ذي قار / حسين العامل
أعربت إدارة محافظة ذي قار عن مخاوفها من تقليص الإطلاقات المائية، محذّرة من تأثير ذلك على تأمين مياه الشرب للسكان المحليين، مشيرة إلى أن وزارة الموارد المائية أبلغت المحافظة بأن كميات المياه ستنخفض هذا الصيف إلى الثلثين.
يأتي ذلك في ظل أسوأ موجة جفاف تشهدها البلاد، حيث تواجه محافظة ذي قار تحديات كبيرة في تغذية مجمعات مياه الشرب، وفقدان مساحات واسعة من أهوارها وأراضيها الزراعية، إضافة إلى نزوح سكاني متزايد بين الفلاحين والصيادين ومربي الماشية، ما يُنذر بانعكاسات سلبية على مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ويهدد مصادر رزق شرائح واسعة من السكان.
وقال مدير ماء ذي قار، أحمد عزيز السعيدي، في حديث لـ(المدى)، إن “دائرة الماء طلبت من وزارة الموارد المائية زيادة الإطلاقات المائية لتلبية حاجة المحافظة، خاصة فيما يتعلق بتغذية مجمعات مياه الشرب، لكن الوزارة أبلغتنا أن استمرار الإطلاقات الحالية سيؤثر سلبًا على الخزين المائي للبلاد”، مضيفاً أن “المجمعات تعمل حالياً بشكل مقبول، غير أننا نخشى من تقليص الإطلاقات مستقبلاً”.
وبيّن السعيدي أن “توفير المياه لمصادر مجمعات مياه الشرب يقع ضمن مسؤوليات وزارة الموارد المائية، فيما تعمل دائرة الماء على تجنّب الأزمة الحالية ضمن الإمكانيات المتاحة”، محذّراً من تداعيات محتملة في حال تراجع الكميات المخصصة.
من جانبه، قال النائب الأول لمحافظ ذي قار، رزاق كشيش الغزي، إن “وزارة الموارد المائية أبلغت المحافظة بأن كميات المياه ستنخفض هذا الصيف إلى الثلثين”، مبيناً في تصريح إعلامي تابعته “المدى”، أن “المحافظة تعمل على ضمان توفير مياه الشرب عبر متابعة ومنع التجاوزات على الأنهار، والعمل مستمر بهذا الاتجاه”.
وحذّر معاون المحافظ لشؤون الخدمات، سلامة السرهيد، من تداعيات أزمة المياه، موضحاً أن “الوضع المائي ينذر بالخطر، وأن المحافظة مقبلة على أزمة كبيرة نتيجة قلة الإطلاقات وجفاف الأنهار والأهوار”.
وأشار السرهيد إلى أن المحافظة تسجّل درجات حرارة مرتفعة في وقت تعاني فيه من شح حاد في الإطلاقات المائية، ما يُنذر بكارثة بيئية ما لم تتحرك الحكومة المركزية ووزارة الموارد المائية لمعالجة الأوضاع”، مشدداً على ضرورة زيادة الإطلاقات والتدخل العاجل لإيجاد حلول للأزمة.
وكشف السرهيد عن “توقف شبه تام لمعظم مشاريع مياه الشرب بسبب قلة وتذبذب الإطلاقات، مما صعّب من إيصال المياه إلى أغلب مناطق مدينة الناصرية والأقضية والنواحي”.
وكانت إدارة محافظة ذي قار قد حمّلت وزارة الموارد المائية، في 11 تشرين الثاني 2024، مسؤولية توقف مشاريع مياه الشرب في عدد من الأقضية والنواحي، في حين عزت دائرة الموارد المائية الأزمة إلى انخفاض الإيرادات المائية والتجاوزات الحاصلة على عمود نهر الغراف.
وفي 26 كانون الأول 2024، منحت الحكومة المحلية في ذي قار وزارة الموارد المائية مهلة شهر واحد لمعالجة أزمة المياه التي تواجه تحديات عديدة، مشيرة إلى مشروعين وزاريين متلكئين، وعدم تخصيص أي مشروع إروائي للمحافظة منذ عام 2008، مطالبة بإنصاف المحافظة أسوة ببقية المحافظات في مجال المشاريع الإروائية.
وكشفت الحكومة المحلية في 1 شباط 2025 عن تراجع مناسيب المياه في نهري الغراف والفرات، وفقدان نحو 50 م³/ثانية من الحصة المائية للمحافظة، مؤكدة أهمية تأمين الحصة الكاملة. كما عبّرت دائرة الزراعة عن قلقها من تأثير أزمة المياه على الخطة الزراعية.
وفي 4 حزيران 2024، أبدت جهات حكومية ومنظمات مجتمع مدني قلقها من تراجع مناسيب المياه في مناطق الأهوار، محذّرين من موجة جفاف ونزوح سكاني وتدهور بيئي يهدد الثروتين السمكية والحيوانية خلال موسم الصيف.
كما كشفت دائرة الهجرة والمهجرين في ذي قار، في 28 تشرين الأول 2024، عن تسجيل نحو 10 آلاف عائلة نازحة من مناطق الأهوار وغيرها من المناطق التي تأثرت بالجفاف والتصحر والتغيرات المناخية، مؤكدة تقديم معونات إغاثية لنحو 9600 من تلك العوائل.
وفي مطلع تشرين الثاني 2024، أعلنت إدارة المحافظة إصدار توجيهات للقوات الأمنية برفع التجاوزات عن النهر المغذي لقضاء سيد دخيل، في محاولة لاحتواء أزمة المياه. وعزت مديرية الماء الأزمة حينها إلى بدء الموسم الزراعي الشتوي، مشيرة إلى اتخاذ تدابير لضمان استمرار عمل محطات ضخ المياه.
وسبق أن حذّرت إدارة محافظة ذي قار، في 22 تشرين الأول 2024، من كارثة بيئية واقتصادية نتيجة شح المياه في المناطق الزراعية، متوقعة تعرض خمس وحدات إدارية إلى كوارث ونزوح سكاني في حال لم تُتخذ إجراءات عاجلة. وطالبت حينها وزارة الموارد المائية بتشكيل غرفة عمليات مشتركة للتعامل مع الأزمة.