بغداد/ المدىوجّه رئيس الجمهورية جلال طالباني بياناً إلى أبناء الشعب العراقي بشأن التظاهرات، في ما يأتي نصه: "الديمقراطية غاية تصبو إليها الشعوب وضرورة لا بد منها لتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان الحريات والحقوق والعدالة للمواطنين كافة،
وتبرهن التحولات الجارية في منطقتنا أن السعي إلى إقامة المجتمعات الديمقراطية بات قاسما مشتركا لشعوب المنطقة.وقد استبقت بلادنا المسيرة التاريخية الراهنة بعد تخلصها من نير الاستبداد، فأقر الشعب في استفتاء عام دستورا دائما، وجرت انتخابات نيابية في ظل رقابة دولية ومحلية واسعة وحظيت بإقرار جماعي بنزاهتها وموضوعيتها وفي ضوء نتائجها شكلت السلطة التنفيذية.ولكن مسيرتنا لم تخل من معوقات كان من أخطرها الإرهاب الممول والمدعوم من أعداء العملية السياسية وبخاصة بقايا النظام الديكتاتوري الذي ينوء البلد بالتركة التي خلفها.ولا بد من الإقرار أيضا بأن هناك أخطاء ذاتية ومعرقلات من داخل النظام الجديد وتدنيا في الأداء وخاصة في مجال الخدمات، ومكافحة الفساد وتوفير فرص العمل. وأدى تراكم المشاكل الموروثة والمستجدة إلى استياء الناس الذي تجسد في لجوء أعداد من المواطنين العراقيين إلى ممارسة حقهم الدستوري في التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي والمناداة بمطالبهم المشروعة.وقد شهدت تظاهرات يوم الجمعة الماضي أعمال عنف حاول الدفع إليها أولئك الذين عملوا على استثمار الاحتجاج الشعبي وتوظيفه لزعزعة النظام السياسي، ولكن مخططاتهم أحبطت بفضل تضافر جهود القوى الأمنية وعدد من المتظاهرين الذين ابدوا درجة عالية من الوعي والانضباط.أن أي تجاوز للقانون مدان بشدة وأي إخلال بالأمن هو خروج على القانون الذي يكفل التظاهر السلمي لكنه يشترط عدم انتهاك التشريعات.واذا كان الاحتجاج حقاً مشروعاً ومكفولاً دستوريا، فان محاولات زعزعة النظام الديمقراطي لا يمكن القبول بها، إذ أن السلطة في بلادنا يجري تداولها من خلال الإرادة الشعبية الممثلة بالانتخابات العامة، عن طريق صناديق الاقتراع.ولئن كانت القوات الأمنية ملزمة بتأدية واجباتها في حفظ الأمن، فإن عليها في الوقت ذاته أن تتحاشى كل ما يمكن أن يؤدي إلى تعريض أرواح المواطنين للخطر، ومن المؤسف أن تظاهرات الآونة الأخيرة في عدد من محافظات البلاد شهدت إطلاق نار وأعمالا أخرى أدت إلى سقوط ضحايا وجرحى، ونحن ندعو إلى إجراء تحقيق لمعرفة ومحاسبة المقصرين. كما لا بد من التأكيد على أهمية ضمان سلامة الصحفيين وحرية الإعلام الذي هو أداة مهمة للتواصل بين السلطة والمجتمع.ولا بد للسلطة في مجتمعنا الديمقراطي ان تضع يدها على نبض الناس وتصغي لهم وتلبي مطالبهم المشروعة. ومن الواضح ان مشكلة الخدمات وخاصة امدادات الكهرباء وتوفير مواد البطاقة التموينية وغيرها تتطلب معالجات جذرية وجدية، شأنها شأن الفساد الذي لم يعد فقط معطلا للاقتصاد بل اصبح مسببا لزعزعة ثقة المواطنين بالنظام الديمقراطي.وأننا نؤيد دعوة دولة رئيس الوزراء نوري المالكي الى تحديد فترة مائة يوم للشروع في معالجة المشاكل القائمة ومحاسبة كل مسؤول يثبت تقصيره أو سوء أدائه.وقد يكون متعذرا تحقيق تقدم سريع في جميع هذه الملفات، ولكن لا بد من الشروع في إجراءات عاجلة ضمن خطة شاملة يوضع جدول لتنفيذها ويعلن على الملأ لكي يكون موضع متابعة من السلطة التنفيذية ورقابة من السلطة التشريعية ورصد من الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والمواطنين عامة.مثل هذه الإجراءات تتجاوب مع مطالب المواطنين، ودعوات المرجعيات الدينية الموقرة التي حذرت من مغبة التسويف في تجاهل آراء الناس.والى جانب معالجة المشكلات على صعيد السلطة الاتحادية المركزية لا بد من مراجعة جدية لعمل مجالس المحافظات والمجالس المحلية التي لم يكن أداء العديد منها في مستوى المسؤولية.إن السلطة ومستوياتها كافة مسؤولة بالتكافل والتضامن وينبغي ألا يستثمر أي طرف مشارك في الحكومة الوضع الراهن للكسب السياسي، فالشراكة الفعلية لا يمكن أن تعني الإفادة من المنافع والتبجح بالايجابيات، والتنصل من موطن الخلل والسلبيات.أن نظامنا السياسي هو نتيجة كفاح مرير خاضه شعبنا، وثمرة لاختياره الحر. ولكن عمل السلطة المنتخبة بحاجة إلى تصويب وتقويم دائمين من قبل الشعب وأن الاستجابة لمطالب الشعب المشروعة هو تكريس لشرعية السلطة وترسيخ للنظام الديمقراطي القائم في بلادنا.
طالباني: الاحتجاج حق مشروع.. لكن محاولات زعزعة النظام مرفوضة
نشر في: 28 فبراير, 2011: 07:18 م