TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية..كاسترياديس.. جون مولينو

ما بعد ماركس.. ما بعد الماركسية..كاسترياديس.. جون مولينو

نشر في: 28 فبراير, 2011: 04:52 م

سعد محمد رحيمخرج كورنيلوس كاسترياديس ( 1922 ـ 1997 ) في البدء من تحت عباءة الماركسية ـ التروتسكية، لكنه، في النهاية غدا واحداً من أشد منتقدي الماركسية، بعدما واجه ودرس واقعاً لا يستجيب لمقولات النظرية وتنبؤاتها؛ فلم يتفاقم فقر العمال، ولم تبلغ أزمات الرأسمالية حدّ استحالة أن تجد لها حلولاً. ولم يصل الصراع الطبقي إلى لحظة الانفجار الثوري. ولذا فإن الماركسية التي ازدهرت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وحتى اندلاع الحرب العالمية الثانية "قد استنفدت نفسها كمرجع لشرح وتحليل ما يجري وكأساس لمشروع ثوري" كما يقول. فالرأسمالية شهدت تطوراً حاسماً، وامتلكت قدرة مضافة على الديمومة ومعالجة أزماتها،
 في حين لم تستطع الماركسية استيعاب طبيعة هذا التطور وآثاره. وأن الحركات العمالية تحوّلت إلى حركات مطلبية، ولم تعد تبغي إشعال ثورة طبقية تنتهي بإقامة دكتاتوريتها الخاصة. ولم تفضِ ثورات العالم الثالث الاستقلالية إلى زعزعة أسس الرأسمالية.والصراع، اليوم، لم يعد بين من يمتلك وسائل الإنتاج، وبين من لا يمتلكها وإنما "بين الموجهين والمنفذين، فإن المجتمع لم يعد خاضعاً إلى سلطان رأس مال غير شخصي ومجرد، وإنما صار في عهدة بيروقراطية تراتبية البناء". ورأى أن تأميم المؤسسات الاقتصادية، وسيطرة الدولة عليها، والقضاء على الملكية الخاصة لن يضمن تحرير العمال من الاستغلال وتحكمهم بوسائل الإنتاج، لأن شريحة جديدة طفيلية أقرب ما تكون إلى طبقة قائمة بحد ذاتها هي الطبقة البيروقراطية ستسيطر على الحياة السياسية والاجتماعية برمتها مثلما حصل في الاتحاد السوفيتي وبقية منظومة المعسكر الاشتراكي.يؤكد كاسترياديس استقلالية الذات وإرادتها الحرة لإدارة ذاتها، والتي تتعارض، من وجهة نظره، مع الماركسية "كونها نظرية سابقة على الفعل ومنفصلة عنه، فضلاً عن ادّعائها معرفة وافية بطبيعة الفعل المتعين القيام به". وهنا يتحدث عن المرجعية المتوهمة للفعل الثوري الواعي. هذا الفعل الذي لا يستدعي بالضرورة معرفة شاملة ( إيديولوجية ) مثل الماركسية. فيما السياسة لا تتطلب معرفة من هذا القبيل، بل معرفة عملية والتي "تنمو في سياق ملموس وتأخذ بالحسبان شبكة العلاقات السببية التي تتقاطع في مدارها". وهي ( أي  السياسة ) نشاط واعٍ يقوم على معرفة مؤقتة. فلا وجود لنظرية متكاملة نهائية عن التاريخ والإنسان والمجتمع. فيما توجد معارف في طور الظهور والتجدد. وبذا تكون السياسة الثورية، كما يرى، عبارة عن معرفة عملية "يكون غرضها تنظيم وتوجيه المجتمع وجهة احتضان الإدارة الذاتية لسائر أعضائه". وعلى الرغم من أنه، لا إمكان لنظرية متكاملة للتاريخ، في نظر كاسترياديس، ولا لصورة عقلانية شاملة للواقع الاجتماعي، فإن التاريخ والمجتمع ليسا لا عقلانيين بأية حال، وإنما يتقاطع في مدارهما العقلاني واللاعقلاني.وإذا كان المجتمع كياناً تاريخياً في حالة تحوّل دائم فإنه صانع نفسه ومؤسسها. وأن ما يربط كلية المجتمع بعضها ببعض هو "المؤسسات ( أي اللغة والأعراف وأشكال العائلة وأنماط الإنتاج.. الخ ) والدلالات التي تجسّد هذه المؤسسات ( أي الطوطم والمحرّم والآلهة والرب والمدنية والسلع والثراء.. الخ )". وكاسترياديس يدعو إلى ( مشروع ثوري ) يبلغ "بالمجتمع طوراً يصير من الممكن فيه تجديد المؤسسات والدلائل المتخيلة تجديداً متواصلاً". إذن، إلى أين يريد كاسترياديس أن يصل؟ أو ما الذي يريد أن يستنتجه من هذا كله؟. إنه يريد مجتمعاً يقوم على الإدارة الذاتية؛ أن يدير شؤونه بنفسه، ولا يركن إلى مرجعية سابقة ومنفصلة. مجتمع في حالة إعادة تأسيس لنفسه لا تنقطع.  وهو يدعو إلى مثال ديمقراطي أصيل يتجاوز النموذجين الغربي الليبرالي الحديث والإغريقي القديم، وعبر "إعادة ترتيب سلّم الأولويات، وما لم يبق المدار السياسي ملحقاً بالمدار الاقتصادي على ما هو شائع منذ وقت غير قريب".وكاسترياديس، في النهاية، ظل ضد البيروقراطية، وأشكال احتكار السلطة من قبل فئات أو جماعات مهما كانت شعاراتها، فهو "ناقد يهاجم بشدة هذا الاستيلاء الجاري على المدار العام وتحويله إلى أشبه بمدار خاص منوط بطوائف أو جماعات خاصة تتقاسم السلطة الفعلية وتتخذ القرارات المهمة نيابة عن المجتمع، وبمعزل عنه، خلف أبواب موصدة".إذا كان كاسترياديس يغادر ماركسيته غير آسف عليها، لأنها لم تعد، برأيه، ذات جدوى كبيرة في عصرنا، فإن آخرين ما زالوا مقتنعين بفاعلية الماركسية ودورها في تغيير حال العالم نحو الأفضل، من خلال العودة إلى منطلقاتها الأصلية. ومنهم المفكر الماركسي البريطاني جون مولينو.  يعرّف مولينو الماركسية بأنها إدراك الصراعات الطبقية القائمة في المجتمع الحديث من وجهة نظر البروليتاريا. فالماركسية إذن، ليست مجرد منهج للتحليل، وإنما هي نظرية الطبقة العاملة. وسيعني استبعاد البُعد الطبقي، في هذه النظرية، نسفها من أساسها. أما عناصر هذه النظرية، كما يراها مولينو فهي؛ "1ـ الماركسية كنظرية للمصالح المشتركة للطبقة ( العاملة ) كلها عالمياً. 2ـ الماركسية كنتاج ميلاد البروليتاريا الحديثة وتطورات صراعها ضد الرأسمالية. 3ـ الماركسية كنظرية انتصار هذه الطبقة.. إن التعريف الأكثر إيجازاً لهذه العناصر الثلاثة هو أن الماركسية هي: نظرية الثورة البروليتارية العالمية".يؤكد مولينو علمية الماركسية. وفي معرض تشخيصه الفروقات بين العلم الطبيعي ( حيث القوانين التي لا يمكن تغييرها )، والعلم الا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram