علي إبراهـيم الدليمي
في إطار موسمها الثقافي الجديد، نظّمت منصة "مداد السرد"، إحدى تشكيلات منظمة "بغداد مدينة الإبداع الأدبي – اليونسكو"، جلسة حوارية خاصة تحت عنوان "الحب يسارًا – رحلة في السرد والثقافة"، استضافت خلالها القاص والناقد والصحفي حسب الله يحيى، الذي يعد من أبرز الأسماء في المشهد الثقافي العراقي والعربي.
بدأت الجلسة التي أدارها د. سعدي عوض، بعرض سيرة ومسيرة الأديب الضيف، الذي يمتد نشاطه الأدبي والصحفي لأكثر من خمسين عاما، ليظل مستمرا في التأثير والإبداع حتى يومنا هذا. كان اللقاء فرصة للتعرف عن كثب على رحلته الطويلة في مجالات الصحافة، السرد، والنقد الأدبي، بالإضافة إلى تسليط الضوء على تجاربه الثرية في الكتابة المسرحية والنقدية.
أحد المحاور الأكثر إثارة في الجلسة كان حديثه عن قصته الشهيرة "الحب يسارا"، التي نُشرت في السبعينيات في مجلة "الثقافة"، والتي أثارت جدلا واسعا في الأوساط الثقافية وقتها. العنوان ذاته، والذي يمكن أن يُقرأ على أنه تلميح لقوى اليسار، كان مصدر استياء لدى بعض الأطراف، بل واستفز السلطة آنذاك، ما جعلها نقطة مفصلية في تاريخه الأدبي.
ورغم التحديات والصعوبات التي مر بها، يظل حسب الله يحيى من الأسماء التي ساهمت بشكل رئيسي في تطوير الفكر الأدبي والنقدي، ليس فقط من خلال كتبه، بل من خلال حضوره الفاعل في الندوات والمهرجانات العراقية والعربية والدولية.
وللحديث عن مؤلفاته، فقد قدم حسب الله يحيى للمكتبة الأدبية أكثر من أربعين كتابا، منذ أن بدأ مشواره الإبداعي مبكرا مع مجموعته القصصية الأولى "الغضب" التي صدرت عام 1967، لتغطي مجالات متنوعة في الأدب والفن، مثل القصة القصيرة، والمسرح، والفكر، والتشكيل. وتوالت بعدها إصداراته التي تنوعت موضوعا وأسلوبا، ومن أبرز مؤلفاته: "أربع حكايات موصلية"، "إرهاب: قصص عراقية"، "ثقافة الإرهاب والعولمة: دراسات نقدية"، "وحدائق عارية: قصص قصيرة جدا"، و"كوميديا الكاتب في الزمن الكاذب: قصص". وهواجس: قصص. وحكايات من بلاد ما بين النارين: قصص ومسرحيات. وفي الخطاب المسرحي: رؤى نقدية في المسرح والمسرح المقارن ومسرح الأطفال.
هذه الأعمال، وغيرها، تمثل رحلة فكرية وأدبية غنية تعكس اهتماماته بتقاطع الأدب مع قضايا المجتمع والسياسة والثقافة.
في ختام الجلسة، فتح باب النقاش أمام الحضور الذين أثاروا العديد من الأسئلة والمداخلات القيمة حول تجربة الناقد حسب الله يحيى، مما أضفى مزيدا من الحيوية على هذا اللقاء الثقافي المميز. ثم كرم بمنحه شهادة تقديرية من منظمة اليونسكو، تعبيرا عن تقدير المنظمة لمسيرته الحافلة بالعطاء الفكري والثقافي.
إن الاحتفاء بحسب الله يحيى في هذا السياق هو احتفاء بالإبداع الذي يراهن على التغيير ويحث على التفكير النقدي في مجتمعاتنا. ومن خلال هذا اللقاء، أثبت أن الأدب ليس مجرد كلمات على ورق، بل هو أداة للتأثير والنقد، وتغيير الواقع الاجتماعي والسياسي.