بغداد / المدى
في مشهد يعكس حجم التحديات التي تواجه مؤسسة الحشد الشعبي، كشف قائد فرقة العباس القتالية، الشيخ ميثم الزيدي، عن وجود ممارسات وصفها بـ"الخطيرة وغير القانونية"، داخل بعض مؤسسات الهيئة، محذرًا من استغلال هذه المؤسسة الأمنية الحساسة لأغراض سياسية وشخصية على حساب منتسبيها، ومطالبًا بإعادة النظر في هيكلها الإداري والتنظيمي.
وقال الزيدي في كلمة له تابعتها (المدى)، إن "عدداً من منتسبي الحشد تعرضوا للاعتقال والتعذيب بسبب خلافات داخلية أو مواقف انتخابية، وهو ما يمثل تجاوزاً للقانون وخروجاً عن المسار الوطني الذي تأسس عليه الحشد".
وأشار إلى حالتين وصفهما بـ"المؤلمتين"، الأولى تتعلق بمنتسب اعتُقل لمدة 40 يومًا لمجرد أن أحد أقاربه شارك في حملة انتخابية لمرشح منافس، حيث حُرم خلالها من زيارة ذويه وسُحبت منه بطاقة الكي كارد دون أي سند قانوني.
أما الحالة الثانية، فتعود إلى مجموعة من المنتسبين تم استدعاؤهم إلى أحد المعسكرات في جنوب العراق بعد خسارة أحد المرشحين، حيث خضعوا لتحقيق قاسٍ شمل تعليق أحدهم من قدميه وتعذيبه بدعوى "التقصير"، رغم عدم علاقتهم بنتائج الانتخابات من قريب أو بعيد.
وفي حادثة أخرى، لفت الزيدي إلى أن أحد المنتسبين سُجن أربعين يوماً بسبب عدم جلبه عشر بطاقات انتخابية لآمر الفوج، معتبرًا ذلك دليلاً صارخًا على تسييس المؤسسة واستخدام أدواتها في غير مواضعها القانونية والوطنية.
ووصف الزيدي هيئة الحشد الشعبي بأنها "تُدار حالياً ضمن أكبر ملفات الفساد"، مشيرًا إلى تعيينات غير منطقية شملت إدخال نساء ومواليد 2005 في مؤسسة أمنية، في وقت ما زال فيه المفسوخة عقودهم والجرحى يعانون من الإهمال والتهميش.
وختم الزيدي بدعوة صريحة إلى "إصلاحات شاملة تضمن التزام الحشد بالقانون وبالمرجعية الدينية التي تأسس على نهجها في محاولة لإعادة تصحيح المسار وحماية هوية المؤسسة من الانحرافات والتجاذبات السياسية".
منذ تأسيس هيئة الحشد الشعبي في عام 2014 كقوة رديفة للجيش العراقي لمحاربة تنظيم داعش، برزت تحديات متكررة تتعلق بتوظيف هذه المؤسسة العسكرية في الصراعات السياسية والانتخابية، لاسيما مع تنامي نفوذ بعض فصائلها وارتباطها بأحزاب وشخصيات سياسية نافذة. وبحسب مراقبين فأن "استغلال الحشد الشعبي في الانتخابات تحوّل إلى ظاهرة تتكرر في كل دورة انتخابية، ما يهدد فكرة الحياد المؤسساتي ويقوض شرعية العملية الديمقراطية، وتصريحات الزيدي الأخيرة تكشف أن هذه الممارسات لم تتراجع، بل أصبحت أكثر وقاحة وعلنية". ورغم خطورة هذه الممارسات على نزاهة العملية الانتخابية، لم تتخذ الحكومات المتعاقبة إجراءات جذرية لمعالجة هذا الخلل البنيوي، إما بسبب التوازنات السياسية، أو الخوف من التصعيد مع فصائل مسلحة قوية.