المدى/متابعة
في إطار مرحلة التعافي الاقتصادي التي تمر بها البلاد، أعلن عبد القادر حصرية، حاكم مصرف سوريا المركزي الجديد، أن سوريا ستُعاد ربطها بالكامل بنظام “سويفت” للتحويلات المالية الدولية خلال الأسابيع القليلة القادمة، وذلك بعد 14 عاماً من العزلة التي فرضتها الحرب والعقوبات الغربية.

هذه الخطوة تُعد جزءاً من حزمة الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها الحكومة الجديدة، والتي يُتوقع أن يكون لها أثر ملموس في دعم قطاعات حيوية مثل الزراعة والصناعة والتجارة، فضلاً عن تعزيز احتياطيات البنك المركزي السوري، بما يسهم في تسريع وتيرة التعافي الاقتصادي الشامل.

ويُعتبر نظام سويفت (جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك) حجر الأساس في منظومة الاتصالات المالية على مستوى العالم، إذ يُستخدم لإجراء مليارات التحويلات المالية بأمان وكفاءة. كما يُعد أداة فعّالة للضغط الاقتصادي، لكونه جزءاً محورياً من البنية التحتية المالية العالمية. ففي عام 2023 وحده، أرسلت أكثر من 11,500 مؤسسة مالية في 200 دولة ومنطقة ما متوسطه 47.6 مليون رسالة يومياً عبر شبكة سويفت.

وكانت المصارف السورية قد عانت من عزلة شبه تامة عن النظام المالي العالمي، إذ لم تكن قادرة على تنفيذ أو استقبال التحويلات المالية الدولية عبر القنوات الرسمية والمشروعة، ما شكّل عائقاً كبيراً أمام العمل التجاري والمالي. ومع العودة إلى سويفت، يُرفع هذا الحظر بشكل كبير، مما يُمكّن القطاع المصرفي السوري من استعادة دوره في الاقتصاد العالمي.

تحرّك متسارع لإعادة دمج سوريا اقتصادياً

في موازاة هذا التطور، تتسارع الخطوات العربية لإعادة سوريا إلى الحاضنة السياسية والاقتصادية الإقليمية، من خلال تعزيز التواصل الاقتصادي والإنساني، واستئناف الرحلات الجوية، وتوقيع اتفاقيات استثمارية تهدف إلى إعادة بناء البنية التحتية وتنشيط النشاط التجاري.

وفي هذا السياق، أعلنت شركة "فلاي دبي" عن إطلاق رحلات يومية إلى مطار دمشق الدولي انطلاقًا من دبي اعتباراً من الأول من يونيو 2025. كما أكدت الهيئة العامة للطيران المدني السوري عودة رحلات “طيران الإمارات” إلى دمشق بدءاً من 16 يوليو 2025، بعد توقف دام منذ عام 2012.

وقال غيث الغيث، الرئيس التنفيذي لشركة فلاي دبي:
"يسعدنا أن نكون أول شركة طيران إماراتية تستأنف رحلاتها إلى سوريا بعد 12 عاماً من الانقطاع. دمشق مدينة ذات أهمية ثقافية وتاريخية كبيرة، ونحن فخورون بخدمتها من جديد عبر رحلة يومية مباشرة، في خطوة تعكس التزامنا بدعم جهود دولة الإمارات لتعزيز الترابط الإقليمي".

دور إماراتي ريادي في دعم سوريا

تحظى سوريا باهتمام متزايد من قبل دولة الإمارات، التي تمتلك قدرات اقتصادية وخبرات تنموية واسعة، ويبدو أن القيادة السورية الجديدة تعي أهمية هذا الدور وتراهن عليه في دفع عجلة النهوض الاقتصادي.

وفي هذا السياق، أثنى الدكتور محمد نضال الشعّار، وزير الاقتصاد والصناعة السوري، على الدعم الذي تقدمه الإمارات لبلاده في مختلف المجالات، مشيراً إلى أنها تتصدر قائمة الدول الصديقة من حيث حجم الاستثمارات الحالية والمستقبلية في سوريا.

وفي جلسة حوارية رئيسية خلال اليوم الختامي لقمة الإعلام العربي 2025، المنعقدة في 29 مايو، شدّد الشعّار على الدور الريادي لدولة الإمارات في دعم الاقتصاد السوري، وتعزيز مسار التنمية المستدامة في شتى القطاعات.

وأضاف: "سوريا اليوم تقف على أعتاب مرحلة اقتصادية جديدة. رفع العقوبات يشكل فرصة تاريخية لإعادة دمج الاقتصاد السوري في الأسواق العالمية، واستقطاب رؤوس الأموال، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مشاريع التنمية والبنية التحتية".

كما كشف الوزير عن تدفق استثمارات مرتقبة يتجاوز حجمها 100 مليار دولار خلال الفترة المقبلة، في ظل بيئة استثمارية جديدة تتسم بمزيد من المرونة والاستقرار، داعياً إلى المشاركة في جهود إعادة بناء الاقتصاد والصناعة والتنمية في سوريا.

وفي سياق متصل، وجّه الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع، بعد زيارته إلى أبو ظبي في أبريل الماضي، رسالة إلى رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، قال فيها: "أعبر عن بالغ تقديري لما لمسته من حرص كبير على تعزيز علاقاتنا وتطويرها في مختلف المجالات. أدعو الله أن يديم على دولة الإمارات، قيادة وشعبًا، نعمة الأمن والأمان والتوفيق، وأن تواصل مسيرتها نحو مزيد من الازدهار والتقدم".

من جهته، قال وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، عبر منصة “إكس": "أحمد الشرع، تحققت اليوم إنجازات عظيمة في دولة الإمارات، خاصة في مجالات الاستثمار، واستئناف حركة الطيران، وتعزيز العلاقات الثنائية في كافة المجالات".