محمود السيد في جلال خالد) أو لصياغة مذكرات خاصة تتخذ من الرواية معبرا للكشف عن واقع إنساني تتداخل فيه الأماكن وتتطور فيه شخصية البطل وتزداد خبرة وتجربة (الأيام لطه حسين),
وهناك أهداف أخرى اتخذ الكاتب منها سببا لكتابة روايته مثل : اتخاذ الرواية بديلا للكتابة التاريخية أو للتعبير عن موقف فكري او سياسي من القضية المطروحة . من ذلك رواية(فيصل)لخالد زيادة التي كتبها مصورا جزءا من حياة الملك فيصل الأول ورواية (أبناء القلعة) لزياد قاسم التي صوّر فيها بدايات تأسيس مدينة عمّان ورواية (قالت الأيام) لغالب عبد الرزاق التي صورت انتفاضة 1941 في البصرة- بغداداشتغل الكثير من الروائيين ومن مختلف العصور واللغات على الجوانب التاريخية والاجتماعية، وما زال معظم كتّاب الرواية يعملون في هذا الإطار ويوم كتب علاء الأسواني رائعتيه (عمارة يعقوبيان) و(شيكاغو) كان يؤرخ لعصر ولأفكار تتصارع، ويوم كتب علي بدر روايته المهمة (بابا سارتر)كان يرمم تاريخا للثقافة ويستلهم قراءة مستقبلية له في العراق . واذا انتقلنا إلى أزمنة أخرى فسنجد الكثير: يوم كتب شارلز ديكنز (قصة مدينتين) كان يؤرخ فيها للثورة الفرنسية وأزمتها مع النظام الملكي في بريطانيا ,الصراع بين السعي من أجل الحرية وأكتشافها . ويوم كتب فكتور هوغو روايته (البؤساء) كان يؤرخ فيها لجزء من الحياة الاجتماعية للطبقات في فرنسا البوربونية ولمتابعة (لعنة) تطارد جان فالجان – بطل الرواية -اينما حل. وعندما كتب جان بول سارتر (دروب الحرية) كان يؤسس لتجربة الرواية الذاتية – الموضوعية التاريخية التي عبرت عن الحرب والسلام معاو أذا كانت رواية جان جينيه (مذكرات لص) تكشف عن القاع السفلي لباريس في خمسينات القرن العشرين فأن رواية توفيق الحكيم (يوميات نائب في الأرياف) قد كشفت عن الواقع الاجتماعي لقرى مصر أيامها واعتناق الفلاحين لخرافات وأوهام شتى . الرواية هنا تشكل صورة اجتماعية عرفية لا تكاد تخضع لبطل درامي واحد بل تشكل امتدادا تنشطر عنه الأحداث ويعاد البناء من داخلها من اجل إضافات جديدة.في روايته (خمسة أصوات) أعطى غائب طعمة فرمان لجزء حيوي من مجتمع بغداد المثقف القدرة على كشف الهواجس والأحلام وقدم نماذج من امثال الشاعر حسين مردان والكاتب عبد المجيد الونداوي وهو ذاته عارضا لجزء من سير حياتهم الشابة يومذاك .وفي روايته (جلال خالد) قام محمود أحمد السيد بالكشف عن جزء من سيرته وعن احتجاجه الملفت على عدم نجاح ثورة العشرين واتخاذه سلاح العلم والتعلم بديلا عن انخراط في تجارب سياسية فاشلة .معظم الروايات التي كانت موضع الاستشهاد كان الروائي حاضرا فيها مثل (دروب الحرية –جلال خالد –خمسة أصوات –يوميات نائب- الأيام) قدم فيها جزءا من سيرة حياته فيما كانت رواية (بنت الخان)لهدية حسين ورواية ميسلون هادي (العيون السود) قد قدمتا بانوراما عامة مثقلة بالشجن لحيوات البشر. التاريخ يعمل جيدا في الرواية وكذلك الدافع الشخصي واللغة المبدعة وهذه الدوافع والوسائط تكوّن الرواية.
وجهة نظر .الرواية والشخصيات.. سيرة حياة وكشوف
نشر في: 27 فبراير, 2011: 05:13 م