TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > زيارة إلى دمشق تفتح الباب: هل يختبر العراق مسارًا جديدًا مع سوريا؟

زيارة إلى دمشق تفتح الباب: هل يختبر العراق مسارًا جديدًا مع سوريا؟

نشر في: 12 يونيو, 2025: 12:02 ص

محمد علي الحيدري

في تحرك أثار الكثير من الاهتمام والتكهنات، زار السياسي العراقي عزّت الشابندر العاصمة السورية دمشق، حيث التقى بالرئيس السوري أحمد الشرع، وقال إنه حمل رسالة من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، دون أن يصدر أي تأكيد أو نفي رسمي من الحكومة العراقية بهذا الخصوص. لكن بصرف النظر عن تفاصيل التفويض، فإن اللقاء نفسه، ومضامينه المعلنة، يشيران إلى تحوّل ملموس في طريقة تعامل بغداد مع الملف السوري، من موقع الترقب والتحفّظ إلى مقاربة أكثر انخراطاً وبراغماتية.
هذه الزيارة، التي تمّت في سياق سياسي حساس، تناولت قضايا تتجاوز البروتوكول، من تجاوز حادثة الاعتداء على مكتب المرجعية في دمشق، إلى استئناف الزيارات الدينية لمراقد مثل مقام السيدة زينب، إلى ملفات التعاون الاقتصادي والتنسيق الأمني، وصولًا إلى إدانة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية. ما تم بحثه يعكس، على ما يبدو، إدراكاً متبادلاً بأن لحظة الانفتاح تقترب، وأن إعادة بناء العلاقة بين بغداد ودمشق لم تعد ترفًا دبلوماسيًا، بل ضرورة إقليمية.
توقيت هذه الإشارة العراقية، سواء أكانت رسمية تماماً أم غير ذلك، ليس بريئاً. فدمشق، برئاسة أحمد الشرع، تخوض صراعاً داخلياً صعباً في ظل انتشار فصائل مسلحة خارجة عن السيطرة، لكنها تستثمر في المناخ العربي المتغيّر، حيث تتجه عواصم عديدة إلى كسر طوق المقاطعة. أما بغداد، وعلى رأسها السوداني، فتبحث عن دور إقليمي متوازن لا ينحاز لمحور على حساب آخر، بل ينطلق من مصلحة وطنية تريد استقراراً أمنياً في الغرب، وتكاملاً اقتصادياً مع الجوار.
الملفت أن الزيارة جاءت بعد تغييبٍ واضح للرئيس السوري عن قمة بغداد الأخيرة، بسبب تهديدات معلنة من أطر اف سياسية شيعية عراقية. ورغم حساسية هذا الملف، فإن إحياء التواصل بهذا الشكل يُفهم كنوع من التصحيح، أو على الأقل، كإشارة إلى أن الحكومة العراقية لا تقبل أن تتحول مواقف داخلية متشنجة إلى فيتو دائم على سياسة خارجية يفترض أن تُبنى على أسس دولة، لا على ردود أفعال فصائل.
السؤال الآن لم يعد ما إذا كانت بغداد ستنفتح على دمشق، بل كيف، ومتى، وبأي صيغة؟. فهل تكون هذه الخطوة تمهيدًا لتواصل رسمي مفتوح يقوده السوداني بنفسه؟ أم أنها اختبار سياسي أولي يُقرأ فيه المزاج الإقليمي وردود الفعل الداخلية؟ في الحالتين، لا شك أن الجغرافيا، والمصالح المشتركة، وضرورات الأمن الحدودي، كلها تدفع نحو كسر الجمود، وتأسيس علاقة واقعية بين بلدين لا يمكن لهما البقاء على الهامش في ظل ما يشهده الإقليم من إعادة تموضع شاملة.
إنها خطوة واحدة، لكنها كافية لفتح باب مغلق منذ سنوات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram