بغداد/ تميم الحسن
وراء الخطابات الحماسية في جلسة البرلمان الأخيرة - غير مكتملة النصاب - المؤيدة لإيران، كان هناك حديث عن "شبهات فساد" في ملف الدفاع الجوي.
وغاب نحو 200 نائب عن الجلسة التي كانت مخصصة لمناقشة تأثير التوترات العسكرية بين إيران وإسرائيل على البلاد، و"انتهاك سيادة العراق".
وكانت رئاسة البرلمان قد حاولت قبل أسبوع إنعاش المجلس العاطل عن العمل منذ عدة أشهر، بعقد "جلسات استثنائية"، لكنها لم تنجح حتى الآن.
ودخل البرلمان في عطلة تشريعية لمدة شهرين (تنتهي في 9 تموز المقبل)، لكن قبل ذلك كان قد فشل في عقد أي جلسة.
وتمكن المجلس خلال آخر 7 أشهر من عقد 10 جلسات فقط، فيما حصل النواب على رواتب كاملة تُقدّر شهريًا بنحو 18 مليار دينار.
الانشغال بالانتخابات
ويوم الأحد الماضي، أعلن مجلس النواب عقد جلسة استثنائية يوم الثلاثاء (أول أمس)، لمناقشة "العدوان الصهيوني على إيران" و"انتهاك السيادة العراقية".
لكن الجلسة فشلت، وقرّر البرلمان تحويلها في النهاية إلى "تشاورية"، حيث لم يحضر سوى 140 نائبًا من أصل 329، بحسب تقديرات نواب.
ويُعتقد، وفقًا لنواب، بأن أغلب أعضاء المجلس منشغلون بـ"الإعداد للانتخابات" التي يُفترض أن تُجرى قبل نهاية العام الحالي.
وألقى نواب، أغلبهم من قوى "الحشد"، خطابات مؤيدة لإيران بحسب فيديوات بثت على منصات اخبارية، وتحدث محمود المشهداني، رئيس البرلمان، في الجلسة عن "أسباب دينية" تدفع المجلس لدعم طهران.
وكان "الإطار التنسيقي"، الذي يقود السلطة منذ أكثر من عامين، قد أيّد في اجتماعه الأخير موقف إيران من الحرب، ودعا إلى تظاهرات شعبية.
خطاب ديني
وبحسب ثائر الجبوري، النائب في البرلمان، الذي تحدث لـ(المدى)، فإن المشهداني ذكر أن "الله يقول بأنه يجب على المسلم أن ينصر الدولة المسلمة إذا تعرّضت لدولة أخرى كافرة".
وشرعيًا، أضاف الجبوري نقلًا عن رئيس المجلس، أن "الله أوصى بالجار، وإيران هي جار العراق".
وأعلنت فصائل، مؤخرًا، عن خطة لمواجهة القوات الأمريكية في العراق إذا تدخلت لصالح إسرائيل في الحرب.
وأكد المشهداني، وفقًا للنائب الذي حضر الجلسة، بأن "إيران هي الدولة الوحيدة التي ساعدت العراق لوجستيًا وحربيًا أثناء فترة (داعش)، وأصبح من الواجب أن نقف إلى جانب الحكومة الإيرانية".
وأوضح رئيس المجلس، بحسب الجبوري، أن "إيران متمكنة عسكريًا ولا تحتاج إلى دعم حربي من العراق.. هم مكتفون عسكريًا، لكن يحتاجون إلى دعم سياسي وشعبي من بغداد".
ويزعم النائب، نقلًا عن المشهداني، أن "إيران لا تريد توريط العراق في الحرب أو أعمال مقاومة، حتى لا تعطي مبررًا لإسرائيل لضرب العراق".
وهددت "كتائب حزب الله" و"سيد الشهداء"، و"عصائب أهل الحق"، في وقت سابق، باستهداف المصالح الأمريكية في العراق إذا أُعلنت الحرب.
ويعتقد دبلوماسيون عراقيون أن بغداد قد لا تستطيع ضبط إيقاع تلك الفصائل في حال دخلت واشنطن إلى جانب إسرائيل.
وكانت بغداد قد طالبت الولايات المتحدة بحماية الأجواء من "الانتهاكات الصهيونية" بسبب عدم امتلاك العراق منظومة دفاع.
فساد منظومة الدفاع
وادّعى عضو في لجنة الأمن والدفاع البرلمانية أن مجلس النواب "حذف مداخلته" في الجلسة التشاورية الأخيرة بسبب حديثه عن "فساد في ملف الدفاعات الجوية".
وقال النائب محمد رسول الرميثي في منشور: "في ظاهرة خطيرة من قلب أعلى سلطة في البلد، وهي السلطة التشريعية، تتم مخالفة الدستور والنظام الداخلي، ويتم حذف مداخلتي أثناء جلسة اليوم".
وأضاف: "والتي حمّلتُ فيها رئيس المجلس مسؤولية تعطيل استجوابات مهمة حول ملفات فساد صرّح عنها في لقاءات متلفزة، عن أكثر من سبعة استجوابات كاملة، وأُخذت جميع الإجراءات القانونية، من ضمنها ملف الدفاعات الجوية المعطّل من قبل رئيس المجلس، والذي أمر بدوره بحذف المداخلة للتعتيم على ملفات خطيرة".
وأُعلن في الجلسة الأخيرة للبرلمان عن "تشكيل لجنة مشتركة من لجنتي الأمن والدفاع، والنزاهة النيابيتين، واستضافة الجهات المعنية للوقوف على أسباب التلكؤ في شراء منظومات الدفاع الجوي، فضلًا عن تفعيل ملف الاستجوابات للوزراء تنفيذًا للدستور والنظام الداخلي، والدعوة إلى قطع العطلة التشريعية وإعادة عقد الجلسات".
وكان البرلمان قد أصدر بيانًا، قبل الجلسة، أكد فيه النقاط التالية:
أولًا: تضامن الشعب العراقي مع الشعب الإيراني إثر العدوان الصهيوني السافر على الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ثانيًا: الرفض القاطع لانتهاك الأجواء العراقية واستخدامها في الاعتداء على دول الجوار.
ثالثًا: تأييد جهود الحكومة وإجراءاتها ضد انتهاك الكيان الصهيوني لسيادة الأجواء العراقية، ودعم حراكها الدبلوماسي على الصعيدين الإقليمي والدولي.
رابعًا: ترصين وحدة الصف الداخلي من أجل الوقوف ضد أي تداعيات إقليمية أو دولية.
ويشير ثائر الجبوري إلى أن أغلب النواب الحاضرين في الجلسة الأخيرة هم من "الإطار التنسيقي" (عددهم يفوق الـ180 نائبًا)، و"المستقلين".
"الدور الأهم للحكومة"
في الأثناء، يعتقد حسن فدعم، القيادي في تيار الحكمة، أن عدم اكتمال النصاب في جلسة البرلمان الأخيرة يعود إلى أن "أغلب النواب في عطلة الفصل التشريعي، وفي العطلة عادةً يكون النواب في محافظاتهم ومدنهم".
وأضاف فدعم، وهو نائب سابق عن التيار الذي يتزعمه عمار الحكيم، لـ(المدى): "بالتأكيد حضور النواب يكون إلى بغداد وإلى الجلسة أثناء الدوام الرسمي لمجلس النواب، وليس في العطلة".
ويقول النائب السابق إن "من الناحية القانونية، الحكومة هي المُخوّلة دستوريًا باتخاذ المواقف المتعلقة بالأزمات والتوترات العسكرية، ومجلس النواب يعقد جلسات لدعم خطوات الحكومة".
ويؤكد فدعم أن "الحكومة أخذت دورها وقدمت شكوى إلى مجلس الأمن بخصوص اختراق الأجواء العراقية، وتدعم إيران باعتبارها دولة جارة".