TOP

جريدة المدى > سياسية > ضحايا خلف الشاشات: كيف يتحول الإنترنت إلى سلاح للابتزاز؟

ضحايا خلف الشاشات: كيف يتحول الإنترنت إلى سلاح للابتزاز؟

نشر في: 19 يونيو, 2025: 12:40 ص

الأنبار / علي احمد راضي
منذ دخول وسائل التواصل الاجتماعي إلى العراق، شهدت البلاد تصاعدًا ملحوظًا في جرائم الابتزاز الإلكتروني، تطورت لاحقًا لتتحول إلى نشاط تمارسه عصابات منظمة، وسط ضعف القانون وغياب التشريعات الحديثة. ويرى مختصون أن الفقر والبطالة وعدم الاستقرار السياسي ساهمت جميعها في تفشي هذه الظاهرة، التي باتت وسيلة لجني المال أو تعبيرًا عن الفراغ الذي يعانيه الشباب وتُعد جرائم الابتزاز الإلكتروني من أبرز أنواع الجرائم الإلكترونية الحديثة التي باتت تشكل تهديدًا متزايدًا للمجتمع، خصوصًا مع توسع استخدام الإنترنت ووسائل التواصل.
ويقول الخبير في جرائم الابتزاز الدولية، محمد خليل عبد، لـ(المدى)، إن "الابتزاز الإلكتروني أصبح من أخطر الظواهر التي تهدد المجتمع العراقي، بل ويعتبره أخطر حتى من الإرهاب، لما يحمله من تهديد مباشر لحياة الأفراد وانتهاك صارخ لخصوصيتهم وكرامتهم".
ويضيف أن "هذه الجريمة تعتمد على تهديد الأشخاص بملفاتهم الخاصة، وصورهم الشخصية، ومراسلاتهم السرّية، من أجل تحقيق مكاسب مالية أو أهداف غير أخلاقية".
ويشير عبد إلى أن "الابتزاز الإلكتروني انتشر في العراق بشكل واسع منذ أواخر القرن العشرين، وبدأت تأثيراته تظهر بوضوح خلال السنوات الأخيرة، ما أدى إلى تدهور الأوضاع الاجتماعية والنفسية لعدد كبير من الضحايا".
ويبين الخبير أن "الفئة الأكثر استهدافًا من قِبل عصابات الابتزاز هي فئة الشباب، وخصوصًا من هم في مقتبل العمر، نظرًا لاندفاعهم العاطفي وقلة وعيهم الرقمي، بخلاف الفئات الأكبر سنًا التي تتعامل بحذر ووعي أكبر".
كما يشير إلى أن "طرق الابتزاز متعددة، أبرزها الابتزاز المالي، والعدائي، وأخطرها الابتزاز الجنسي الذي غالبًا ما يكون مدمرًا نفسيًا للضحية".
ومن القضايا التي تعامل معها عبد مؤخرًا، يروي حادثة ضحية عراقية تم استدراجه عبر موقع "فيسبوك" من خلال حساب مزيف لفتاة تحمل صورًا جذابة، وبعد أيام من الحديث والتقرب، طُلب من الضحية إجراء مكالمة فيديو، ليتم تسجيله سرًا، واستخدام تقنية "التزييف العميق" لنقل وجهه إلى جسد عارٍ، ومن ثم تهديده بنشر المقطع ما لم يرضخ للمبتز ويحوّل مبالغ مالية بشكل متكرر.
ويختم عبد حديثه بالتأكيد على أن "معالجة هذه الظاهرة لا تكون إلا عبر التوعية المستمرة، ونشر ثقافة الأمن الرقمي، وتحديث القوانين لمواكبة تطور الجرائم الإلكترونية، داعيًا الجهات المعنية إلى التحرك الجاد من أجل حماية المجتمع من هذا الخطر المتصاعد".
وفي واحدة من القصص المؤلمة المرتبطة بالابتزاز الإلكتروني، روت إحدى العائلات العراقية تفاصيل حادثة تعرّضت لها داخل منزلها، حين أقدم شاب يُدعى "عبدالله" (اسم مستعار)، كانت العائلة قد تبنّته في طفولته بعد أن عثرت عليه في أحد الجوامع خلال أحداث 2005–2007، على ابتزاز بنات العائلة بعد بلوغه سنّ الشباب.
فقد بدأت القصة حين أدرك "عبدالله" أن العائلة التي ربته ليست عائلته الحقيقية، ومع مروره بمرحلة اضطراب عاطفي وسلوكي، بدأ باستغلال علاقته القريبة بابنتي العائلة "نُبا" و"نور الهدى" (أسماء مستعارة)، واللتين كانتا تعتبرانه بمثابة أخ لهما ليقوم لاحقًا بابتزازهما بأساليب مؤذية نفسيًا واجتماعيًا.
بعد فترة من المعاناة تواصلت العائلة مع جهات مختصة، وتم تتبع الشاب وتحديد موقعه وجمع المعلومات الخاصة به، ما مكّن العائلة من اتخاذ الإجراءات المناسبة وإنهاء القضية دون تفاقم أو تصعيد.
ووجهت العائلة رسالة تحذيرية للجميع بضرورة توخي الحذر من أي تصرفات مشبوهة داخل الدائرة القريبة، وعدم السكوت عن أي نوع من أنواع الابتزاز مهما كانت العلاقة التي تربط الضحية بالفاعل.
رغم الانتشار المتزايد لحالات الابتزاز الإلكتروني في العراق، لا يزال البلد يفتقر إلى قانون خاص بالجرائم الإلكترونية، ما يجعل معالجة هذه القضايا تتم بالاستناد إلى مواد من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، خصوصًا المواد (430، 431، 432).
وبحسب هذه المواد يُعاقب كل من يبتز أو يهدد شخصًا بجناية تمس الشرف أو الأمن أو الأسرة بالسجن حتى 7 سنوات، أما في حال التهديد بأمور أقل خطورة، فتصل العقوبة إلى الحبس سنة وغرامة مالية، كذلك تُستخدم المادة 26 لتكييف بعض حالات الابتزاز، وتنص على الحبس من 3 أشهر إلى 5 سنوات أو تغريم الجاني حسب نوع الضرر.
ومع غياب قوانين وتشريعات خاصة تتعامل الأجهزة الأمنية مع الابتزاز الإلكتروني عبر هذه النصوص العامة، في وقت تتعالى فيه الدعوات لتشريع قانون عصري يواكب تطور الجريمة الإلكترونية في البلاد، ويحمي الضحايا بشكل أفضل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

مقالات ذات صلة

برلمانيون في آخر فصل تشريعي قبل الانتخابات: نوم النائب عبادة!
سياسية

برلمانيون في آخر فصل تشريعي قبل الانتخابات: نوم النائب عبادة!

بغداد/ تميم الحسن من المرجّح أن يعقد البرلمان جلستين شكليتين – كأقصى حد – في الأشهر الأربعة المتبقية من عمر المجلس، لحين إجراء الانتخابات المقررة قبل نهاية العام الحالي. وعلى الأغلب، بحسب التقديرات، فإن...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram