متابعة المدى
قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، امس الأحد، إن الهجمات الإسرائيلية التي أودت بحياة قادة عسكريين ومدنيين تؤكد تجاهل تل أبيب القوانين الدولية. وأضاف بزشكيان، في تصريحات، أمام وزراء الحكومة، أن إيران ستردُّ بـ«شكل أكثر حسماً وشدة»، إذا تواصلت الاعتداءات الإسرائيلية.
وشدد الرئيس الإيراني على أن الولايات المتحدة ضالعةٌ بشكل مباشر في هذه الاعتداءات. وقال: «الولايات المتحدة تلعب دوراًَ مباشراً في الهجمات الإسرائيلية على إيران»، مشيراً إلى أن مسؤولاً أميركياً قال لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن «إسرائيل لا تتحرك دون إذن أميركي".
وأضاف بزشكيان: «ما نشهده، اليوم، يجري بدعم مباشر من واشنطن، رغم محاولاتها إخفاء ذلك إعلامياً".
واختتم بأن «إيران لم تسعَ إلى الحرب، لكنها ستردُّ بقوة أكبر إذا استمر العدوان، كما فعلت قواتها المسلّحة حتى الآن".
من جانل آخر قال الرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليديس، الأحد، إن إيران طلبت من بلاده نقل «بعض الرسائل» إلى تل أبيب، مضيفاً أنه يتوقع التحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في وقت لاحق من يوم امس.
ولم يوضح الرئيس ممن الرسائل وما محتواها. وجاءت بعد أن تحدث وزير الخارجية القبرصي مع نظيره الإيراني مساء يوم الجمعة.
كما عبر كريستودوليديس عن استيائه مما وصفه بـ«التباطؤ» من قبل «الاتحاد الأوروبي» في التعامل مع الأزمة المتفاقمة بالشرق الأوسط.
وأضاف أن قبرص، أقربَ دولة عضو في «الاتحاد الأوروبي» إلى منطقة الشرق الأوسط، طلبت عقد اجتماع استثنائي لـ«مجلس الشؤون الخارجية» في «الاتحاد الأوروبي»، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.
وقال كريستودوليديس للصحافيين: «من غير المعقول أن يزعم الاتحاد الأوروبي دوراً جيوسياسياً، ويرى كل هذه التطورات، وألا يعقد اجتماعاً لمجلس وزراء الخارجية على أقل تقدير». وعرضت قبرص المساعدة في إجلاء رعايا دول أخرى من المنطقة، ودعت جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي أعمال قد تؤدي لتصعيد الصراع.
نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، الأحد، توجيه طلب لدولة قبرص لنقل "بعض الرسائل" إلى إسرائيل. وقال بقائي: "إيران لم ترسل أي رسالة إلى إسرائيل عبر أي دولة".
من جهة اخرى قالت وسائل إعلام إسرائيلي، إن "القصف الإيراني استهدف محطة الكهرباء في الخضيرة ومسكن عائلة نتنياهو ببلدة قيسارية". دعت القيادة الجبهة الداخلية في إسرائيل، المستوطنين الإسرائيليين البقاء بالقرب من المناطق المحمية في معظم أنحاء البلاد. فيما دوت أمس الأحد أصوات انفجارات جديدة في طهران مع مواصلة سلاح الجو الإسرائيلي شنّ ضربات في مناطق عدة من إيران، بينما عاودت إيران إطلاق موجة صواريخ جديدة بعد ظهر الامس، بعد ساعات من شنّ ضربات صاروخية واسعة على الدولة العبرية، في ثالث يوم من التصعيد غير المسبوق بين البلدين. وأفاد صحافيون عن سماع دوي انفجارات جديدة بعد ظهر الأحد في العاصمة الإيرانية.
وأفادت وسائل إعلام محلية منها صحيفة "هم ميهن" وموقع "خبر أونلاين" بتفعيل وسائط الدفاع الجوي فوق غرب وشمال غرب طهران "للتصدي لهجمات جديدة". من جهتها، نشرت صحيفة "شرق" على موقعها الالكتروني مقطع فيديو لتصاعد أعمدة من الدخان في شرق العاصمة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي من جهته صباح الأحد أنه ضرب "أكثر من 80 هدفا" في طهران الليلة الماضية.
وقال في بيان أن الضربة نُفذت "على مدار الليل"، واستهدفت "أكثر من 80 هدفًا، من بينها مقر وزارة الدفاع الإيرانية، ومقر المشروع النووي، وأهداف إضافية كان النظام الإيراني يُخفي فيها الأرشيف النووي".
وأكدت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء أن وزارة الدفاع استُهدفت، وتعرض أحد مبانيها لـ"أضرار طفيفة".
كذلك، أعلنت وزارة النفط الإيرانية أن ضربات إسرائيلية استهدفت خزانين للوقود في طهران، أحدهما في شهران (شمال غرب طهران، واندلع حريق فيه.
إيران ترد
وأطلقت إيران بعد ظهر أمس الأول، حوالي ٥٠ صاروخا تجاه إسرائيل، سقط عدد منها واحدث أضرارا بالغة. وأتى ذلك بعد ساعات من إطلاق إيران وابلا من الصواريخ على إسرائيل قبل فجر الأحد، ما أسفر عن مقتل 10 أشخاص، فيما أنذر الجيش الإسرائيلي الإيرانيين بإخلاء كافة منشآت الأسلحة.
وقُتل عشرة أشخاص وجُرح أكثر من 200 منذ مساء السبت في منطقة تل أبيب وبلدة طمرة في الجليل الأعلى (شمال)، وفقا لخدمات الطوارئ الإسرائيلية والشرطة ومستشفيات، ما رفع عدد القتلى منذ بدء الصراع إلى 13، بينهم أطفال، بحسب مكتب رئيس الوزراء.
كما تسببت الصواريخ بأضرار ودمار في بات يام جنوب تل أبيب. وأظهرت مشاهد صورتها فرانس برس عناصر إطفاء وعمال إنقاذ يبحثون بين أنقاض مبنى متضرر.
وفي مكان قريب، كان الحطام يغطي الأرض وظهرت سيارات مدمرة ورافعة تزيل كتلا من الإسمنت.
وقالت شحر بن زيون التي أصيب منزلها بصاروخ في بات يام "بعد الإنذار، لم أرغب بالنزول (إلى الملجأ)، لكن والدتي أقنعتني. عندما نزلنا، دوى انفجار، وظننتُ أن المنزل بأكمله قد انهار. الحمد لله، نجونا بأعجوبة".
وجاء في إنذار الجيش الإسرائيلي الصادر باللغتين الفارسية والعربية "نحث كل المتواجدين في هذه الساعة أو في المستقبل القريب في كافة مفاعل الأسلحة في إيران... من أجل سلامتكم نطالبكم بإخلاء هذه المنشآت فورا وعدم العودة إليها حتى إشعار آخر"، مضيفا أن "الإنذار يشمل جميع مصانع الأسلحة والمنشآت الداعمة لها في إيران".
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن الجيش سيستهدف مثل هذه المواقع في طهران وغيرها.
من جانبه، حذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب إيران من أنها ستواجه "كامل قوة" الجيش الأميركي إذا هاجمت الولايات المتحدة الحليفة للدولة العبرية، مؤكدا أن واشنطن "لا علاقة لها" بالضربات الإسرائيلية على طهران.
غير أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أعلن الأحد "لدينا دليل قاطع على دعم القوات الأميركية والقواعد الأميركية في المنطقة لهجمات القوات العسكرية للكيان الصهيوني".
وساطات باردة
من جانب، لا يحرك الاتحاد الأوربي او دولا مؤثرة وساطات لتهدئة الأمور، بينما كشف مصدر دبلوماسي رفيع، أمس الأحد، عن تحرك سعودي عاجل لقيادة تهدئة في المنطقة، قد تفضي إلى إعادة إيران لطاولة المفاوضات بدلاً من التصعيد والضربات.
وفي هذا الصدد، قال المصدر الدبلوماسي، إن "السعودية وبالتعاون مع دول الخليج وروسيا والولايات المتحدة، تقود حراكاً يمهد للتهدئة والعودة لطاولة التفاوض مع إيران".
وأضاف المصدر، أن "السعودية تبحث عن دور استراتيجي لها في المنطقة وتسعى لان تكون بديلا لقطر وسلطنة عمان، خلال المرحلة المقبلة".
وتتهم الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، إلى جانب إسرائيل، إيران بالسعي لامتلاك سلاح نووي. وتنفي طهران ذلك، مدافعة عن حقها في برنامج مدني.
وأُلغيت محادثات غير مباشرة بين طهران وواشنطن حول البرنامج النووي الإيراني، كانت مقررة الأحد في عُمان، واتهمت طهران إسرائيل بعرقلتها.
من جانبه دعا بابا الفاتيكان لاون 14، مجددا كلا من إيران وإسرائيل، للحوار الفوري وضرورة وقف التهديدات المتبادلة والسعى إلى حلول من خلال الحوار والمصالحة، وذلك بعد تصاعد التوتر فى المنطقة بشكل غير مسبوق.
ووجه البابا نداء عاجلا للمسؤولية الدولية خلال لقاءٍ عام في الفاتيكان، في ظل تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، وحثت أعلى سلطة في الكنيسة الكاثوليكية كلا البلدين على وقف التهديدات المتبادلة والسعي إلى حلول من خلال الحوار والمصالحة.
وجاء هذا البيان في خضم تصعيد عسكرى ولفظي بين طهران وتل أبيب، أثار قلقاً بالغاً في العديد من عواصم العالم، وفي هذا السياق، أكد البابا مجددا أن السلام لا يمكن أن يكون ثمرة فرض أو عنف، بل ثمرة التزام بالعدالة والأخوة والحقيقة.
وخلال رسالته، حذر البابا أيضا من الأثر الإنساني لاحتمال تصعيد الحرب، ودعا إلى إعطاء الأولوية لرفاهية السكان المتضررين والحفاظ على احترام حقوق الإنسان وكرامة جميع الناس.
في خطابه، كرّر البابا لاون 14 رفضه لانتشار الأسلحة النووية، وأشار إلى أن العالم لا يمكن أن يحقق سلاما حقيقيا طالما أن هناك ترسانات قادرة على تدمير البشرية في غضون دقائق.
وقال: "إن القضاء على الأسلحة النووية واجب أخلاقي". وفي هذا الصدد، حث المجتمع الدولي على العمل معا من أجل مستقبل خال من الأسلحة النووية. أكد البابا أن الأمن لا ينبغي أن يعتمد على الخوف، بل على الاحترام والتعاون والسلام بين الشعوب.
وأكد البابا أن "الالتزام ببناء عالم أكثر أمانا وخال من التهديد النووي يجب أن يتم من خلال لقاء محترم وحوار صادق، لبناء سلام دائم قائم على العدالة والأخوة والصالح العام.










