أربيل / سوزان طاهر
غيبت الأزمة المالية وتأخر صرف رواتب الموظفين في إقليم كردستان أجواء الاستعدادات لعيد الأضحى، وسط أسواق تبدو خالية من المتبضعين، على عكس الأعياد السابقة.
ومع حلول الأعياد والمناسبات، يتوافد آلاف السياح من مدن وسط وجنوب العراق إلى إقليم كردستان، لقضاء عطلة العيد والتمتع بالأجواء الجميلة في المناطق السياحية المختلفة في الإقليم.
ومع اقتراب الأعياد تشهد أسواق المدن في جميع محافظات العراق إقبالاً واسعاً على شراء البضائع والمستلزمات، وتزدحم المراكز التجارية، ومحلات الحلويات والملابس بالمتبضعين.
لكن تأخر صرف رواتب الموظفين لشهر أيار، واستمرار الأزمة المالية، سرق فرحة العيد، لتستمر أسواق محافظات الإقليم بركودها، وموتها السريري، نتيجة ضعف الحركة التجارية.
وكانت وزيرة المالية العراقية طيف سامي قد أبلغت رسمياً حكومة الإقليم بتعذّر استمرار الوزارة في تمويل الرواتب، مرجعة ذلك إلى "تجاوز كردستان الحصة المقررة لها ضمن قانون الموازنة الاتحادية والبالغة 12.67%".
وفي بيان لاحق للوزارة أكدت أن "حكومة الإقليم لم تلتزم بتسليم الإيرادات النفطية وغير النفطية للحكومة الاتحادية، وأن امتناع الإقليم عن تسليم الإيرادات أدى إلى تجاوز حصته المحددة في الموازنة"، مشيرة إلى أن "حكومة الإقليم لم تلتزم بتوطين الرواتب"، ورأت أن "عدم التزام حكومة الإقليم بتسليم نفط حقول الإقليم لشركة سومو تسبب في خسارة الخزينة العامة تريليونات الدنانير".
خوف المواطن
وبهذا الصدد يؤكد الخبير في الشأن الاقتصادي فرمان حسين إلى أن، عيد الأضحى الحالي، هو الأقل حركة، والأسواق تبدو شبه خالية من روادها.
وبين في حديثه لـ(المدى) إنه "في الأعياد السابقة كانت الأسواق تعج بالآلاف من المواطنين الذين يبقون حتى ساعات متأخرة، لشراء مستلزمات العيد، من الملابس، والحلوى والمكسرات، والمواد الغذائية".
وأضاف أن "الأعياد في السنوات السابقة كانت بمثابة المنقذ للتجار وأصحاب المحلات، فهم يعوضون الركود والخسائر التي يتلقونها على مدار السنة، على اعتبار أن المواطن يصرف بكثرة في المناسبات".
لكن، حتى هذا الأمر لم يعد ممكناً في العيد الحالي، فالمواطن الكردي يعتمد بدرجة كبيرة على الرواتب، وفي ظل عدم التأكد من استمرار صرف الرواتب، فأنه لا يستطيع الصرف بأريحية، وبالتالي فعمليات الشراء تختصر على الحاجات الأساسية.
وتعد أزمة الرواتب الحالية امتداداً لخلافات عميقة بين بغداد وأربيل تتعلق بإدارة الموارد النفطية وحصص الموازنة.
وشهدت أسواق إقليم كردستان خلال السنوات الأخيرة تراجعاً في الحركة التجارية، بسبب الأزمة المالية، وقلة الطلب، ما أدى إلى إغلاق الكثير من المحال والمراكز الكبيرة، وتسبب بارتفاع معدلات البطالة.
أسواقٌ فارغة
أصحاب المحلات في السليمانية اشتكوا من تراجع الحركة التجارية وغياب مظاهر العيد، واختفاء مشهد الازدحامات التي تشهدها الأسواق مع اقتراب هذه المناسبة في كل عام.
برهم علي وهو صاحب محل لبيع الحلويات والمكسرات في السليمانية أكد أن، الاعتماد حالياً على السائحين القادمين من محافظات الوسط والجنوب.
ولفت خلال حديثه لـ(المدى) إلى أنه "في الأعياد السابقة كانت محلات الحلويات تشهد إقبالاً كبيراً، لشراء الحلوى والمكسرات ومن السما وغيرها، والتي تستخدمها العوائل في العيد بكثرة، لكن عمليات البيع خلال هذا العيد هي أقل بـ 50% من عيد الفطر السابق".
غياب الازدحامات
أما محلات الحلاقة والتي تشهد زخماً كبيراً مع قرب الأعياد والمناسبات، فيبدو أن الحركة هي أقل، والشكوى من الحلاقين هي ذاتها من أقرانهم من أصحاب المهن الأخرى، فالإقبال محدود، ولا يوازي الاستعداد لعيد الأضحى.
دانا ملا سعيد وهو صاحب محل حلاقة يقول في حديثه لـ(المدى) إن "العيد الحالي لا يشهد الزخم الذي تشهده الأعوام الماضية، وحتى استعداد العيد ليس هو ذاته، ويبدو أن تأثيرات الأزمة المالية واضحة على المواطنين".
وأشار إلى أنه "في الأعياد السابقة كانت محلاتنا تزدحم بالزبائن ونبقى حتى ساعات الفجر، لكن خلال الأيام الحالية، فإن عدد الزبائن قليل جدا، ولا يوازي حجم المناسبة والاهتمام بها".
أما سيامند وهو صاحب محل لبيع ملابس الأطفال في السليمانية فيشكو ذات الحال، ويؤكد بأن عمليات البيع انخفضت خلال الاستعداد لعيد الأضحى بمعدلات قياسية جداً.
وأوضح في حديثه لـ(المدى) أنه "قمنا بشراء بضائع جديدة استعداداً للعيد، ولكن لم نعلم بحصول الأزمة المالية وتأخر صرف الرواتب، وكنا نتوقع أرباحاً تعوض خسائر الموسم، لكن خسارتنا هذا العيد تضاعفت".
ولا يبدو حال المراكز التجارية "والمولات" أفضل، فالوضع هناك يبدو متشابهاً، وتلك المواقع خالية من الزبائن، وتأثيرات الأزمة المالية وتأخر الرواتب بات واضحاً عليها، بشكل كبير.
ويعول التجار وأصحاب المصالح والمحلات في السليمانية على قدوم أعداد كبيرة من السياح من محافظات وسط وجنوب العراق، خاصة مع انتهاء العام الدراسي، وللتمتع بأجواء الإقليم ومناظره الطبيعة، وهؤلاء من الممكن أن يساهموا بإنعاشاش حركة الأسواق.
أزمة الرواتب تلغي أجواء الاستعداد لعيد الأضحى في كردستان

نشر في: 5 يونيو, 2025: 12:43 ص