بغداد/ المدىاصدر المجلس العراقي للسلم والتضامن بيانا هاما بخصوص التظاهرات التي شهدتها البلاد يوم الجمعة الماضي وما رافقها من تداعيات خطيرة، وفي الاتي نصه:"شهدت مدن العراق يوم الجمعة 25 شباط الجاري تظاهرات احتجاج جماهيرية واسعة طالبت الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية في عموم المحافظات بتوفير ما وعدت به القوى السياسية الفائزة بالانتخابات وما انتخبت على أساسه من قبل المواطنين.
 وقد تركزت المطالب على توفير الخدمات الاساسية من كهرباء وماء ومعالجة أوضاع العاطلين عن العمل وتحسين ظروف قطاعات واسعة من الشعب تعيش دون خط الفقر والقضاء على مظاهر الفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة و تقديم الفاسدين الى المحاكم، بالإضافة إلى المطالبة بالحريات العامة والخاصة التي تتعرض لمجموعة من الانتهاكات والخروقات التي تتعارض مع نصوص الدستور، وردع المتجاوزين على هذه الحريات و محاسبتهم. و يرى المجلس العراقي للسلم والتضامن بأن مظاهر الاحتجاج في المدن العراقية قد أظهرت حقيقة المعاناة الشعبية وعمقها.ويشيد المجلس بمستوى النضج والوعي السياسي لدى المواطنين وطريقة الاحتجاج السلمية الحضارية التي عبروا فيها عن مطالبهم وحقوقهم، واليقظة العالية التي تحلوا بها في سدهم الطريق امام الجهات التي تفكر في توظيف هذه الاحتجاجات والهبات الجماهيرية المشروعة لمصالحها ومشاريعها السياسية المشبوهة، بالرغم من بعض الاحتكاكات الجانبية غير المسؤولة لبعض المتظاهرين.  غير ان ما يؤسف له هو الطريقة التي تصرفت بها المؤسسة الحكومية و تعاطيها مع هذا الحق الشعبي المشروع و المكفول دستورياً،حيث ساد موقفها الارتباك والتهويل لما سوف ينتج عن هذه التظاهرة، وخصوصاً في مسألة استغلالها وتوظيفها من قبل القوى المعادية للعملية السياسية و للديمقراطية، و أعطت التصريحات والخطابات الرسمية حجماً مبالغاً فيه لهذه القوى وصورت للمواطن مستوى القوة والتأثير الذي تتمتع به على الساحة العراقية، وهذا الأمر يعكس سلبية كبيرة تعتمد الوهم والتوقع غير السليم لطبيعة الواقع السياسي والاجتماعي في العراق.  وقد تجسد ذلك في طبيعة الإجراءات الحكومية التي سبقت التظاهرة من خلال الدعوة لعدم المشاركة فيها وإصدار بيان بحظر سير المركبات والدراجات اعتباراً من منتصف الليلة التي سبقت يوم التظاهرة والتضييق على وسائل الإعلام. وقد عكست طبيعة التظاهرات السلمية في بغداد وبقية المحافظات والشعارات المطلبية التي رفعها المتظاهرون الدوافع الشعبية الحقيقية لخروج آلاف المتظاهرين بشعاراتهم الموحدة التي تعكس الواقع المرير الذي يعيشونه. إن ما حدث من خسائر في الأرواح وبعض الممتلكات كان نتيجة ارتباك القوات الأمنية التي لم تتعامل بشكل هادئ ومنضبط مع حشود المتظاهرين المطالبين بحقوقهم المشروعة.  كما إن التجاوزات التي حصلت بحق عدد من المتظاهرين بضمنهم عدد من الاعلاميين، من قبل القوات الأمنية والتي وصلت إلى حد الضرب والحجز، يبين مدى التعاطي السلبي مع حرية الراي و الاعلام التي هي من أساسيات بناء الديمقراطية.ومما يثير الاستغراب و التساؤل هو التعامل الانتقائي لوسائل الإعلام التابعة للدولة مع الحدث و انحيازها الفاضح الى جانب الحكومة بالضد من الجماهير المتظاهرة و سعيها للتقليل من شان التظاهرات بالحديث عن عشرات المتظاهرين هنا و عشرات هناك.  ان المجلس العراقي للسلم والتضامن اذ يدين التجاوزات التي مورست بحق المتظاهرين و يدعو الى الاطلاق الفوري لسراح المحتجزين والمعتقلين منهم، فانه يدعو الى أهمية التوقف الجاد من جانب المسؤلين امام احداث الجمعة الماضية، والتعاطي مع الواقع الذي يعيشه المواطن العراقي بحرص وإيجابية وتحقيق مطالبه المشروعة دون إبطاء ووعود لا تسمن و لا تغني من جوع. ويؤكد المجلس أهمية التعامل الواقعي والموضوعي مع مطالب المواطنين في الإصلاح السياسي و الخلاص من المحاصصة والطائفية، والارتفاع بمستوى حياة المواطنين، باعتبار ذلك الطريق الأمثل لبناء مجتمعنا على أسس العدالة والديمقراطية وترسيخ مبادئ السلم الأهلي، وحماية الحقوق والحريات.