الحمد لله أن انتهت أخيرا معركة كسر العظم بين رئيس الوزراء وناطقه علي الدباغ سريعا ووقى الله البلاد شر حرب ضروس نحن في غنى عنها في مرحلة عصيبة، تواجه فيها الحكومة أصحاب الأجندات الخارجية ونواجه نحن مسؤولين يعتبرون البلاد غنيمة هبطت عليهم من السماء.
ذلك أن حالة التوتر والتربص بين رئيس الوزراء وناطقه الأمين، منذ أن اندلعت فضيحة الأسلحة الروسية، أوجدت عديدا من مناسبات الصدام العسكري بالاسلحة الثقيلة، لولا أن تدخلت أطراف دولية لنزع فتيل للازمة واحتواء الموقف المتفجر، وكان آخر تجليات الصراع أن اصدر رئيس الوزراء بياناً حرم فيه الشعب من ناطقه الامين، ففي صبيحة يوم السبت 24 / 11/2012 تلقى العراقيون جميعا نبأ محزنا حين صدر قرار الاستغناء عن "الدكتور" علي الدباغ، وإنهاء عقده لمنصب الناطق باسم الحكومة.
ولان الله رحيم بعباده من العراقيين، فقد تلقينا بسرور بالغ أمس النبأ الصادر من المنامة عاصمة البحرين والذي يؤكد أن الدباغ لا يزال يحتفظ بمنصبه، فقد نشرت صحيفة الأيام البحرينية أمس أن نائب رئيس مجلس الوزراء البحريني استقبل في مكتبه علي الدباغ الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية وذلك بمناسبة زيارته لمملكة البحرين للمشاركة في قمة الأمن الإقليمي الثامنة (حوار المنامة).
وهكذا تنفسنا جميعا الصعداء مع البيان البحريني، والذي فتح بابا من الأمل لإمكانية التسامي على الخلافات بين أشقاء الصفقة الروسية، والاصطفاف في خندق واحد ضد العدو وهو الشعب الذي يدس انفه في كل قضية، ويطارد مسؤوليه "النزيهين " متهما اياهم بالفساد ونهب ثروات البلاد، قبل خبر الزيارة السعيد شاهدنا جميعا علي الدباغ وهو يجلس حزينا كئيبا ومكفهرا والدموع تكاد تطفر من عينيه رافعا رايته، مطالبا رئيس الحكومة بالتحقيق في صفقة الأسلحة الروسية.. حيث كشف لنا جميعا ان هناك فسادا في الصفقة، في تلك الليالي ملأ الناطق شاشات الفضائيات بالسواد والعويل، لأن هناك من يطارد الشرفاء ويريد تشويه تاريخهم الناصع.
في يوم الثلاثاء 11/12/2012 الدباغ نفسه يصرح للصحافة البحرينية في انه يحمل رسالة من رئيس تضمن الاتفاق على استقبال، وفد عراقي سيصل البحرين في الخامس من تموز المقبل لبحث التفاصيل المتعلقة بفتح الأجواء لحركة الطيران بين البلدين، والموافقة على طلب البحرين افتتاح قنصلية بحرينية في النجف الأشرف وناقش مع وزير الخارجية البحريني إمكانية إفساح المجال للمؤسسات المالية البحرينية أن تستثمر في العراق.
من يقرأ الحوار مع الدباغ يخال أن الرجل تولى للتو مستشارا للأمن القومي إذ يقول بالنص: إن "هناك تحديات كبيرة تواجه العراق على الصعيد الأمني في العراق، وجزء منها داخلي، وهو الأكبر، والجزء الأكبر مرتبط بالحالة الإقليمية، وخصوصاً في سورية، ولاشك في أن المسؤولية الأمنية تتحملها القوات الأمنية التي ينتظر المواطنون أن يكونوا على درجة أكبر من الاستعداد".
وقبل أن نفيق من صدمة انقلاب الدباغ الجديد، وقبل أن نضرب أخماسا في أسداس، جاء التفسير الحكومي مضحكا بعد ساعات معدودات يقول إن: "الدباغ لم يشارك في قمة الأمن الإقليمي (حوار المنامة) بصفة رسمية وإنما بصفته الشخصية".
طبعا وأنا اقرأ تصريح رئاسة الوزراء هذا، كنت أتصور أن الأمر مجرد نكتة أو ان الحكومة تسعى في هذا الجو السياسي المأزوم الى ترطيب الاجواء وكسر الملل، غير أنه بات من الواضح أن منطق الجهل والخرافة سيستمر يحكمنا طويلاً.
اذن الدباغ لم يمثل الحكومة، وانه مارس عملية خداع حين ذهب الى قصر الحكومة البحرينية ليلتقي بنائب رئيس الوزراء، ووزير الخارجية، وبالتأكيد الرسالة التي نقلها عن المالكي مزورة، وربما تصدر رئاسة الوزراء بيانا تعلن فيه للعراقيين ان الناطق السابق استطاع ان يحصل على طاقية الاخفاء التي دخل بها مكتب رئيس الوزراء ليضع ختم المالكي على الرسالة التي حملها للمسؤولين البحرانيين.. ولكن السؤال كيف يجرؤ الدباغ ان يصرح لوسائل الاعلام البحرينية بانه ناطق رسمي للحكومة العراقية..
اذن مبروك للسيد الناطق السابق واللاحق، ومبارك للعراقيين جميعا الذين يستطيعون الآن ان يناموا ملء جفونهم، مطمئنين على أمنهم وأمانهم، فقد عاد اليهم الناطق منتصرا، ولا عزاء للعراق الذي يُسرق مستقبل أبنائه في وضح النهار.
الدباغ يلبس طاقية الإخفاء
[post-views]
نشر في: 11 ديسمبر, 2012: 08:00 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 1
ابوميثم
الاخ علي المحترم حكومتنه بائسه ومابيها خير وعندما نقول حكومتنا يتبادر الى الذهن رئيس الوزراء / لأن رئيس الوزراء هو الآمر الناهي في العراق فأذا كان الرئيس غاط لشحمهّ اذنيه بالفساد من خلال ابنه احمد او اقرانه بالحزب او وزراء كتلته بعد ضلت على علي الدباغ ماي