واسط / جبار بچاي
منذ اندلاع الصراع بين إسرائيل وإيران، تواصل السلطات العراقية في منفذ زرباطية الحدودي جهودها المكثفة لاستقبال المواطنين العراقيين العائدين من الأراضي الإيرانية، ممن تواجدوا هناك بغرض السياحة، زيارة العتبات المقدسة، أو الدراسة في الجامعات الإيرانية، وذلك ضمن إجراءات استثنائية تهدف إلى تأمين عودتهم بسلام وتيسير دخولهم إلى البلاد.
وكشف مصدر في المنفذ عن استمرار العمل فيه على مدار 24 ساعة، مع فتح عشرات الكابينات المخصصة لختم الجوازات. وأكد أن إدارة منفذ زرباطية بدأت، منذ يوم الاثنين الماضي، باستقبال الحجاج الإيرانيين القادمين براً من المملكة العربية السعودية عبر منفذ عرعر الحدودي.
وقال المصدر، في تصريح لـ(المدى)، إن “إدارة منفذ زرباطية سارعت، منذ فجر الجمعة الماضي عند اندلاع الصراع، إلى تكثيف جهودها وتسخير كوادرها لاستقبال العراقيين العائدين من إيران، وتبسيط إجراءات دخولهم، تجنباً لأي خطر محتمل قد يتعرضون له”.
وأضاف أن “المنفذ يعمل بصورة طبيعية، ويشهد انسيابية عالية في تدفق أعداد كبيرة من العراقيين الذين عادوا بسرعة إلى بلدهم، وهناك تنسيق عالٍ مع الحكومة المحلية في المحافظة لتأمين مركبات نقل تقلّهم من المنطقة الحدودية إلى مدينة الكوت، ومنها إلى محافظاتهم المختلفة”.
وأشار إلى أن “أحد أبرز التحديات تمثّل في ارتفاع أجور النقل من قبل بعض أصحاب المركبات، وهو ما عالجته الجهات المعنية في المحافظة، عبر هيئة النقل الخاص والمرور، حيث تم ضبط التسعيرة وفرض غرامات مالية على المخالفين”.
وأوضح أن “المنفذ بدأ، منذ يوم أمس، باستقبال دفعات الحجاج الإيرانيين القادمين عن طريق منفذ عرعر البري بعد أدائهم مناسك الحج، حيث قامت الهيئة العليا للحج والعمرة العراقية بتوفير مركبات لنقلهم من عرعر إلى زرباطية، ومن المتوقع أن يصل عددهم إلى نحو 75 ألف حاج”.
وبيّن أن “السلطات العراقية، من خلال هيئة المواكب الحسينية، قدّمت للحجاج كافة أشكال الدعم والإسناد، من طعام وشراب مجاني، طوال الطريق داخل حدود محافظة واسط، حيث فُتحت عشرات الحسينيات على الطريق الرابط مع زرباطية لخدمتهم، فيما تم تخصيص مفارز أمنية لمرافقتهم وتأمين حركتهم”.
وتوقّع المصدر أن تستمر عملية تفويج الحجاج الإيرانيين لمدة عشرة أيام، وفقاً للخطة المرسومة بين السلطات العراقية ونظيرتها السعودية، لتفادي أي تدفق غير منظم قد يتسبب بإجهاد الحجاج، خاصة وأن معظمهم من كبار السن.
وفي السياق ذاته، تحدّث عدد من العراقيين العائدين من إيران عن ظروف صعبة واجهوها، خاصة فيما يتعلق بارتفاع أجور النقل، التي تضاعفت بسبب خطورة الطرق بين المدن الإيرانية والمنافذ الحدودية العراقية، لاسيما للقادمين من مشهد وشمال إيران وحتى من قم وطهران.
وقال المواطن علي الحمداني، من محافظة الديوانية، “كنت وعائلتي في مدينة مشهد لغرض الزيارة، وكان مخططنا السفر إلى شمال إيران، لكننا عدلنا عنه وعدنا بعد يومين فقط من الوصول إلى مشهد. المفاجأة كانت عندما استأجرنا مركبة صغيرة من مشهد إلى قم بسعر 350 دولاراً، في حين أن السعر المعتاد لا يتجاوز 100 دولار. أما من قم إلى مهران، فحجزنا على باص بسعر مليون و700 ألف تومان للشخص، بينما كانت الأجرة سابقاً بين 700 ألف إلى مليون تومان”.
من جهتها، ذكرت إحدى المسافرات العراقيات العائدات من شمال إيران أن “المئات من العراقيين هناك يواجهون ظروفاً صعبة نتيجة ارتفاع أجور النقل عند العودة إلى الحدود العراقية”، مضيفة أن “معظم الكروبات السياحية التي استأجرت باصات – سواء عراقية أو إيرانية – قررت العودة دون إكمال برامجها السياحية بسبب الأوضاع، ولم تواجه صعوبات تُذكر، بعكس المسافرين بشكل فردي الذين تكبّدوا أجوراً مرتفعة”.
وفي ذات السياق، قال محافظ واسط، محمد جميل المياحي، إن “محافظة واسط، وكعادتها، سبّاقة في تقديم الخدمات لضيوف العراق، ومنهم الحجاج الإيرانيين، حيث فتحنا لهم قلوبنا قبل حدودنا، وقدمنا لهم كافة التسهيلات والخدمات اللائقة، وفاءً لوشائج الإيمان والعقيدة والجيرة والمحبة التي تجمع شعبينا”.
وأضاف المياحي: “في هذا الظرف العصيب، نُجدّد تضامننا العميق والصادق مع الجمهورية الإسلامية في إيران، حكومة وشعباً، في وجه العدوان الصهيوني الغاشم الذي يستهدف الأبرياء ويهدد أمن المنطقة واستقرارها”.
وأكد أن “السلطات العراقية في منفذ زرباطية بذلت جهوداً مخلصة لتسهيل عودة العراقيين من إيران منذ اليوم الأول لبدء الحرب، حيث تم تسخير كل الطاقات وتبسيط الإجراءات، مع الحرص على تأمين وسائط نقل خاصة لهم، والتأكيد على الالتزام بالتسعيرة الرسمية”.
وأشار إلى أن “الجهود الحالية تنصب في اتجاهين: تسهيل عودة الجالية العراقية من إيران، وتسهيل مغادرة الحجاج الإيرانيين إلى بلدهم بعد إتمام مناسك الحج”.